حسن المدحوب
مشهد غريب في البحرين، يحز في نفس كل مواطن، آلاف الوظائف ذات الأجور المرتفعة تذهب إلى الوافدين، في الوقت الذي يقبع المئات من الجامعيين البحرينيين عاطلين عن العمل، ولو كان هؤلاء العاطلون الجامعيون من غير ذوي الكفاءات لكان الأمر أهون، ولكن الكثير منهم من الحاصلين على درجات امتياز ومن المكرمين في عيد العلم.
وزارة العمل أصدرت قبل سنوات، وتحديداً في العام 2008، قائمة بأعداد الجامعيين العاطلين في القائمة التي عرفت بقائمة (1912)، وتحدثت عن مشروع لتوظيف هؤلاء العاطلين الجامعيين، ولكننا بعد 8 سنوات من هذا المشروع وكل الضجة الإعلامية التي رافقته، نجد أن عاطلي وعاطلات هذه القائمة مايزال العديد منهم عاطلين حتى اليوم، فما بالك بالعاطلين الجدد المنضمين إليهم.
وزارة العمل تتحدث عن أن أغلب من لم يجرِ توظيفهم هم الرافضون للعمل في القطاع الخاص، وأنها لا تمتلك سلطة على القطاع الحكومي، وهي حجة مردودة ليس على وزارة العمل، بل على الحكومة نفسها التي وجهت الوزارة منذ 8 أعوام إلى تبني هذا الملف الوطني، فإذا لم تكن الحكومة قادرةً على أن توظفهم في وزاراتها، وتقوم بتوظيف الوافدين بدلاً عنهم، فكيف تلوم العاطلين على رفضهم للعمل في القطاع الخاص وفي مهن لا تناسب تخصصاتهم ولا حتى تراعي خصوصياتهم الاجتماعية، فضلاً عن أوقات الدوام التي تمتد إلى المساء، خصوصاً للنساء الجامعيات.
البعض يتحدث عن الموضوع بلغة الأرقام، ولكنه يجهل لغة الإنسانية في ملف العاطلين، وخصوصاً الجامعيين منهم. معاناة هؤلاء العاطلين والعاطلات الجامعيات تصلح أن تكون قصة تراجيدية لكل واحد أو واحدة منهم، هؤلاء قضوا السنوات في دراستهم الجامعية والله أعلم من أين وفّروا المبالغ التي درسوا بها، ومقدار التعب الذي أصابهم في دراستهم وحتى تخرجهم. بعضهم تفوق ونال التكريم تلو التكريم، وبعضهم واصل دراسته حتى الماجستير، لكنه فوجئ أنه لا يستطيع أن يعمل لأن هذه الوزارة أو تلك لا تريد البحرينيين، أو تفضل أن تحل محلهم وافدين، وكأن قدر البحريني في هذه الأرض أن يظل يشعر أنه غريب في وطنه إلى ما لا نهاية.
إذا كانت الحكومة عاجزة عن حل مشكلة عاطلين جامعيين بعضهم يحلم بالوظيفة منذ عشر سنوات، فكيف ستحل قضية الإسكان أو الدَيْن العام أو الأراضي أو …! نعرف أن الحكومة قادرة خلال يومٍ واحد أن توظف كل العاطلين الجامعيين متى أرادت ذلك، كما فعلت مع آلاف «المتطوعين»، ولكن لا يبدو أن هناك إرادة حقيقية لذلك حتى الآن.
ندعو كل النواب والقوى الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني إلى تبني ملف الجامعيين العاطلين، من أجل الوصول إلى حلول توقف نزيف هدر الكفاءات الوطنية، وتسكن آلام كل الجامعيين والجامعيات العاطلين والعاطلات، فمن حق الوطن عليهم أن يحصلوا على وظيفة بعد كل السنوات التي قضوها في الدراسة والتعب والجد، وأما الحكومة فنقول لها «ارحموهم يرحمكم الله».