الانتخابات تحت الاحتلال الأجنبي دعمٌ للاحتلال وتكريس لقوانينه
يحاول المحتل دائماً إضفاء الشرعية على احتلاله بادعاءات التمدين والديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وأحياناً باسم العمل للتخلص من الدكتاتورية، ويسعى المستعمر المحتل لإيجاد قوى محلية تقبل بمقولاته سواء بالتعيين أو بإجراء انتخابات في ظل الاحتلال وفقاً لقوانينه حيث يقول المستعمر: توجد حكومة ديمقراطية منتخبة وعلينا التعامل معها معتبراً أن الانتخابات تفرز من يمثل الشعب المحتل، ويدعي من يقبل ذلك من الشعب المحتلة أرضه من الوجهاء وأصحاب المصالح والذين لا يرغبون في المقاومة أنهم يعملون كل ذلك ويقبلون التعاون مع المحتل بحجة وقف سفك الدماء.
وهذه العملية المزورة أثبتت فشلها دائماً حيث تقوم المقاومة الشعبية للمحتل بكافة الأشكال من الكلمة حتى الكفاح المسلح ومن ضمنها العمليات الاستشهادية حيث تقدم قوى المقاومة تضحيات ضخمة تفرض تمثيلها لشعبها أثناء الاحتلال خاصة أن هذه التضحيات تشجع قوى الشعب الحية للالتفاف مع المقاومة ومع الزمن تصبح خسائر المستعمر كبيرة مما يضطره إلى التفاوض مع قادة المقاومة التي كان يطلق عليها مسمى قوى الإرهاب قبل هزيمته.
هذا جرى مع كل الشعوب التي ناضلت لتحرير أوطانها في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وفي هذه الأيام تجري استعدادات لإجراء انتخابات في ظل الاحتلالين الأمريكي للعراق والصهيوني لفلسطين لإيجاد قوى يتعامل معها الاحتلال وهي تدعي الشرعية باسم الانتخابات، لكن قوى المقاومة في العراق مثلاً تضرب كل يوم قوى المحتل الأمريكي وأعوانه ضربات موجعة وتلتف حولها قوى الشعب الحية في العراق العربي رافضين قانون بريمر الطائفي وكل الأوامر الأمريكية وبناء الأجهزة في ظل الاحتلال وخاصة الأمنية والنصر حتماً سيكون لقوى المقاومة مهما طال الزمن ومهما عظمت التضحيات.
وكما يجري في العراق تقاوم القوى الحية للشعب العربي الفلسطيني العدو الصهيوني الغاصب منذ عشرات السنين وتقدم التضحيات الهائلة رغم نسف البيوت وقتل أبناء الشعب وكوادره القيادية واقتلاع أشجاره وسجن آلاف من المناضلين والمناضلات في سجون الاحتلال الصهيوني.
بالرغم من كل هذا الإجرام الصهيوني فإن المقاومة في فلسطين مستمرة بكافة الأشكال والتي ستنتصر كما انتصرت المقاومة في كل الأحوال وفي كل البلدان.
إن القانون الرئيسي هو أن لكل احتلال مقاومة مهما كان شكل المحتل ومزاعمه عن التمدين والحضارة والديمقراطية وحقوق الإنسان.
إن الإمبريالية الأمريكية المتوحشة ومن حالفها من صهاينة وقوى محلية وأوروبية مصيرها إلى مزبلة التاريخ مثل قوى الاستعمار القديم البائدة الفرنسية والبريطانية والبرتغالية والإسبانية، بالرغم من كل ادعاءاتها كذباً بالحرية والديمقراطية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان والمساواة فلا قيمة لكل ما تدعيه وهي تقوم بسن القوانين العرفية في بلادها وتعمل على إرهاب العالم وتدعم كل القوى المعادية لشعوبها من أجل النفط والأسواق والسيطرة على العالم. ولهذا فإن الإمبريالية الأمريكية وأعوانها سيخسرون في العراق وتنتصر المقاومة مهما طال الزمن.
