الدكتور غالب الفريجات
عشرات الآلاف لا بل الملايين من العرب، وبشكل خاص من العراق وسوريا، يغادرون بلادهم هرباً من القتل والتدمير، وفقدان الأمن والأمان، ففي العراق كانت ديمقراطية الادارة الامريكية، ديمقراطية المدفع والدبابة والصاروخ قد دمرت وطناً كان ينعم بالأمن، وعمدت إلى تمزيق نسيج المجتمع، والقضاء على نظامه السياسي، واغتيال أبنائه، حتى وصل بالعهر السياسي والتدني في مستوى الاخلاق السياسية إلى اعدام زعيم العراق الوطني القومي، وما إن فشلت امريكا في العراق بسسب عنف المقاومة العراقية الباسلة، حتى سلمت العراق لملالي الفرس المجوس المهووسين في السيطرة على العراق ونهب ثرواته، فكانت حكومة المنطقة الخضراء بتوجهاتها الطائفية المقيتة، ففي ممارساتها زادت بشاعة سلوكياتها عما مارسته أمريكا بدعم وتأييد ومساندة لاأخلاقية من حكام طهران المتخلفين، فكان تشريد الملايين من أبناء العراق، الذين فقدوا الكرامة التي كانوا يتمتعون بها قبل الغزو والاحتلال، فباتوا يبحثون عن هذه الكرامة التي افتقدوها في وطنهم في بلاد أخرى خارج حدود العراق، فتشتت العراقيون في بلاد العالم باحثين عن الأمن والأمان ولقمة العيش الكريمة.
مسلسل القتل والدمار الذي أصاب سوريا والسوريين كان من صنيعة أيادي النظام المتشبث بالسلطة على جماجم المواطنين، ودمار الدولة والوطن السوري، وتمزيق سوريا وتدمير بنيتها التحتية، إلى جانب ممارسات النظام القمعية ممارسات التنظيمات التكفيرية الارهابية، كلاهما قاتل مجرم في حق سوريا والسوريين، فكانت النتيجة أفواج من السوريين هربوا من وطنهم، طلباً للحياة الكريمة، وللكرامة الانسانية التي افتقدوها، بعد أن فشل النظام السياسي من القيام بدوره في خدمة الشعب، وتحقيق مطالبه المشروعة.
ملايين العراقيين هاجروا من وطنهم بحثاً عن كرامة افتقدوها في العراق، وخوفاً على أبنائهم، بسبب ممارسات النظام السياسي الطائفي، الذي كان همه تشريد الملايين لتحقيق مآرب وأهداف اسياده في قم وطهران، وليتسنى له نهب ثروات العراق، والعبث بمقدراته، ونهب خيراته، فبات الهدف اقالة الشعب لتبقى السلطة، عوضاً عن اقالة السلطة ليتسنى للشعب أن يختار بارادته السلطة التي يريد، ونظام الحكم الذي يتوافق مع تحقيق أهدافه، وفي المقدمة منها توفير الأمن والأمان، وتحقيق الخدمات المدنية، وتحقيق العدالة المفقودة، وتحقيق التنمية المنشودة، فهذه سمات النظام السياسي الذي يحظى بارادة شعبية، دون أن تكون فيه رائحة عرقية أو طائفية تعمد لتمزيق الوطن والمجتمع والدولة.
ملايين السوريين الذين يتدفقون على اوروبا كلاجئين أليسوا وصمة عار في جبين النظام السياسي؟، والنظام يتحدث عن أنه باق برغبة الشعب، فماذا بقي من الشعب حتى يرتهن رأس النظام لإرادته؟، فهل السلطة هذه التي يلهث النظام وراء التشبث بها تساوي كل هذا الدمار والقتل والتشريد؟، أم أن الحقيقة تقتضي أن يتنحى هذا الرئيس، ليبقى الشعب في وطنه قادراً على اختيار من يحكمه، عوضا عن وصاية حاكم لا يهمه لا الشعب ولا الوطن ولا الدولة، فكلها إلى الجحيم في سبيل كرسي السلطة التي يتشبث بها وعلى حساب أبناء سوريا، وفقدانهم لكرامتهم المفقودة، باحثين عن هذه الكرامة المفقودة في أوطان غريبة عنهم.
الكرامة الانسانية مطلب انساني، ومن حق كل مواطن أن يتمتع بها في وطنه، والنظام السياسي العاجز بارادته أو بغيرها عن توفير الكرامة للمواطنين عليه أن يتنحى، ليترك الخيار للشعب أن يختار من يحكمه، فليست هذه الأنظمة الفاسدة المهترئة وصية على ارادة الشعوب، وليس لها الحكم الالهي في ديمومة بقائها في السلطة، فكفى عهراً سياسياً لهذا النوع من الانظمة، وكفى اغتصاباً للسلطة لأنظمة باتت مرفوضة من الجماهير الشعبية، وكفى القتل والتدمير الذي سببه وجود هذه الأنظمة الفاشلة والفاسدة في حق أبناء الشعب.
النظام السياسي غير القادر على تحقيق كرامة لمواطنيه على أرض الوطن حري به أن يتنحى، ويترك الخيار للشعب في أن يختار من يريد لادارة شؤون حياته، فهذه الملايين من البشر المهاجرة إلى بلاد الغرب بحثاً عن كرامة وحياة كريمة، تستحق أن تحصل على كرامتها في وطنها، فهي الأحق في الحياة الحرة الكريمة من السلطة السياسية الجاثمة على صدر الوطن، ألا يكفي هذه الأنظمة ملايين المشردين والقتلى والجرحى، فهل يصح الحكم على جماجم البشر وفقدان المواطنين لكرامتهم، وتدمير الحياة على أرض الوطن، فتباً لنظام سياسي لا يرى في فقدان كرامة مواطنيه ناقوس خطر ينذر بسرعة تخليه عن السلطة، ولا يرى في تدمير وطن وقتل مواطنين عاراً يسود وجهه حتى يصل إلى مرحلة الخزي والعار الذي يغتسل به.