من المبادىء والقيم الأساسية التي تعلمناها في العمل الوطني على الصعيدين السياسي والفكري، وترسخت مع الوقت في العقول والضمائر هي تلك المبادىء المتعلقة بالبعد الأخلاقي في العمل السياسي والذي يتلخص في عدم جواز مبدأ الغاية تبرر الوسيلة أو غياب أية ضوابط تحكم العمل السياسي، وهذا البعد الأخلاقي في السياسة يعني في الواقع الصدق مع النفس والآخرين ويعني قبل ذلك الصدق مع الوطن، لذلك يتعاظم إيماننا بهذا المبدأ مع التجربة والوقت، في حين نرى أن السياسة عند بعض الأفراد والقوى تعني غياب هذه القيم والمبادىء وطغيان مبدأ «المناورات» و«التكتيكات» واعتبارها فن الوصول إلى المكاسب السياسية والطائفية بأي ثمن حتى لو كان الثمن هو بيع الوطن… رغم أن المفاهيم الوطنية الصحيحة الصادقة تقول إن البعد الأخلاقي في العمل السياسي هو دائما حصن قوي ورئيسي في مواجهة كل أنواع الفساد المستشرية والضاربة في أرجاء الوطن العربي – والتي هي مسئولة (أنواع الفساد) مع القمع والاستبداد السياسي والاجتماعي والثقافي عن تقويض مجتمعاتنا من الداخل وتجويف قوانا مما يجعلنا فريسة سهلة لكل طامع أو لكل مشروع استعماري يتخفى وراء شعارات ويافطات زائفة.
هذا الالتزام الخلقي في العمل السياسي ماذا يعني؟ هو باختصار يعني أن القوى أو الأفراد مطالبون بأن يتطهروا من القيم والأفكار الفاسدة المتخلفة مثل الكذب والرياء والنفاق السياسي والعمالة للأجنبي واستبدالها بقيم وأفكار تشكل نقيضا لها مثل الإيمان بالصدق والشرف الوطني وبالعدالة والحرية والتقدم ورفض الخنوع والذل والتخاذل أو التواطؤ مع العدوان والاحتلال وكذلك الإيمان بقيم الحق والأمل في قدرة هذه الأمة على اجتياز المصاعب والمحن مهما تكالب عليها الأعداء، ويأتي في صدارة تلك القيم والمبادىء شرف الانتماء للوطن وللأمة والوطنية المخلصة التي ترفض المساومة على الوطن أو القبول بالتآمر عليه وبيعه في سوق النخاسة السياسية للقوى الأجنبية والمعادية لمجرد اختلافنا أو معارضتنا للنظام السياسي الحاكم في هذه الدولة العربية أو تلك.