حسن المدحوب
دعونا نسأل أنفسنا، ماذا يعني أن تبلغ أعداد العمالة الأجنبية في البحرين 595 ألف شخص حتى منتصف 2016؟ هذا يعني أن من يتنعمون بخير البلاد من غير أهلها يوازون عدد الشعب البحريني كله، برجاله ونسائه وشيبه وشبابه ورضعانه، في الوقت الذي يقبع الآلاف من أبناء البحرين تحت نار البطالة والعطالة، والعجيب أن غالبية هؤلاء العاطلين من أصحاب الشهادات العليا من الجامعيين.
دعونا نسأل مجددا، ماذا يعني أن يبلغ متوسط عدد العمال الأجانب الذين يجدون أعمالاً لهم في البحرين 4727 أجنبياً كل شهر، في حين أن لدينا وفق احصاءات العام 2015، ما مجموعه 6946 عاطلاً بحرينيا، بينهم 3881 عاطلاً من حملة الشهادات الجامعية فأعلى، أي أن 55 في المئة من عاطلي البحرين هم من الجامعيين وأصحاب الشهادات العليا من الماجستير والدكتوراه، وهؤلاء بطالتهم ليست وليدة أشهر، بل هناك المئات منهم مهملون في بيوتهم منذ سنوات ينتظرون فرج ربهم!
هل هناك دولة في العالم لديها مثل هذا الواقع وهذه الأرقام؟ هل هناك دولة في العالم يظل أبناؤها سنوات عدة، يعانون من البطالة في الوقت الذي يحظى فيه غيرهم بآلاف الوظائف شهريا؟ فبحسب الأرقام التي أمامنا، يبدو أن الحكومة لو أرادت لأنهت معاناة كل عاطلينا البحرينيين في شهر ونصف فقط.
قد يقول قائل إن أغلب العمالة الأجنبية التي تحصل على أعمال في البحرين، هي من العمالة الرخيصة، وفي المهن الدنيا التي لا يقبل عليها البحرينيون، ولكن إذا علمنا أن المئات من الوظائف التي تتوافر لهؤلاء يحلم بها آلاف البحرينيين؛ لأن المئات منها تعد من المهن ذات الأجور الأكثر ارتفاعا في البحرين.
ففي الوقت الذي فيه أبناء الوطن وشبابه يجدون ويجتهدون ويحفرون في الصخر من أجل تعليمهم وتفوقهم، إلا أن الكثيرين منهم لا يحصلون على وظيفة تناسب مؤهلاتهم، وتغلق أمامهم أبواب الأعمال والوظائف، وفي المقابل نرى الآلاف من غير البحرينيين يدخلون في سوق العمل كل شهر 4700 وظيفة تخلق لهؤلاء القادمين من خارج وطننا شهريا، ولكننا لا نستطيع أن نوفر مئات الوظائف الملائمة لأصحاب الشهادات العليا والمؤهلات الجامعية، ما هي إذن الغربة، اذا لم تكن موازية لهذا الواقع أصلا!
نعم، خير بلادنا يسقى به الغريب الماء الزلال، هو عذاري تماما، التي تسقي البعيد. أليس مؤلما أن نرى خير هذا البلد يذهب خارجها، في الوقت الذي لدينا الآلاف ليس لديهم وظائف أو أعمال تليق بهم.
استمرار معاناة العاطلين البحرينيين ليس له أسباب منطقية ولا موضوعية في ظل ما نقرأه من أرقام وما نشاهده على الأرض، لأننا نرى بالأرقام كيف يحصل غير البحرينيين على الوظائف بكل يسر وسهولة، ولو أرادت الحكومة أن توظف هؤلاء، لما بقوا يوما واحدا في بيوتهم عاطلين، ولكنها البحرين، عفوا إنها «عذاري»!