مساء يوم الثلاثاء الموافق 17/2/2015 عقدت الأمانة العامة في التجمع القومي اجتماعها الاعتيادي لبحث الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال والتي شملت أهم القضايا السياسية والتنظيمية والإعلامية.
في الجانب التنظيمي تمت مناقشة الخطوات اللازمة لتفعيل دور اللجان داخل التجمع في ضوء الحوارات المستفيضة التي جرت حول وثيقة المراجعة التي قدمتها الأمانة العامة وتطرقت الى ضرورة التقييم الموضوعي لمجمل المواقف السياسية وإعادة قراءة أداء التجمع على المستوى الداخلي وعلى مستوى الساحة الوطنية بصورة عامة.
وفي هذا الاطار أشادت الأمانة العامة بتجاوب الأعضاء وبمستوى المناقشات التي سادت اللقاء المفتوح وما صدر عنه من اقتراحات وتوصيات تصب في مجرى تطوير اللجان وتفعيل دور الشباب والمرأة اضافة الى الجانب الأعلامي وما يتطلبه من جهود استثنائية لتحقيق قدر معقول من استخدام وسائل الاتصال الاجتماعي وإبراز مواقف وسياسات التجمع القومي ازاء كافة القضايا الوطنية والقومية.
وعلى المستوى السياسي فقد تطرق الاجتماع الى المستجدات على الساحة الوطنية والقومية وبعض القضايا المهمة وكما يلي:-
1- توقف الاجتماع عند الذكرى الخامسة لانطلاق الحراك الشعبي التي مرت علينا خلال الأيام القليلة الماضية في 14 فبراير في ظل ما تعيشه البلاد والمنطقة عموماً من متغيرات وتحولات خطيرة، في الوقت الراهن، ومع استمرار كل التداعيات السلبية التي خلقتها الأزمة السياسية منذ تفجرها في فبراير 2011م وفشل كل جولات الحوار التي انطلقت لمعالجتها وقد استذكر الاجتماع عطاء وتضحيات شعبنا من أجل قيم الحرية والعدالة والديمقراطية الحقة، عبر اقامة مملكة دستورية وإجراء اصلاحات دستورية وسياسية جدية كما نص ميثاق العمل الوطني على ذلك، وتحمله الكثير من المعاناة والمظالم السياسية والاجتماعية.
وفي هذا الصدد أكد التجمع القومي على أن الخطوات الضرورية واللازمة لمعالجة الأزمة التي لا زالت مستمرة وتتفاقم يوماً بعد أخر- تتمثل في اخراجها من المربع الأمني والرؤية الطائفية الضيقة، والعودة بها الى الرؤية السياسية والمبادرات الوطنية الشاملة ومعالجة الشرخ الخطير الذي أًصاب اللحمة الوطنية، كما لا بد من وضع حد للتناقض الصارخ بين الخطاب الرسمي حول دولة القانون والمؤسسات والحريات بينما الواقع يشهد تضييق شامل على العمل السياسي ومحاولة محاصرة قوى المعارضة وشل ارادة الجمعيات السياسية عبر العديد من التدابير والقوانين والقرارات اضافة الى استهداف رموز وقادة المعارضة بالاعتقال والتهديد بالمحاكمات وجميعها اجراءات لا تخدم حاضر ولا مستقبل البلاد، بل تسد اّفاق الاصلاح والتغيير الذي يتطلع اليه شعبنا بكل مكوناته وأطيافه، ويدعو الى إعادة الجنسية البحرينية لجميع المواطنين الذين أسقطت عنهم الجنسية على خلفية الأزمة السياسية ويرى في هذه الخطوة تعدياً صريحاً على حق أصيل للمواطن اضافة الى افتقار هذه القرارات الى الشرعية الدستورية والقانونية وتعارضها مع القيم الانسانية والاتفاقيات الدولية ، وكما يطالب السلطات بضرورة تنفيذ التزاماتها وتعهداتها الدولية خصوصاً توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وتوصيات مجلس حقوق الانسان.
ويؤكد التجمع القومي أن مثل هذه القرارات وغيرها لن تساعد السلطة على الهروب من الالتزامات والاستحقاقات الاصلاحية الدستورية والسياسية التي تفرضها الأزمة المستفحلة في البلاد، وما تتطلبه من حلول سياسية عادلة وقادرة على تغيير الواقع المتأزم وإصلاح مكامن الخلل السياسي والاجتماعي والأمني فيه، ولا سبيل الى ذلك سوى العودة الى طاولة الحوار والبحث عن مخارج تنهي حالة الجمود والقلق في المشهد السياسي وتوقف التدهور الأمني والسياسي.
2- جددت الأمانة العامة موقفها الثابت والمبدئي الرافض لكل أشكال العنف والتطرف وتأكيد التزامها بالعمل السياسي السلمي الذي ترى فيه الطريق الوحيد الموصل الى الأهداف المشروعة لشعبنا والمتمثلة في الحرية والعدالة والمساواة وانجاز هدف الديمقراطية على طريق بناء الدولة المدنية الحديثة، وانسجاماً مع هذا المبدأ فإن التجمع القومي يدين كل صور ومصادر العنف ويرى فيها تشويهاً متعمداً وضاراً للحراك الوطني الذي تميز منذ انطلاقه بالتحضر والسلمية، ويجدد تمسكه بأساليب النضال السلمي والحضاري خياراً وحيداً لتحقيق المطالب المشروعه والعادلة.
