حسن المدحوب
ليس تقليلاً من شأن أصحاب السعادة النواب، وليس قدحاً في شخوصهم المقدرة، ومقاماتهم المحفوظة، لكنه حديث الواقع الذي يفرض نفسه هذه الأيام، التي تشهد لغطاً كبيراً في ملف رفع أسعار اللحوم على الكل بحرينيين وغير بحرينيين.
الكل يسأل «وين النواب؟»؛ لأننا قد نفهم سبب صمت الحكومة بعد قرار رفع الدعم عن اللحوم. لكن، كل البحرينيين وحتى غير البحرينيين يسألون عن سر غياب أي صوت فاعل لأصحاب السعادة النواب لتوضيح موقفهم مما يجري، فهل هم فعلاً ساكتون؛ لأنهم عاجزون أم راضون أن مشغولون بأنفسهم وسفراتهم خلال إجازاتهم التشريعية التي زادت على الأربعة أشهر، أم …؟.
عن نفسي وعلى رغم كوني متابعاً لحراكهم البرلماني طوال الدور الأول، لا أجد سبباً مقنعاً لسكوتهم عن بيان موقف واضح من كل هذه البلبلة لدى الناس، هؤلاء الناس الذين يمثلونهم والذين ذهبوا لصناديق الانتخابات بشعار «صوتك تقدر»!
صحيح أن النواب لا يملكون أدوات رقابية تمنعهم من تمرير قرار حكومي كهذا، لكنهم يملكون أدوات سياسية وتشريعية قوية لو امتلكوا إرادة استخدامها، لكن ذلك لا يبدو أنه وارد، فالنواب الأربعون لم يفكروا حتى الآن في إصدار بيان واحد يجمعهم يعلنون فيه موقفهم صراحة من قرار رفع الدعم عن اللحوم.
إذا كان النواب خائفون، فعلامَ خوفهم، رواتبهم الشهرية محفوظة ومزاياهم باقية، وتقاعدهم بعد أربع سنوات لم يُمس ولا تستطيع الحكومة وفق القانون أن تمنعهم منه، أما إذا كانوا موافقين للحكومة على قرارها، فليخرجوا ويواجهوا الناس ويشرحوا لهم سبب دعمهم هذا القرار والفوائد التي سيتحصل عليها الناس منه!
النواب دائماً يزعلون إذا ما قال الآخرون عنهم أنهم «ريموت كنترول بيد الحكومة، أو تم وصفهم بأنهم «بصامون»، وهو وصف نتحفظ عليه، لكن نحتاج إلى أن يحدثنا النواب أنفسهم عن سر كل هذا التماهي مع الحكومة في جميع قراراتها أو على الأقل الصمت عنها؛ لأن الناس يحتاجون إلى تفسير لهذا الصمت الغريب ممن انتخبوهم ليكونوا صوتهم الذين يتحدثون به أمام السلطة التنفيذية، ويحكموا رقابتهم على أدائها وفقاً للدستور والتشريعات الوطنية.
سابقًا كان الناس يسمعون صخباً كبيراً من النواب أمام القرارات الحكومية التي تمس المواطنين والتي كانت غالبا ما تهدأ مع الأيام وتنقلب معادلة الرفض إلى موافقة تامة، لكنهم اليوم، حتى هذا الصخب والضجيج الصوتي لا يسمعونه!