الدكتور غالب الفريجات
ليس هناك من عربي شريف ولا فلسطيني في عموم أنحاء فلسطين والعالم من يقبل بسلوك سلطة أوسلو، ولا باتفاقية أعادت النضال الوطني الفلسطيني إلى الوراء أكثر من خمسين عاماً، في اعترافها بالحق التاريخي الفلسطيني للصهاينة المغتصبين، والدوس على الحقوق المشروعة لشعب شردته الصهيونية والامبريالية العالمية في كل أنحاء المعمورة، لأن هذا الكيان الغاصب لا يعترف لا بحق العودة، ولا بالقدس عاصمة تاريخية، ولا بحقوق اللاجئين الذين عانوا، ومازالو يعانون من شظف العيش وقسوة الحياة، لاقامة وطن قومي لليهود على أرضهم، حتى سلطة أوسلو وكل فرسانها لا يملكون قرارهم بأيديهم، ولا يستطيعون الحركة إلا بتعليمات الجندي الصهيوني المرتزق على الأرض، وبشكل خاص على معابر الدخول إلى فلسطين، والكيان الصهيوني مجرد وجوده عدوان، ولا يجوز التعامل معه إلا من خلال المقاومة، فالتعامل معه بأي وسيلة من الوسائل سواء أكانت رسمية أو شعبية هي خيانة لمبادئ الأمة العربية.
الحياة على الأرض الفلسطينية باتت تطحن الفلسطيني مابين مطرقة الاحتلال وسدانة السلطة، من أجل تهجير أكبر عدد ممكن من أبناء فلسطين لتخلو فلسطين من مواطنيها، ليتمكن الصهاينة من تنفيذ كامل مشروعهم الذي يعتمد على اغتصاب الأرض دون مواطنيها، ليحل مكانهم مرتزقة من شتى أنحاء العالم، لاقامة الامبراطورية الصهيونية، وسلطة أوسلو تعيش في وهم الجلوس والتفاوض مع عتاة الصهيونية، لمنحهم بعض ما تجود به أنفس المجرمين.
لم يعد هناك من خيار أمام شباب فلسطين الذين ولدوا في زمن الاحتلال الصهيوني، واحتلال سلطة أوسلو بعد أن فقدوا الأمل والثقة في هذه السلطة المنبطحة أمام عنجهية نتنياهو وأمثاله، في عدم التحرك باتجاه المواجهة في وجه هؤلاء الصهاينة المغتصبين إلا الانتفاضة، التي تستهدف كل الصهاينة ومرتزقتها على الأرض على امتداد الوطن، فالانتفاضة توحد فلسطين والفلسطينيين في عموم الأرض الفلسطينية، والانتفاضة تعيد الكرامة المهدورة من قبل الاحتلال والسلطة التي تدفع باتجاه السير في ضوء تعليمات هذا الاحتلال، والتي لم تعد تملك من أمرها شيئاً، فهي اعتراف شرعي لحق اليهود في فلسطين كما يزعمون في هلوساتهم الدينية.
الانتفاضة الثالثة باتت مطلباً وطنياً ضرورياً لمواجهة هذه المعاناة التي يعيشها المواطن على الأرض، وهي حماية له من سياسة التجويع التي تعد مقدمة لسياسة التهجير، واخلاء الأرض الفلسطينية من أصحابها الشرعيين، كما هي الرد الحقيقي لوجود الاحتلال، فلا يمكن لأي محتل من مغادرة الأرض المحتلة إلا بالقوة، ولا يمكن لأي عاقل أن يقنتنع بأن الحق يمكن أن يمنح، فالحق ينتزع بالمقاومة، ولا سبيل لاسترداد الحقوق في كل تجارب العالم التاريخية إلا من خلال المقاومة، وما تقوم به سلطة أوسلو من ممارسات هو احباط لدور الشباب في المقاومة، عندما تقول لا يجوز أن تجرنا "اسرائيل" إلى العنف، فهذا العنف مقاومة مشروعة لاستعادة الحقوق المغتصبة، وما من شعب حر كريم يقبل أن يعيش في كنف الاحتلال أمام اغتصاب أرضه، وهدر كرامته وضياع حقوقه.
في الانتفاضة ولادة قيادة جماهيرية شعبية تقود زمام المقاومة، وتقف بالمرصاد لكل تحرك صهيوني على الأرض، وتبرمج عمليات المقاومة، وتعطل حركة الكيان الصهيوني السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، ولا تسمح لأحد من اختراق جبهة الشعب المقاوم، فأعين الجماهير ترصد كل حركة على الأرض، وتطهر الأرض من كل المتعاونين من المرتزقة، والمتعاونين مع سلطة الاحتلال، وتنهض بالكرامة، وتعلي من دور الوحدة والتضامن، وتدفع باتجاه أن يمتلك الشعب سلطته بيديه، فهو صاحب الحق الأول في تقرير مصيره، الذي لن يكون إلا من خلال هزيمة العدو في أرض المعركة.
ليعلم كل عربي أن من واجبه الوقوف مع أبناء فلسطين في المقاومة، وتباشير اندلاع الانتفاضة الثالثة، فنحن على الضفة الأخرى من الأردن واجبنا الدعم الأكبر لأن الخطر الصهيوني يهددنا وجوده، وعلى الذين يتاجرون بدعاية الخوف من الوطن البديل أن يعلمو أن الفلسطيني الصامد على أرضه هو من يحميهم من الوطن البديل لا بطولاتهم الدينكاشوتية، فالكيان الصهيوني يحلم باقامة وطن بديل للفلسطينيين لتخلو له كامل فلسطين، ولكن من يقف في وجهه هذا الصمود البطولي لأبناء فلسطين، الذين يتجذرون في أرضهم رغم كل ما يعانوه، وهم بانتفاضتهم المباركة باذن الله سيحررون الوطن الفلسطيني، ويحررون العرب من الخطر الصهيوني، لهذا فالشباب الفلسطيني المقاوم يقف في الخندق الأمامي دفاعاً عن فلسطين وكل العرب، ورحم الله الشهيد صدام حسين عندما كان يدعم كل شهيد وجريح على الأرض الفلسطينية، لتعزيز صمود أبناء فلسطين وتعظيم دور المقاومة التي يقومون بها.
الانتفاضة الثالثة على الأبواب، وعلينا جميعاً التخندق في خندقها، فهي طريق أمتنا إلى النصر والتحرير، وهي مقدمة لانتفاضة كل أبناء الوطن العربي في كل بقعة عربية من الوطن العربي، للانتفاضة في وجه المحتلين والمعتدين في كل من العراق وسوريا واليمن وليبيا، وكل أرض تعاني من العدوان الصهيوني الامبريالي الفارسي.