الانتخابات الفلسطينية تكرس الاحتلال الصهيوني وقوانينه:
أما مقاطعة الانتخابات في فلسطين فأمرٌ أكثر وضوحاً خاصة أنها تتم في ظل اتفاقية أوسلو التي أعطت السيادة للقانون "الإسرائيلي" والأوامر العسكرية "الإسرائيلية" ولا يسمح للمجلس التشريعي بسن أية قوانين تعدل أو تلغي القوانين السارية أو الأوامر العسكرية الصهيونية لأنها تفوق ولاية المجلس حسب ما جاء النص واضحاً في الاتفاقية "الإسرائيلية"-الفلسطينية المرحلية حول الضفة الغربية وقطاع غزة التي وقعت في 28 أيلول 1995 في واشنطن والمترجمة من قبل مركز القدس للإعلام والاتصال الذي يديره غسان الخطيب الوزير الحالي في سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني وعضو وفد مدريد حيث جاء في الصفحة (24) من الاتفاقية تحت عنوان المادة الثامنة عشر: الصلاحيات التشريعية للمجلس لقد جاء في البند الرابع (أ) : التشريعات بما فيها التشريعات التي تعدل أو تلغي قوانين سارية أو أوامر عسكرية، والتي تفوق ولاية المجلس، أو التي تكون مخالفة لأحكام إعلان المبادئ، أو هذه الاتفاقية، أو أي اتفاقية التي يمكن التوصل إليها بين الطرفين خلال المرحلة الانتقالية، لن تكون سارية المفعول وستكون باطلة.
البند (ب): على رئيس السلطة التنفيذية للمجلس عدم إصدار تشريعات تبناها المجلس إذا كانت هذه التشريعات تقع ضمن أحكام هذا البند.
وتجري الانتخابات الفلسطينية في ظل هذا النص الموجود في الاتفاقية المذكورة آنفاً والتي تعني تكريس سيادة القانون "الإسرائيلي" في الضفة والقطاع، فكيف يمكن لرئيس السلطة وأعضاء المجلس التشريعي أن يكونوا أحراراً وهم يكرسون سيادة القانون الاحتلالي للبلد، فمثلاً اتخذ العدو "الإسرائيلي" قراراً بضم القدس إلى احتلال 48 وأوامر الإبعاد ومصادرة الأراضي وكل الأوامر العسكرية. فالمجلس التشريعي ورئيس السلطة ملزمان بهذه القرارات ولا يستطيعان إلغاءها، ويوجد الكثير من هذه القرارات والأوامر العسكرية "الإسرائيلية" التي تثبت القانون الاحتلالي للبلد.
وهكذا فإن أي انتخابات للمجلس التشريعي أو لرئيس السلطة الفلسطينية معناها الواضح القبول بالاحتلال وتكريسه واعتبار المقاومة إرهاباً وضربها، هذه المقاومة الشعبية البطلة التي تقدم أعظم التضحيات في فلسطين هي الممثل الحقيقي للشعب العربي الفلسطيني والتي ستنتصر مهما طال الزمن أو قصر.
فمقاطعة الانتخابات واجب وطني وقومي وإنساني كما أن المقاومة واجب وطني وقومي وإنساني وصولاً لتحرير فلسطين وعلى كل الشرفاء أن يدركوا أن المعركة طويلة وأن شعبنا مثل كل الشعوب سيناضل ويقاوم حتى النصر بالرغم من كل الظروف الصعبة التي يعاني منها النضال الفلسطيني في هذه الأيام.
إن مقاطعة الانتخابات في كلٍ من فلسطين والعراق هو الخط المقاوم للاحتلالين الأمريكي والصهيوني في العراق وفلسطين بالتحالف مع أحرار العرب وأحرار العالم.