يعقوب سيادي
للسنة الدراسية الخامسة على التوالي، من 2011 إلى 2015، ومأساة طلاب وطالبات الثانوية العامة أنهم مقسمون بإرادة قادر ربما متجاوز، إلى فئتين، فئة لا تشتكي ولا تنبس البتة، وإن كان هناك من حديثٍ لبعض هؤلاء أو أهاليهم، فليته ما جاء منهم، ففحواه سوء الظن في الفئة الأخرى، ورميهم جماعةً بجريرة أفراد، ممن لا يعلمونهم يقيناً، ولكنهم يفترضونهم ظناً، وقد لخص ذلك مدير إدارة العلاقات العامة والأعلام بوزارة التربية والتعليم، في الجملتين اللتين، لخصت بهما الصحيفة المنشور فيها تصريحه، وهو مسئول مختص في الوزارة المعنية، بما يجعل لسانه حبل جره بجريرته، في حالتي رَخوِه وشَدِّه، فقد قال متسائلا: «حول الحملات التي تشنها بعض الجهات على توزيع البعثات… وإن هذه الجهات لو همها الدفاع عن مصالح الطلبة، فلماذا لم تصدر بياناً واحداً لاستنكار استهداف المدارس بالحرق والتكسير…»، منهياً تصريحه بالقول «إن الوزارة تعمل لخدمة المواطنين، ولا تخضع للابتزاز السياسي».
هكذا يقفز مدير العلاقات العامة، من الرد على شكاوي فئة طلاب وطالبات الثانوية العامة في جميع الفروع التخصصية، وشكاوي أهاليهم، فيما يتعلق بإحساسهم بالغبن، نتيجة حرمانهم من حقوقهم في الحصول على بعثات دراسية، تتلاءم ومعدلات درجاتهم المئوية، التي تؤهلهم لدراسة رغائب دراسية حدّدوها في طلباتهم تباعاً من الأولى إلى الثانية عشرة، حسب نماذج أعدتها الوزارة، لغرض إبداء الطلبة المتفوقين رغباتهم الدراسية الجامعية، ولا ضرر على أي منهم إن اكتفى بإبداء ثلاث رغبات أو أقل أو أكثر، دون الإثني عشر، ما دام معدله يهيئه لنيل إحدى رغبات أبداها من تلك. والسؤال ليس لماذا لم يحصل بعضهم على البعثات والتخصصات التي رغبوها، بل السؤال الذي لخص مأساة توزيع البعثات والمنح والتخصصات الدراسية، هو السؤال المحوري الذي فتح الباب لطرح الأسئلة الأخرى، وهو لماذا لم تحصل طالبةٌ على رغبة دراسية طلبتها، وحصلت عليها طالبة أخرى حققت المعدل نفسه الذي حققته الطالبة المشتكية.
هذه الحالة هي التي أثارت باقي التساؤلات، والتي جميعها رد عليها مسئول العلاقات العامة في الوزارة، وعلى هؤلاء الذين قضوا العام الدراسي في الجَدِّ والمثابرة، وبذلوا الجهد والسهر، وشاركهم ذلك ذووهم، بإجابة مشتركة واحدة، ليُحَمِّلهم جريرة يفترضها خياله، وأنهم أتوها، وهم نخبة التحصيل العلمي في البحرين قاطبة، فكيف لهؤلاء أن يحرقوا مدارسهم.
يا لمأساة هذا الوطن، في مسئولي الوزارات، ومنهم هذا المدير للعلاقات العامة، فيسبب ذلك بسببين اثنين، فئة من الطلاب وهو يعدُّهم غرماءه، والثاني النظام الآلي في وزارته، الذي برمَجَته الوزارة ليقوم تلقائياً بإلغاء رغبات الطالب حال تكرار أيّ منها أو مجموعة منها، في شغلها للحقول الفارغة المخصصة للرغبات ترتيباً تنازلياً، من الرغبة الأولى إلى الرغبة الثانية عشر، لتتحوّل الموافقة من البعثة التي تتكفل فيها الوزارة بجميع مصاريف الدراسة والكتب ومصروف الجيب ومصاريف الإقامة للدارسين في الخارج، إلى منحة مقطوعة بمبلغ 400 دينار سنوياً، بنتيجة يعجز فيها الطالب عن سداد ربما الرسوم الجامعية من كلفة الدراسة، فما البال بباقيها، أو القذف بالطالب إلى آخر رغباته وهو مستحق لأولها أو وسطها، أو يحرم من البعثة والمنحة والتخصص.
وقد نالت كل هذه المظالم في سوء توزيع البعثات والمنح والتخصصات فئةً بعينها، بما يتضح من شكاواها الجماعية دون شكوى ولا فردية من الفئات الأخرى.
وربما يعرف مسئول العلاقات العامة بحكم اختصاصه الأكاديمي، منطق الرد الصحيح بتبيان النظام المتبع وأسباب الصح والخطأ في قرارات الوزارة، وتبيان صحة أو ضلالة أو سوء تقدير الشكاوى التي ملأت أجواء وسائل التواصل الاجتماعي من بعد الصحف، وبالتالي دعم إجابته بنشر جدول بأسماء الطلاب والطالبات المتفوقين والمتفوقات، شاملاً أسماءهم ومناطق سكناهم ومدارسهم وتخصصاتهم ومعدلاتهم ورغباتهم الاثنتي عشر، وأمام كل رغبة المعدل الأدني للحصول عليها، ثم الرغبة التي حققتها لكل منهم الوزارة، فيسهل على الطلاب والطالبات وأولياء أمورهم، المقارنة والتَبَيُّن، وعلى ضوء هذه الحقائق الشفافة، يتبين لكل صاحب حقّ حقه، وفي التظلم بدراية، في حال مسّه ظلم، بدل شغل الفوازير بإخفاء المعلومة والتلاعب بالحقائق وإثارة المزيد من الظنون.
ونكرّر طلبنا من الوزير والوزارة نشر الجدول الذي ذكرناه عاليه، درءًا للظنون، أو إحقاقاً لحقوق، ربما من سُلبت حقوقه.