نوال عباسي
أعرف العراق والعراقيين جيداً.. لأنني كنت أذهب إلى العراق كثيراً إما للمشاركة في مهرجان المربد أو للمشاركة في ندوات قصصية أو سياسية أو للإطلاع على عذابات المرضى والجياع خلال الحصار السياسي الظالم الذي فرضته دولة الظلم أمريكا على أهلنا هناك.. أو أذهب للوقوف مع صمود العراقيين الأسطوري. ونتيجة لزياراتي المتكررة للعراق تعرفت على عوائل عراقية عدة أصبحت تربطني بهم صداقات عائلية متينة.. حينها لم أكُن أعرف بأن هذا سني أو شيعي أو كردي أو مسيحي أو تركماني.. لقد كانوا جميعهم عراقيون تجمعهم محبة العراق والنهوض به..
وكان احتلال العراق وهدم بنيته التحتية ونهب ثرواته وتدمير تراثه وتخلف إنسانه مخططا له من قبل الإمبرياليين منذ نهض وأمم نفطه واعتمد على نفسه مادياً ولم يقترض من صناديق عبودية الشعوب المسيسة من المتسلطين على لقمة عيش الشعوب، وكان رافضاً للقبول بسلام كاذب لن يعيد للشعب الفلسطيني حقه في دولة فلسطينية تتمتع بما تتمتع به دول العالم.. مما جعله هدفأً للغزو، لإدخاله إلى بيت الطاعة التسلطي من قبل شرطية العالم أمريكا، وبمشاركة بريطانيا.. أما بقية من شاركوهما في الغزو فكانوا عبارة عن أذناب لا قيمة لهم على الساحة السياسية الفاعلة اللهم إلا المشاركة في نهب الدولارات والتخريب والتعذيب وهتك الأعراض وبيعة الوطن للغزاة!
بعد تخريب العراق جاء دور التخريب لأقطارنا العربية.. فمن سوريأ إلي ليبيا إلى اليمن والحبل على الجرار.. التخريب الذي تمارسه الإمبريالية العالمية تغذيه يقوده خبثاء صهيون.. فالتخريب أضحى ليس بإرسال الجنود إلى أرضنا العربية إنما بزرع الفتن الدينية والعرقية والعنصرية بين أبناء الشعب الواحد.. وكأني بهم كأنهم يحركون خرابنا من البعيد بالريموت كونترول.. وإني أراهم يهللون ومطمئنون على أمنهم، لأنهم باتوا في أمان والعربان تقتل وتقاتل بعضها.. وتشتري السلاح لمقاتلة نفسها.. ودون حياء تدمر وتقتل إلذي كان واللذي لم يكن حتي أصبحنا مثل خبر كان!!
والواقع يفرض علي بأن أقول بأن السفيرالأمريكي الذي حكم العراق بعد الغزو، بول بريمر، حل الجيش العراقي، وأقر قانون اجتثاث البعث، وزرع الفتن العنصرية والعرقية والطائفية بين أبناء الشعب الواحد لتخريب العراق أكثر مما خرب العدوان والجواسيس وفرق التجسس التي صنعتها وغذتها أمريكا وفرسها لتمرير مخطط التقسيم.. وتمرير حلم الصهاينة بوطنك يا عزرائيل من النيل إلى الفرات.. ولقد نجحت خطة بريمر وأعطت أُكلها.. وها هم العراقيون يقتلون بعضهم.. ويحصدون الموت والدمار والنزوح والخراب والإعتقالات والعذابات والإجرام ونهب النفط ومردوده،
والسبب هو النعرات الطائفية والعرقية والعنصرية التي زرعتها.. والذي يحدث في العراق ما هو إلا نتيجة لما زرعته أمريكا مع الإبن الغير الشرعي للعلاقة السرية الأمريكية الإيرانية بين أبناء العراق!
تاريخ أمريكا أسود في القتل واستعباد الشعوب.. والسادة البيض حين قدموا إليها أبادوا سكانها الأصليين واستوطنوا بلدهم وبالقوة.. أما الأفارقة السود فلقد استعبدوهم وازدروهم وعاملوهم وكأنهم ليسوا من الجنس البشري.. لكن السود وبالقوة نالوا كل حقوقهم الدستورية.. ولقد تحقق حلم البطل الأسود السيد مارتن لوثر كنغ المطالب بالمساواة بين أبناء الشعب الأمريكي.. البطل الذي قتله السادة البيض وهو يلقي بخطاب عن التفرقة العنصرية..! ثمة قتل مستمر من رجال الشرطة البيض للسود، وثمة قتل متعمد أيضاً من البيض للسود.. لكن الحكومة الأمريكية تعتم إعلامياً على تلك الجرائم خوفا على أمنها الداخلي من التزعزع.. ولقد نشرت صحيفة الواشنطن بوست في 29/4/2015 تقريرا جاء فيه ما يلي: لقد قتلت الشرطة الأمريكية 350 شخصاً بالرصاص خلال خمسة أشهر.. وقبل أسابيع قتل رجل تسعة من السود الأفارقة وهم يصلون في كنيسة.. والمجازر والقتل مستمر للسود الأفارقة بسسب التميير العنصري.. ورئيس أمريكا الأسود قلق، وأعلن بأننا لم نتخلص بعد من العنصرية.. وأتساءل: هل التمييز العنصري سيكون السبب في خراب أمريكا؟؟..