تابع التجمع القومي باستنكار ورفض شديدين سلسلة التفجيرات الإرهابية التي سفكت دماء المواطنين الأبرياء في عدد من الأقطار العربية ابتداء من العمل الإرهابي في المتحف التونسي ثم التفجيرات الإرهابية الدامية في مساجد في صنعاء وفي عدد من المناطق السورية، وقبلها ما يجري من مسلسل دام في العراق وسورية واليمن وليبيا، وهي جميعها تعبر عن الإرهاب في أبشع صوره حيث يتساقط أبناء الأمة ضحية صراع مصالح القوى الكبرى والقوى الإقليمية الطامعة ومصالح الأنظمة التي تغولت في ذبح شعوبها عبادة لكراسيها وحكمها.
أن التجمع القومي إذ يتابع الأحداث الدامية التي يشهدها عدد من اقطار الوطن العربي ليستعيد اليوم موقفه المبدئي الذي أعلنه قبل 12 عام حينما أحتل العراق الشقيق على أيدي مغول العصر وأعوانه الذين جاءوا معه، وانتهكت حرماته، وقتل مئات الآلاف من أبناءه وشرد الملايين ومزقت وحدة مجتمعه وسرقت ثرواته وخيراته، حيث اعتبرنا آنذاك ذلك الاحتلال وإسقاط نظامه الوطني بأنه لا يستهدف ضرب العراق فحسب، بل ومن خلال ذلك ضرب بقية اقطار الأمة وفتح أبواب هذه الأقطار أمام ألاعيب ومخططات القوى العالمية والإقليمية الطامعة وما تفرخه وترعاه وتدعمه من عصابات طائفية وإرهابية على مختلف تلاوينها جعلت من العراق ساحة لصراعها الطائفي والإرهابي واستباحت الدم العراقي ثم تمددت عبر بقية الأقطار العربية لتحولها إلى ساحة للصراع والعمليات الإرهابية كما نشاهد اليوم في العراق وسورية واليمن ثم لتتحول إلى أداة لوأد المطالب المشروعة للجماهير التي خرجت في انتفاضات تاريخية مطالبة بحقوق ومطالب وطنية مشروعة في العدالة والديمقراطية والحرية والعيش الكريم.
نعم أن التجمع القومي يحرص على التفريق بين الانتفاضات والحركات الجماهيرية التي خرجت لتنادي بمطالب مشروعة وبين الحركات الإرهابية المرتبطة بقوى وأجندات إقليمية وعالمية مشبوهة ومرفوضة. ففي العراق، ومنذ اليوم الأول للاحتلال خرجت مقاومة وطنية مشروعة تدافع عن حقها في طرد الاحتلال ورفض العملية السياسية الطائفية التي كرسها. ولو لم تمارس الأحزاب الطائفية التي قادت هذه العملية التمزيق الطائفي للمجتمع العراقي في أبشع صوره وتسرق خيراته وتقتل أبناءه وترهن مقدراته للقوى الطامعة ولولا وقوف بعض أنظمة الإقليم بين متفرج ومتآمر على حاضر ومستقبل العراق لما تمكنت قوى الظلام والإرهاب من التمدد في ساحة العراق وقامت بقتل عشرات الالاف من المواطنين الأبرياء عبر عمليات تفجيرية إجرامية في كافة مدن ومحافظات العراق، ثم لتستقوي أكثر وأكثر لتدخل وتحتل مناطق شاسعة من العراق كانت في الأصل تقاوم ضد الاحتلال والتهميش الطائفي. واليوم نحن نؤكد أنه لا يمكن محاربة وطرد هذه القوى الإرهابية بتحشيدات طائفية مدعومة من قبل قوات النظام الإيراني الذي سارع مسئولوه في الإفصاح عن نواياهم الحقيقية من وراء هذا التدخل المبارك من قبل الولايات المتحدة في بناء إمبراطورية تكون بغداد عاصمتها ومما يثير المخاوف الحقيقية من ممارسة انتهاكات طائفية مضادة تطال حتى فصائل المقاومة المشروعة. ولكن لا بد من وحدة فصائل وقوى الشعب العراقي كافة وحول حكومة وطنية تستوعب وتحتضن الجميع ووفقا لعملية سياسية جديدة تنهي دستور بريمر الطائفي وقوانين الاجتثاث وغيرها من القوانين السيئة الصيت وتبني جيش عراقي وطني وترفض كافة أشكال التدخل الخارجي. وما لم يتحقق ذلك فأن طرد القوى الإرهابية من العراق لن يحل اصل المشكلة وجذورها، بل قد يؤدي إلى المزيد من تقسيم المجتمع العراقي إلى دويلات طائفية، خاصة أن الولايات المتحدة وهي التي تقود ما يسمى التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب تعمل على استنزاف ثروات وطاقات كافة دول الإقليم وتعمل على توريطها في حروب طويلة الأمد.
والحديث ينطبق كذلك على سورية واليمن وليبيا وغيرها من الأقطار العربية التي تطالب جماهيرها وقواها بمطالب وطنية مشروعة، ولكن تفشي الحركات الإرهابية وجرائمها في هذه الدول من جهة، وتدخل القوى الإقليمية والغربية الطامعة لدعم أنظمة متسلطة أو فصائل أو قوى على حساب الأخرى قد جر هذه البلدان إلى صراع دامي يسقط ضحاياه يوميا العشرات من المواطنين الأبرياء. ويبقى المدخل الوطني للحل هو تشكيل حكومات وطنية تستوعب كافة أبناء وفصائل الشعب على قاعدة برامج وطنية تحمى وحدة ترابها وتستجيب للمطالب الوطنية المشروعة وترفض كافة أشكال التدخل في شئونها.
إن التجمع القومي إذ يؤكد هذه المواقف اليوم، فأنه يدعو كافة حكومات دول المنطقة، وفي مقدمتها الحكم في البحرين ، إلى التجاوب مع المطالب المشروعة لشعوبها في الديمقراطية والعدالة والعيش الكريم، واتخاذ خطوات جادة لحماية وحدة مجتمعاتها بعيدا عن التحشيد الطائفي بكل تلاوينه ، ويرفض بذات الوقت كافة أشكال ومحاولات جر هذه المجتمعات لأي شكل من أشكال العنف والإرهاب ، فهذه الاستجابة هي السبيل الأمثل لحماية أوطاننا من شرور القوى الطامعة الإقليمية والعالمية ، وكذلك شرور القوى الإرهابية والتكفيرية والظلامية.
التجمع القومي الديمقراطي
المنامة
21 مارس 2015