3- ومن الملفات الهامة التي تتطرق اليها الاجتماع ملف تقرير الرقابة المالية الذي صدر كعادة كل عام وهو يعج بالتجاوزات والمخالفات الإدارية والمالية، وفضائح الفساد، وقد حمل التقرير هذا العام مخالفات عديدة حول تجاوز القانون وإهدار المال العام و التأخير في تنفيذ المشاريع والأضرار بمصالح الوطن والمواطن، وقد كشف التقرير عن غياب الإدارات الكفؤة في أجهزة ووزارات الدولة لمكافحة الفساد خاصة في ظل تصاعد الدين العام والعجوزات المالية وانعكاس كل ذلك على الوضع الاستثماري في البلاد، وتحمل المواطن تبعات هذه السياسات في التعاطي مع الدين العام حيث يغيب القانون الذي ينظم هذا الدين وسقفه.
لذلك نرى تزايد رقعة الفساد واتخاذه عدة أوجه منها السياسي والمالي والإداري، بل ان هذا الفساد المشترك طال المؤسسات التي يفترض انها وجدت أساساً لمكافحة الفساد، وهذا يرجع الى أسباب عديدة وفي المقدمة منها ضعف الصلاحيات الرقابية الممنوحة الى مجلس النواب.
4- كما ناقش المجلس برنامج الحكومة الذي وافق عليه مجلس النواب الذي يفتقر الى الصلاحيات التشريعية والرقابية والكاملة، الأمر الذي أغلق أمامه أي خيار سوى الموافقة على برنامج الحكومة لأن البديل سيكون حل هذا المجلس وفقاً للتعديلات الدستورية الأخيرة التي جرى فرضها.
فقد أتسمت المحاور الستة للبرنامج الحكومي بالعمومية ولم يتطرق الى أية اجراءات ملموسة بتوسيع صلاحيات المجلس المنتخب رغم أهمية هذا العنوان في الأزمة السياسية الراهنة.
كذلك غاب عن البرنامج وجود خطة واضحة لإعادة اللحمة الوطنية التي تعرضت الى انقسام حاد وخطير منذ تفجر الأزمة قبل أربعة أعوام، كما لم نلمح فيه أية خطوات عملية لوقف حالات التمييز الفاضح في مؤسسات الدولة، علاوة على عدم ترابط هذا البرنامج بالرؤية الاقتصادية لعام 2030 اضافة الى وجود خلط واضح في هذا البرنامج بين الاستقرار السياسي بمفهومه الواسع وبين الاستقرار الأمني مما جعل التركيز والاهتمام ينصب على تعزيز القدرات الأمنية فقط، بينما الأمن الوطني الحقيقي هو الذي يجب ان يأخذ-أبعاده الوطنية الشاملة التي تتحقق معها المساواة والعدالة والأمن لجميع المواطنين وكفالة الحريات لكل أفراد المجتمع الذين يجب أن يشعروا بالاطمئنان في عملهم ومسكنهم وفي بيئتهم الاجتماعية، وكذلك الاطمئنان على مبادئ حرية الفكر والتعبير والعيش بكرامة وإنسانية والواقع ان البرنامج الحكومي قد تغافل وأسقط كل هذه الحقائق المحركة للوضع الراهن في البلاد، والأدهى من ذلك قامت السلطة بتوظيف مصادقة المجلس الحالي عن هذا البرنامج سياسياً وإعلاميا واعتبار هذه الخطوة قد أنجزت هدف الارادة الشعبية في الحكومة، وهو أمر مخالف للحقيقة ويناقض أسس الديمقراطية الحقيقية.
5- وعلى الصعيد القومي، يجدد التجمع القومي مواقفه المبدئية مما يجري في دول الخليج العربي وفلسطين والعراق وسورية واليمن وليبيا ومصر وغيرها. ففي الوقت الذي يؤكد التجمع القومي على الحاجة الملحة والضرورية لقيام حكومات دول الخليج العربي باتخاذ خطوات عاجلة للانفتاح على شعوبها وتعزيز قيم ومؤسسات الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمشاركة في القرار السياسي كمدخل لمواجهة الاخطار الداخلية والخارجية، فأنه يجدد موقفه المبدئي من دعم القضية الفلسطينية ورفض الحلول السياسية المتهاونة والاعتداءات والجرائم الصهيونية ويؤكد على وحدة الفصائل الفلسطينية على قاعدة برنامج نضالي لتحرير كامل الأراضي المحتلة. كما يرى أن طريق خروج العراق من محنته والقضاء على العصابات الأرهابية والتكفيرية لا يمكن أن يتم إلا عبر المصالحة الوطنية الشاملة القائمة على عملية سياسية جديدة تنهي دستور بريمر الطائفي وكافة قوانين الاجتثاث السيئة الصيت والمحاصصات الطائفية وأعمال المليشيات الطائفية وإطلاق سراح السجناء المعتقلين على خلفيات تصفيات طائفية ورفض كافة التدخلات الإقليمية والأجنبية في شئون العراق. كما يؤكد التجمع على ضرورة التمسك بالحلول السلمية والحوار في اليمن ورفض سعي أي طرف للهيمنة وفرض إرادته على الشعب اليمني الذي ضحى كثيرا من أجل التحول نحو مستقبل يقوم على الوحدة والشراكة بين كافة قوى الشعب اليمني. وكذلك الحال في سورية، حيث يرفض التجمع كافة التدخلات الأجنبية والأعمال الإرهابية، ويدعو النظام السوري لتحقيق مصالحة وطنية ووقف الهجمات العشوائية التي يروح ضحاياها أبرياء من الشعب السوري. ويعزي التجمع القومي الشعب المصري في شهداءه من الأبناء البررة الذين راحوا ضحية الجرائم الإرهابية في سيناء وليبيا.
صدر في 17 فبراير 2015م
الأمانة العامة للتجمع القومي الديمقراطي
مملكة البحرين