مريم الشروقي
توقيف إبراهيم شريف كان متوقّعاً، على الرغم من أنّنا تنبّأنا خيراً فور خروجه من السجن، وخصوصاً أنّ خطابه كان متّزناً ومطالباً بالتسامح وإرجاع الحوار والبدء بالحل السياسي، وبعد توقيف شريف نسأل هل من جديد؟
هذا السؤال يوجّه إلى مَن يا تُرى؟ إلى الحكومة أم المعارضة أم الشعب! فجميعهم يقعون في مثلث الأزمة البحرينية، التي بدأت قبل أحداث 14 فبراير وليس بعدها، ولنصارح أنفسنا ولو لمرّة واحدة عن سبب بداية الأزمة، وسنعرف بأنّها كانت قبل الأحداث وليس بعدها!
والحقيقة كنّا نأمل مع خروج إبراهيم شريف، بداية مشرقة لحل الأزمة، وانتهاء للملفّات المعقّدة والمهمّة، وهانحن نخطو خطوةً للأمام، وخطوات كبيرة للوراء، فالجديد في قضيّة شريف هو أنه ليس هناك جديد، مثلما كان في السجن رجع إليه، ومثلما هي أفكاره خارج السجن هي ما زالت معه داخل السجن، وأنصاره ومحبّوه على يقين بمبادئ إبراهيم شريف ويطالبون بما يطالب به.
القضيّة ليست قضيّة إبراهيم شريف ولا قضيّة خطاباته، فالمتعرّض لخطاباته يعلم بأنّها لم تتغيّر، قبل وبعد سجنه! سنوات طويلة من العمل السياسي لأبو شريف، وكانت كلمة «أسامحهم» و»التسامح» بعد السجن والتعذيب هي ما أيقظت القلوب، وهذه كلمة تُحسب له لا عليه، والإصرار على ضرورة تبني الحل السيّاسي تُحسب له أيضاً، وما ذكره وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة حول إذا مدّ شريف يده لوزير الخارجية فإن وزير الخارجية سيمدّها له وسيقول له من عوّاده، كان مؤشّراً إيجابياً على محاولة حل الأزمة من قبل القيادة أو من قبل المعارضة.
يواجه الأب الروحي لجمعية «وعد» تهمتي التحريض على كراهية النظام وازدرائه، وقد أكد مدير عام الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية، أن توقيف إبراهيم شريف يعود إلى قيامه بالتحريض على تغيير نظام الدولة، وكذلك التحريض علانيةً على كراهية النظام والازدراء به، وذلك خلال الكلمة التي ألقاها وآخرون في مأتم الحجة بالمحرق، مساء يوم الجمعة الموافق 10 يوليو/ تموز 2015.
لا نعلم بعد ما ستأتي به الأيّام، ولا نعلم إن كان ابراهيم شريف سيخرج من سجنه أم سننتظر 5 سنوات أخرى من أجل المصالحة والحوار الوطني، فالحوار لا يمكن أن يكون إلاّ بين فريقين متخاصمين أو غير متّفقين، ولم نشهد في العالم حواراً يتم بين فريق واحد (مع ومع)!
والحوار لابد له أن يبدأ بين رموز المعارضة وبين السلطة، ونتمنّى ألاّ يطول الأمر لخمس سنوات أخرى أو أكثر، فالشارع البحريني والمستثمر الأجنبي والحالة الاقتصادية المتردّية والحالة الاجتماعية المهزوزة والحالة السياسية المضطّربة… كلّها تحتاج إلى الحل السياسي، وإلى مد الأيادي، وليس العكس، فالعكس هو ما جعلنا نتأخّر في حل الأزمة التي أضاعت 4 سنوات من حياة أهل البحرين.