جميل المحاري
واقع مظلم ومستقبل أسود وأرقام وإحصائيات عن واقع سوق العمل في البحرين، تشي بما يمكن أن يعيشه أبناؤنا أو الجيل المقبل في المستقبل القريب جراء الغياب الكامل لأية سياسة أو تخطيط لتكافؤ فرص العمل بين المواطنين والعمالة الأجنبية، طرحها عضو الأمانة العامة للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين سيد هاشم سيد سلمان قبل أيام خلال ندوة عقدت بجمعية الوفاق، من دون أن تلقى أي تفاعل أو توضيح من قبل الجهات المعنية وخصوصاً وزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل، وصندوق العمل وكأن ما طرح من إشكاليات لا يوجب الرد أو لا يبعث على القلق.
كان من المهم أن نستمع لرأي وزارة العمل حول ما طرح من تشكيك حول نسبة العاطلين عن العمل والتي تقول الوزارة إنها لا تتعدى 4 في المئة في حين يطرح سيد هاشم وبناء على دراسة أجرتها مؤسسة الخليج للاستثمار في العام 2012 تشير إلى أن نسبة البطالة في البحرين تصل إلى 8 في المئة، وأن نسبة البطالة في فئة الشباب من بين الفئة العمرية بين 19 و25 سنة تصل إلى 28 في المئة، كما يشير إلى دراسة أخرى صدرت عن مكتب الشئون الاقتصادية والتجارية بوزارة الخارجية الأميركية والمعتمدة على البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والتي تذكر أن نسبة البطالة في البحرين تترواح بين 15 و20 في المئة.
الأخطر من ذلك بكثير ما يؤكده من أن ما يتوافر من وظائف في سوق العمل في البحرين يفوق 40 ألف وظيفة سنويّاً تذهب معظم الوظائف ذات القيمة المضافة منها إلى غير البحرينيين، ويذكر أن حجم العمالة الإجمالية في البحرين وصل في الربع الأول من العام 2015 إلى 694 ألف عامل منها 156 ألف عامل بحريني و538 ألف عامل أجنبي، والأكثر خطورة أن معظم الوظائف التي يزيد معدل الرواتب فيها من 300 دينار إلى ما فوق 1500 دينار غالبيتها العظمى ذهبت إلى لأجانب، إذ كان نصيب البحرينيين من مجمل الوظائف الـ 674 التي تتراوح مرتباتها بين 300 دينار و349 ديناراً 229 بحرينيّاً في حين كان نصيب الأجانب منها 446 وظيفة، وفي الوظائف التي تترواح رواتبها بين 350 و399 كان عدد البحرينيين الذين حصلوا عليها 51 بحرينيّاً في حين بلغ عدد الأجانب الذي حصلوا على الوظائف نفسها 198 أجنبيّاً، والرواتب التي تزيد على 1500 دينار كان نصيب البحرينيين منها 4 أشخاص فقط مقابل 296 أجنبيّاً، وذلك في الربع الأول فقط من العام الجاري 2015 وفق إحصائيات سوق العمل.
ما يقوله سيد سلمان ان ما يجري في سوق العمل في البحرين يتعدى مشكلة التمييز بين الطوائف ليصل إلى حد الحرمان من حق العمل بالنسبة إلى جميع البحرينيين، والدليل على ذلك حذف المادة (13) من قانون العمل في القطاع الأهلي والتي تنص على أن «الأولوية في العمل هي للمواطن البحريني» حينما عدل القانون في العام 2012 ما جعل الأحقية في العمل للمواطن البحريني منتفية. ولذلك مع كل سنة تقل نسبة وعدد الداخلين الجدد في سوق العمل من البحرينيين مقارنة بالداخلين الجدد من الأجانب حتى تكاد تختفي هذه النسبة خلال السنوات القليلة المقبلة.
في جميع دول العالم تسعى الجهات الرسمية إلى استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، وفتح مشاريع جديدة لعدد من الأهداف، أهمها خلق وظائف جديدة لمواطنيها والحصول على عوائد مالية من خلال فرض ضرائب على الشركات الأجنبية للمساهمة في الدخل القومي، لكن ما نراه في البحرين أن الاستثمارات الأجنبية تذهب لصالح الدول المصدرة للعمالة في حين يحتل المواطن البحريني شيئا فشيئا الأعمال ذات الرواتب المتدنية التي كان يزاولها العمال الأجانب، كالعمل في محطات التزود بالوقود وتنظيف الأسماك وحتى العتالة (حمالي) في حين تحصل العمالة الأجنبية على أفضل الوظائف.