إسماعيل أبو البندورة
أعتقد أن التصريحات التي أطلقها أخيراً الناطق الرسمي بإسم حزب البعث العربي الاشتراكي الدكتور خضير المرشدي من خلال فضائية "روسيا اليوم" تقدم القول الفصل والجواب الوافي والشافي على كل الافتراءات والشطحات السياسية وكل ألوان التلبيس والتلفيق التي قيلت في الآونة الأخيرة في أكثر من منبر وعلى لسان بعض الكتاب، عن أن هذا الحزب القومي العريق المؤسس لرؤية عميقة وحضارية حول العلاقة بين العروبة والاسلام أصبح رديفاً وصنواً وتابعاً لمنظمة داعش، وذهب بعضهم بعيداً في الشطح والتلبيس أوصله إلى دور اخترعه "للمرحوم خير الله طلفاح" في أسلمة وتديين الحزب من الداخل أو في خلق وتوليد تيارات سلفية داخل تنظيم وبنية الحزب وهي التي بدأت تأخذ الحزب إلى مواقع السلفية والجهادية والإرهاب في الآونة الأخيرة.
قال المرشدي نحن حزب قومي عربي مناضل وصاحب رسالة حضارية يمتد على طول وعرض العراق والوطن العربي وينتمي إليه كل عربي وكل من يقيم على الأرض العربية بغض النظر عن دينه ومذهبه وقوميته وطائفته، ونحن لم نكن ولن نكون إلى جانب الإرهاب أو معه، وإنما نحن نناضل في المرحلة الراهنة – من خلال منهج وطني جبهوي يضم كل القوى المناهضة للاحتلال وامتداداته القائمة – من أجل كنس الاحتلال وذيوله ونظامه التابع وإقامة نظام ديموقراطي عروبي بديل، ونحن من أطلق الطلقة الأولى (نداء الشهيد صدام حسين الأول لمقاومة الاحتلال عام 2003) في مقاومة الاحتلال وإن شاء الله سنكون من يطلق الطلقة الأخيرة في عملية تحرير العراق.
وقال المرشدي أنه ونظراً لوجود ميليشيات وقوى إرهابية كثيرة مرتبطة بأجندات دوليه جاء بها الاحتلال بمشاركة ايران وأعطاها دوراً لتمزيق النسيج الوطني العراقي فقد اضطرت الثورة العراقية في أكثر من حالة أن تتعامل مع بعضها بالقدر الذي يمكّن الثورة من المحافظة على الدوام والاستمرار ويصون حياة أبناء العراق من الانتهاكات والمجازر التي قد تقارفها بعض هذه المنظمات الإرهابية وقد اضطر هذا الأمر الحزب لبعض صيغ وعبارات "التهادن" أو التصريح بكلمات ذات دلالات ميدانية وقائية فرضتها طبيعة المواجهة في الداخل العراقي (وكانت قد وردت على لسان قائد المقاومة عزة ابراهيم بشكلها ومحتواها المحدود والعابر) وأوحت بهذا القدر أو ذاك بالرضى عن أدوار بعض هذه الجهات مع أنها كانت محاولة استباقية لكبح جماحها وجموحها ومن أجل تجنب كوارث كانت قد تحدث في حينها وتعرقل حالة وطنية مشتعلة أو تحبطها وهي في طور التمدد والاشتعال.
وقال أن الحزب مثل غيره من الأحزاب تعرض ويتعرض للإنقسامات ويخرج منه بعض الأعضاء لأسباب مختلفة ويختارون طريقاً آخر، وقد ينضوون في منظمات معادية للحزب وخطه وبرنامجه وفقاً لخياراتهم الشخصية الجديدة، إلا أنه لا يجوز تحميل الحزب مسؤولية أفعالهم والمسؤولية يتحملها هؤلاء سواء عندما يخرجون من الحزب ويصطفون مع جهات مشبوهة أو عندما يفترون على الحزب ويزعمون بأنهم يعبرون في مواقفهم الجديدة عن موقف معين للحزب.
وقال أن أمريكا وايران هما من يعرف وضع الحزب ومكانته في أوساط الشعب العراقي والعربي ودوره وقدراته في المقاومة في العراق ودوره المؤثر في أي عملية سياسية قد يجري الإتفاق عليها وتتحقق من خلالها حرية العراق وبناء نظامه الديموقراطي القادم والمرتجى ولذلك يسعى الطرفان بشكل استباقي إلى إصدار قوانين التجريم والاجتثاث والإقصاء، ولو كان الحزب ضعيفاً أو هامشياً لما تهالكوا على إصدار مثل هذه القوانين الفاشية ولما جعلتهم يمعنون في مطاردة الحزب وأعضائه حتى يومنا هذا.
ونختم بالقول : إذا كان هذا هو موقف حزب البعث العربي الاشتراكي بلا رتوش وهذه هي حقيقته الثابتة على لسان الناطق باسمه فلماذا يوغل البعض في التأليف والتوليف والافتراء؟ ألا يعرف البعض كما قال المرشدي أن احتلال العراق عام 2003 قد قام على الافتراء والتوليف والكذب (أسلحة الدمار الشامل والتعامل مع القاعدة وغيرها من الافتراءات)؟ ألا نتوقف عن ذلك ونقف وقفة قومية مع الحزب الرئيس الذي يدافع الآن عن عروبة العراق ووحدته وكرامته، الحزب الأهم في القطر العراقي الممثل لكل الأطياف والقادر على توليد مشروع وطني للعراق يعيد له حريته ومكانته بين الأمم، وهو الحزب الذي بنى في السابق نهضة العراق الحديثة ووضعه في مصاف الدول المتقدمة، وقاد المقاومة الباسلة ضد الاحتلال وفقد فيها أكثر من مائة وستين ألفاً من أعضائه ولوحق الآخرون وشردوا في كل بقاع الأرض؟ ألا يعرف البعض أن هذا الحزب هو الحزب العربي الوحيد الملاحق بالاجتثاث والتشريد والقتل من قبل الاستعمار والصهيونية والأتباع من العملاء؟ ألا يتساءل البعض عن السبب؟ وهل إذا تمعنا جيداً في السبب قد يبطل لدينا التلفيق والعجب؟