حسن المدحوب
يتداول هذه الأيام أن الحكومة عازمة على وقف التوظيف فيها خلال العام الجاري والعام المقبل 2016، بسبب شح الإيرادات في الموارد العامة، وفي ذلك ظلمٌ كبيرٌ للجامعيين العاطلين الذين ينتظرون سنوياً الإعلان عن الشواغر في أية جهة حكومية، لعلهم يخرجون من جحيم البطالة التي يكتوون بها منذ سنوات.
الحكومة إذا أقدمت على ذلك فعلاً، فهي توجّه صفعةً إلى الشباب والشابات العاطلين، وخصوصاً الجامعيين منهم، فماذا ذنب هؤلاء أن يُمنعوا من نيل فرصة عملٍ لائقة بهم، بسبب إخفاقات الحكومة وعدم قدرتها على إيجاد بدائل مالية مناسبة تستوعب الانخفاض في أسعار النفط الذي تعتمد عليه البحرين بنسبة 87 في المئة من إجمالي دخلها.
إذا أقفلت الحكومة باب التوظيف فيها خلال هذين العامين، فإلى أن يتوجه الجامعيون؟ إلى القطاع الخاص؟ هذا القطاع الذي بات يفضّل غير البحرينيين في التوظيف والترقيات على مرآى ومسمع وزارة العمل التي هي أعجز من أن تقدّم حلولاً لمئات الجامعيين والجامعيات الذين يعيشون في مأزق البطالة أكثر من خمس سنوات، وبعضهم جاوز السبع سنوات!
ليس من الصحيح أبداً أن تقفل الحكومة وديوان الخدمة المدنية باب التوظيف على الجامعيين لأي سبب من الأسباب، فترشيد النفقات لا يجب أن يتم على حساب مستقبل الناس ومعاناتهم وآلامهم، فإذا كانت الحكومة حريصةً فعلاً على ترشيد نفقاتها، فعليها أن تثبت للمواطنين ذلك في كل عام يصدر فيه ديوان الرقابة المالية والإدارية تقريره السنوي الذي يحوي العشرات من المخالفات والتجاوزات المالية والإدارية، التي تستحق أن يطير بسببها وزراء ومسئولون وهوامير!
خلال هذين العامين، سنرى كم حفلة ستقام بمئات الآلاف من الدنانير، وكم فعالية لا طائل منها سيصرف عليها ببذخ، فإذا كانت الحكومة حريصةً على ترشيد النفقات فلتبدأ أولاً ببذخ الوزارات والهيئات الحكومية التي تبعثر بعضها ملايين الدنانير، على حفلةٍ تقام في ليلة واحدة!
سننظر هل ستقفل الحكومة باب التوظيف على الأجانب في وزاراتها وهيئاتها الرسمية أيضاً؟ وهل ستمتنع عن الإعلان عن مئات الوظائف في الصحف الأجنبية ذات المزايا الطويلة، كما وجدنا ذلك في سنوات ماضية، أم أنها ستغلق الباب فقط في وجوه مواطنيها وتفتحه أمام غيرهم!
اليوم لدينا أكثر من 3400 عاطل جامعي، ولدينا العشرات من الجامعيين الذين فُصلوا لأنهم كانوا يعملون بعقود مؤقتة في بعض الجهات الحكومية، وهؤلاء لهم حقٌّ على الدولة بأن تعطيهم الأولوية في التوظيف، خصوصاً أنهم أصحاب مؤهلاتٍ علمية حصلوا عليها بتعبهم وجدهم، وبعضهم يحمل شهادات الماجستير، والمئات منهم ومنهن نالوا تقديرات عالية وتم تكريمهم أكاديمياً.
لا يجب النظر في موضوع العاطلين بلغة الأرقام والدنانير، بل بلغةٍ إنسانيةٍ تنظر لمعاناتهم وآلامهم وتسعى بصدقٍ لإيجاد حلٍ لهم.
ما نرجوه هو ألا تبدأ سياسات التقشف بمستقبل المواطنين ولا بحياتهم ولا آمالهم، فيكفي هؤلاء الجامعيين أنهم يعيشون غربةً محزنةً في وطنهم وهم يرون غير البحرينيين يُعطَون الأولوية في التوظيف وفي الترقيات والامتيازات، وكأنّ لسان حالهم يقول «يشقى بنوها والنعيم لغيرهم»!