التجمع القومي يحيّي ذكرى ثورات يوليو الخالدة
ويدعو الى تحرك عاجل لمواجهة مخاطر الانهيار والتقسيم
والتصدي لقوى الفتنة والإرهاب
في شهر يوليو – تموز- من كل عام تستحضر جماهير أمتنا العربية وقواها السياسية والاجتماعية ذكرى ثورات يوليو التي تفجرت في مصر عام 1952 وفي العراق الذي شهد ثورتي 14 تموز 1958 و17 تموز 1968 وثورة الجزائر 1962 وهي الثورات التي قامت جميعها وفق مبادئ وأهداف وطنية وقومية وعلى رأسها القضاء على الهيمنة الاستعمارية ومرتكزاتها من قوى الاقطاع والتخلف والسعي نحو بناء دول تسود فيها الحرية والعدالة الاجتماعية والسياسية.
في مصر مثلت ثورة 23 يوليو 1952 الحدث القومي الأبرز عندما نهض الشعب المصري بقيادة عدد من الضباط الأحرار للتخلص من الظلم والاستبداد ، والعمل على تحقيق طموحات الشعب المصري لطرد الاستعمار وإنهاء الوصاية الأجنبية وإعادة الكرامة للفلاح والعامل المصري، وكذلك إشاعة الأمل في نفوس الجماهير العربية من المحيط الى الخليج العربي في توحيد جهود العرب وتحررهم من كل أشكال الهيمنة الاستعمارية.
وفي العراق كانت ثورة 17 تموز 1968 المجيدة التي قادها حزب البعث العربي الاشتراكي تجسيداً حياً للأهداف الوطنية والقومية التي شخصت طريق نجاة العراق والعرب من حالة الضعف والهوان وتحقيق الارادة السياسية الوطنية في كسر قيود التبعية السياسية والاقتصادية ورسم طريق نهوض العراق والأمة العربية من خلال ما رفعته من شعارات وما اعتمدته من برنامج وطني وقومي تحرري.
ولعل ذلك ما يفسر حجم ما تعرض له العراق من مؤامرات وعدوان وحروب انتهت في نهاية المطاف باحتلاله في مارس 2003 على قوات الاحتلال الامريكي الصهيوني وتواطؤ بعض الأنظمة العربية التي دعمت الاحتلال وقدمت له كل التسهيلات اللوجستية والعسكرية لتحول هذا البلد العربي إلى بلد ممزق يعاني الفقر والأمراض وينخر في عظامه الاحتراب الطائفي والإرهابي والهيمنة الأجنبية على مقدراته وثرواته.
ومع هذه الحقائق الشاخصة لا ينبغي اغفال أو التغافل عن بعض الأخطاء والتجاوزات التي وقعت فيها هذه الثورات وفي المقدمة منها تلك التجاوزات المتعلقة بالحريات السياسية وقضايا حقوق الانسان واحتكار السلطة.
أن الأوضاع التي تمر بها أقطارنا العربية في الوقت الراهن ونحن نستذكر انجازات وإخفاقات الثورات العربية، تفرض علينا كقوى سياسية وجماهير عربية نؤمن بالإصلاح والتغيير السياسي والاجتماعي العمل بكل السبل لوقف حالة التداعي وتجاوز كل الخلافات والعقبات التي تحول دون تحقيق أهداف الاصلاح والتغيير الملحة في أقطارنا العربية كافة، وفق برنامج وطني شامل يستوعب كل الرؤى والأطياف السياسية والاجتماعية، ويستحضر مسألة الديمقراطية بكل مقوماتها وحقوق الانسان بكل قيمها ومبادئها. وبنفس الوقت يدعم المقاومات الوطنية وأهدافها المشروعة في فلسطين والعراق ، كذلك دعم الأهداف المشروعة للجماهير الطامحة للتغيير في أقطار الوطن العربي، وبنفس الوقت رفض كافة أشكال الإرهاب والتسلط وقتل الأبرياء في مجازر وحشية سواء قامت بها العصابات الإرهابية أو الأنظمة المتسلطة.
أن الصراع الذي تخوضه أمتنا العربية مع أعدائها في الظروف الصعبة الراهنة هو صراع شامل ومتعدد الأبعاد، وأن معركة الأمة في أحد جوانبها المهمة هو حماية المصير القومي وحماية الأقطار العربية التي تعاني غالبيتها من اضطرابات وأعمال عنف وحروب اضافة الى الصراعات الطائفية والمذهبية التي تدفع بعض هذه الدول الى حافة الانهيار والتقسيم.
أن هذه الأوضاع الخطيرة تتطلب التحرك العاجل الذي لا يحتمل التأخير أو اللامبالاة، بل يتطلب نهوضاً عاجلاً وجهوداً مضاعفة للتصدي لحالة الانقسامات الطائفية والمذهبية، ومواجهة علل الاستبداد والفساد من أجل تفادي السقوط في مهاوي المجهول، ومن أجل حماية دولنا من المخاطر المحدقة بها والأطماع التي تهدد وجودها، وإفشال مخططات القوى العالمية والإقليمية التي ترمي الى الهيمنة على مقاديرها وتمزيقها وسلب ثرواتها.
ولعل أبرز هذه المخاطر الى جانب الكيان الصهيوني العنصري المزروع في خاصرة العرب ومخططات القوى الكبرى وأطماع القوى الإقليمية وهيمنة الأحزاب والمليشيات الطائفية، تتمثل في التطرف والإرهاب التكفيري الذي يتوسع ويتمدد في العديد من الأقطار العربية، وهو ارهاب وحشي يهدد مقومات وجود الأمة و يعمل على تدمير هويتها وقيمها لتحقيق ماّرب وأحلام أعداء الأمة العربية في اضعافها وتمزيقها، وهو ما كشفته وأكدته العمليات الاجرامية البشعة التي ينفذها الارهاب الأعمى. وكان أخر هذه العمليات العملية الارهابية التي جرت في العراق في صبيحة يوم العيد وأودت بحياة أكثر من مائة مواطن عراقي في سوق مكتظة بالمواطنين الأبرياء، وقبل ذلك أيضاً العمليات الارهابية التي حدثت في المساجد خلال الجمعة وقتل المصلين في السعودية والكويت وسوريا وغيرها من الدول.
أننا ندعو كل القوى السياسية والمجتمعية الى توحيد جهودها ورص صفوفها لمواجهة هذه المخططات والمخاطر وإنقاذ ما يمكن انقاذه عبر مبادرات وطنية تعيد الوحدة واللحمة الوطنية بين مكونات وأطياف الأقطار العربية وتياراتها السياسية والاجتماعية على قاعدة الاستجابة لمطالب الناس العادلة والمشروعة وعلى قاعدة التمسك بالوحدة الوطنية والاحتكام الى منطق العقل والحوار والديمقراطية والمصلحة الوطنية، ورفض كل أشكال التدخلات والهيمنة الخارجية، وتهيئة السبل أمام نهوض أقطارنا سياسياً وديمقراطياً وتعزيز تلاحمها مع محيطها القومي العربي والتفاعل مع قضايا الأمة الكبرى وفي المقدمة منها قضية فلسطين ومواجهة كل مخاطر العدوان والاحتلال، وهزيمة قوى الفتنة والظلام والتخلف.
التجمع القومي الديمقراطي
23 يوليو 2015