يثير ما جرى ويجري في أقطارنا العربية حاليا من تبدلات وتحولات تلامس بقوة أساسيات مفاهيمنا تجاه أهداف الأمة العربية في الوحدة والحرية والتقدم الاجتماعي، الكثير من التساؤلات حول صدقية هذه الأهداف، ومدى استجابتها لما تواجهه الأمة من تحديات. وهل هذه الأهداف كانت المسئولة عن سلسلة الإخفاقات والنكسات التي حلت على الأمة عبر عدة عقود الآن.
وهناك عدة زوايا يمكن النظر منها الى هذا الموضوع، وقد يحتاج الى عدة مراجعات مطولة لتوضيح جوانبه، ألا أن الزاوية التي أود تناولها هنا هي الحكم على مدى صدقية وسلامة هذه الأهداف من خلال ما تتعرض له من مواجهات ومخططات لتحطيمها وتحريفها كمعيار لتلك الصدقية والسلامة. ونحن لن نبدأ هنا من البداية وإنما من النهاية. والنهاية تتمثل هنا في المشروع الذي طرحه الرئيس الأمريكي جورج بوش في إقامة منطقة للتبادل الحر بين الدول العربية (والكيان الصهيوني) والولايات المتحدة في غضون عشر سنوات. وربط بوش عرضه لإقامة منطقة للتجارة الحرة بان تستحدث حكومات المنطقة إصلاحات ضرورية مثل مكافحة الفساد والارهاب وحماية حقوق الملكية وتحسين مناخ الاستثمار.