هاني الفردان
تلقى الشارع البحريني بسخرية عنواناً لصحيفة محلية قبل عام تقريباً، وبالتحديد في مايو/ أيار 2014، يقول: «البحرين على أعتاب الرفاهية»، إذ أجمع غالبية البحرينيين على أن هذا الحديث نوعٌ من الفكاهة.
ذلك الحديث نُقل على لسان مديرة إدارة الإحصاءات الديموغرافية والبيئية والاجتماعية بالجهاز المركزي للمعلومات، رئيس مشروع مسح دخل ونفقات الأسرة التي أكدت أن «مشروع مسح دخل ونفقات الأسرة» من شأنه أن يشخص الوضع المعيشي الحقيقي للمواطنين، وأن نتائجه ستسهم بوضع السياسات والخطط التنموية والاقتصادية إلى البحرين والرامية للارتقاء بمعيشة المواطن وتحقيق رفاهيته».
بعد عام كامل تقريباً من ذلك التصريح، كشف تقرير حديث عن مستوى الرفاهية على مستوى العالم في 2015، أن دولة قطر احتلت المرتبة الأولى عربياً، في حين جاءت الـ 22 على المستوى العالمي، بينما جاءت الإمارات ثانياً على المستوى العربي، والـ 29 عالمياً، فيما جاءت السعودية في المركز السادس على المستوى العربي، والـ 41 عالمياً، فيما حلّت البحرين السادسة (الأخيرة) خليجياً والـ 46 عالمياً.
في ظل ذلك التصنيف، ومع توجّه الحكومة لإسقاط الدعم عن أهم السلع لدى المواطنين وخصوصاً اللحوم، فإن الرفاهية في البحرين أصبحت لدى الكثيرين «حلماً» خرافياً صعب الوصول إليه، في ظل جملة المتغيرات التي تسعى السلطة إلى تنفيذها لإيجاد حلول لأزمتها المالية.
في مايو 2014 عندما كان الحديث عن «البحرينيون على أعتاب الرفاهية»، نشر مغرّدون صورةً لرجل كبير في السن جالس على الأرض في انتظار دوره لتحديث بيانات «علاوة الغلاء»، وعلّق عليها «صورة مواطن بحريني على عتبة الرفاهية ينتظر دوره للتسجيل لعلاوة الغلاء»!
مع ذلك الحديث تناقل مغرّدون، يوم الاثنين (8 يونيو/ حزيران 2015) صوراً لثلاثة مواطنين قيل إنهم كانوا متواجدين في مكتب وزارة الإسكان لاستلام مفاتيح منازلهم بعد تلقيهم اتصالاً من الوزارة وإخبارهم بحصولهم على الوحدة السكنية، وذلك بعد انتظار دام أكثر من 26 عاماً بحسب ما هو منقول، إذ بينوا أن المواطن الأول بلغ من العمر 66 عاماً، والثاني 61 عاماً، أما الثالث فكان عمره 52 عاماً!
من بين علامات الرفاهية للمواطن البحريني، أن القروض الشخصية على المواطنين والمقيمين تخطت الثلاثة مليارات دينار! ومن بين علامات الرفاهية للمواطن البحريني أن 97 في المئة من الوظائف الجديدة التي تزيد رواتبها عن ألف دينار تذهب للأجنبي، فيما نصيب البحريني منها لا يتجاوز 3 في المئة فقط.
يرى أحد المغردين أن من أهم العلامات الدالة على أن البحرينيين على أعتاب الرفاهية هو مدخل منطقة الحد الرئيسي، حيث «أول ما ستراه مقبرة، ومغيسل، ويليهما مركز شرطة!».
ولأن المواطن البحريني على أعتاب الرفاهية، فإن السلطة لم تجد ما يمكن أن تقدّمه له من جديد في الموازنة الجديدة، فضلاً عن «إسقاط دعم اللحوم»، غير بناء أربعة ملاعب كريكيت بـ10 ملايين دينار، وذلك بعد أن استكملت المنظومة الرياضية المتكاملة في جميع مناطق البحرين، وبعد تحويل جميع النوادي والمراكز الشبابية إلى نوادٍ نموذجية وبمواصفات ومعايير عالمية.
من بين تصريحات المسئولين المتكرّرة، أن «حكومة البحرين تولي اهتماماً خاصاً بالسياسات الاجتماعية من أجل تحقيق الرفاهية لكافة فئات المجتمع وحمايتهم اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً من خلال إشراك المواطن في التنمية والتخطيط لها ورسم سياساتها واستراتيجيتها بوصفه هو غاية ووسيلة التنمية في آن معاً». ولكن على أرض الواقع، يتكشف للمواطن البحريني أنه ضحية لتلك التصريحات، التي عادةً ما تأتي مخالفةً لما هو مطبّق فعلياً على الواقع، بل يجد عكسها تماماً.
الواقع الحالي، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن المواطن البحريني أصبح «ضحية» لتلك التصريحات الإعلامية، فالواقع المالي يزداد سوءاً شيئاً فشيئاً، والسلطة تتّجه لتغيير سياساتها في الدعم بشأن الوقود واللحوم والكهرباء وحتى الطحين والتعليم والخدمات الصحية وغيرها، وذلك دون أي تغير ملموس في أجور المواطنين التي بقيت على ما هي عليه منذ سنوات طويلة.
الرفاهية المقصودة التي سيكون البحريني على أعتابها، هي ارتفاع الأسعار بشكل جنوني بعد تطبيق قرار رفع الدعم عن اللحوم، مع تعويضه بـ5 دنانير فقط عن كل ذلك!
تحدّثنا من قبل أن النواب والحكومة سيلبسون الشعب أعباء أزمة الموازنة المالية، وسيكون ضحية السياسات المالية الخاطئة التي اتبعتها السلطة طول السنوات الماضية، وسيخرج مسئولون سيتحدثون عن إنجازات كبيرة، وعن مستوى الرفاهية الذي وصل إليه المواطن البحريني، حتى وإن أصبحنا في ذيل الترتيب الخليجي والعالمي!