تقي محمد البحارنة
تحية للكاتبة المداومة مريم الشروقي التي تكتب بأنفاس محبة للبحرين وأهلها الطيبين، ولقد أثار مقالها في «الوسط» (العدد 5317) الرغبة في تعليق مقتضب على ما كتبته تحت عنوان «ماذا تريد المعارضة؟»، ومن أسباب اهتمامي بما كتبت، أنها استطاعت أن تجد أرضية مشتركة تمهد لقيام مصالحة وطنية شاملة، على أساس أن جميع الأطراف –وهي الحكومة والمعارضة والشعب- تتفق على مبدأ «تحقيق الأمن والأمان والاستقرار السياسي والاقتصادي للبحرين، كما تريد إرجاع الاستثمار. الاستثمار في المال والطاقات البشرية والثقافة والتعليم والاقتصاد»، ثم دعت إلى إنهاء الأزمة «بمصالحة ونقاش وحوار جاد ليخرجنا من أزمة موجودة أو مستقبلية» مستشهدة بمصطلح «تنوير البصيرة» الذي استخدم لإنهاء الصراع في ايرلندا الشمالية.
وأعتقد أنه من المفروض أن تكون جميع الأطراف مع مكونات شعب البحرين، متفقة على تلك الأرضية المشتركة، وأن يقتصر اختلاف الرأي على التفاصيل ووسائل التنفيذ. ومبدأ الجلوس على أرضية مشتركة وإيجاد الحلول جميل، جذاب في حد ذاته، لا يختلف فيه اثنان ولا «يتناطح فيه عنزان» –كما يقول المثل السائد- فإذا أريد تطبيقه فهناك دائماً صعوبات تذر بقرونها – في رأيي المتواضع بأدوات مثل «لو» و»لكن» و»إذا» وما شابهها من الاستثناءات التي تعرقل المسير نحو الهدف المشترك.
يقول فيلسوف المعرة أبو العلاء المعري في مثل ما ذكرت:
فيا دارها بالخيف أن مزارها
قريبٌ ولكن دون ذلك أهوال
وأنا لا أقول أن دون المصالحة الوطنية «أهوال»، ولكن أسميّها صعوبات وعقبات. وفيما يلي تلخيص لتلك الملابسات حسب اجتهادي الشخصي، ولا علاقة له بأي طرف من تلك الأطراف:
1 – في ظني أن الجانب الرّسمي والجمهور المؤيد لموقفه – وله وزنه الكبير الذي لا ينكر، لا يثق بنوايا المعارضة وسلميّتها شارعاً كانت أم جمعيات سياسية، ولا يطمئن إلى التصريحات بغير ذلك. والأسباب المعلن عنها كثيرة – صحّت أم لم تصح موضوع آخر- وأهمها الاتهام بوجود علاقة مشبوهة مع الخارج، وإطلاق صفة «الإرهاب» على الشارع المعارض. ورفع قضايا في المحاكم بشأن وجود مقاومة وسلاح. وشكوك أخرى أوكل أمرها إلى النيابة العامة والقضاء.
2 – تحوّلت مطالب الشارع المعارض عند البعض بدوافع الغضب والحزن والإحباط وتأجيج العواطف، من مطالبة بإصلاح النظام إلى مناداة «بالتسقيط»! دون تدبّر للعواقب.
3 – أن عدم ثقة الجهات الرسمية بنوايا المعارضة في أجواء من التوتر والاصطفاف، ربما يتخذ ذريعةً لتعطيل بعض توصيات لجنة تقصي الحقائق خصوصاً فيما يتعلق بالمجال السياسي والحقوقي ريثما تطمئن القلوب. وهذا –للتوضيح – مجرد استنتاج قد يصح أو لا يصح.
4 – لا أظن أن وثيقة مطالب الإصلاح أو البيان المشترك الذي رفعته الجمعيات السياسية السلمية المعارضة منذ أمد –لا أظن أنها غير دستورية أو أنها غير مشروعة أو أنها تتعارض مع المواثيق الدولية. وتنازل بعض تلك الجمعيات عن بعض من مطالبها لا يكفي فيما أرى – إذا وضعنا ميزان الثقة والأمان والاطمئنان بين جميع الأطراف في الحسبان. والأرجح أن يكون التنازل أو إعادة النظر، حين يتوارى جدار عدم الثقة وتفتح أبواب الحوار الجاد الهادف للتوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف.
5 – من الملاحظ أن الجمعيات السياسية تكاد تكون منفصلةً عمّا يجري في الشارع المعارض، وأنها في وادٍ، والشارع المعارض في وادٍ آخر. وحين تتطابق مطالب الشارع المعارض السلمي مع مطالب الجمعيات السياسية عندئذٍ بالإمكان أن يتفاءل الجميع بالحل المناسب، إن صحّت تمنياتي وأرجو أن تصح.
وأكرّر القول إن كل ما أوردته من اجتهادات خاصة، لا تمثل وليس لها أية علاقة بطرف من الأطراف. أن شعوري بالمرارة وحبي لخير وطني البحرين، وعلم البحرين يرفرف فوق جميع الرؤوس بالحب والطمأنينة والرخاء والتقدم في جميع المجالات، هو دافعي الوحيد في هذا التعليق على مقال الأخت المحبة لوطنها مريم الشروقي، أملاً أن تهب رياح المواطنة الحقيقية والمصالحة الوطنية، وأن تعود اللحمة والوفاق من جميع الأبواب، ومن كلمات المخلصين لسد كل الثغرات، لينعم وطننا الحبيب بالحب والسعادة والأمن والرخاء.
العدد 5319 – الجمعة 31 مارس 2017م الموافق 03 رجب 1438هـ