في 25 مايو الماضي مرت الذكرى الأربعين لتأسيس مجلس التعاون الخليجين حيث تأسس هذا المجلس بآمال عريضة من أبناء دول المجلس بالوحدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي سوف تخلق من هذا الكيان قوة منيعة تحمي أمنهم الإقليمي ويكون عونا قومية لقضايا الأمة المصيرية في التنمية وحماية الثروات والعدالة وتحرير الأراضي المغتصبة وغيرها من القضايا.
وواضح أنه بعد مرور هذه العقود الأربعة لا تزال الطموحات الكبيرة تراوح في مكانها، بل بالعكس تشهد العلاقات الخليجية الخليجية أوضاع أسوء مما كانت عليه قبل قيام مجلس التعاون، بالرغم من أننا بالطبع لا نقلل من كافة الانجازات التي تحققت على أصعد عديدة.
قبل عدة سنوات استضاف التجمع القومي المفكر الدكتور علي فخرو في ندوة متحدثا حول الاتحاد الخليجي. ونظرا لما تضمنه حديث الدكتور من رؤى واطروحات على غاية من الأهمية ولا تزال تطرح نفسها بقوة، نعيد في مناسبة ذكرى تأسيس المجلس ما ورد في هذا الحديث.
يؤكد الدكتور علي في بداية حديثه إن نسبة تصل الى 90 في المئة من شعب الخليج ستوافق على مشروع الاتحاد الخليجي إذا ما طرح كاستفتاء، بيد أنه استدرك بالتأكيد أن الشرط الأساسي لهذه الخطوة الاتحادية هو ألا تكون على حساب الحقوق والديمقراطية.
إن الوحدة الخليجية واحدة من القضايا المصرية، وهي مطلوبة، وأن الأمة لن تقف على رجلها دون وحدة أو نوع من الوحدة أو الوحدات، وإلا فإن الأمة العربية ستظل مهمشة الى أبد الآبدين، بيد أنه تساءل: «ما هو الشرط اذاً؟»
وأجاب: أن هناك شرطاً أساسياً وهو أن هذه الوحدة لا يجب أن تكون على حساب حقوق الإنسان أو الحقوق الديمقراطية التي اكتسبتها اي مجموعة داخل مجلس التعاون. فإذا قامت الوحدة، فليس صحيحا أن يقولوا البرلمان الكويتي ليس له محل، أو يعتبروا وجود الجمعيات السياسية في البحرين أمرا غير مقبول. الوحدة يجب ألا تمس أية مكتسبات… لا نقبل بالتراجع، لكن لا نصر على اما التقدم ديمقراطياً لما تحقق في الكويت أو في البحرين (جزئياً)، أو في عمان كحراكات من هنا وهناك، أو أن نقول ان ما حدث هنا يجب أن يحدث للجميع، فهذا كلام نظري ليس له مكان في الواقع.
توطين قومي وقوى عاملة
إن الوحدة فرصة تاريخية ستعني وجود تريليون ونصف التريليون او ربما 2 تريليون دولار من الدخل السنوي المستحصل من انتاج البترول والغاز الطبيعي، وهذه موازنة قادرة على ان تبني تنمية حقيقية في المنطقة بأيدي ابناء المنطقة أو ابناء الأمة العربية الذين سيأتون للعمل كتوطين، وليس التوطين السياسي المقصود هنا، ولكن توطين قومي وقوى عاملة، ونحن في الخليج اذا استطعنا ان نبني اتحاداً كونفدرالياً، فإننا نستطيع ان نساهم بشكل كبير في نهوض الأمة العربية، ولسنا في حاجة لذكر المال العربي الذي يساهم في تنمية الاقتصاد الاميركي والأوروبي، فيما جمهورية مصر العربية تستجدي الصندوق الدولي للحصول على قرض 5 مليارات، في حال أن المملكة العربية السعودية، بلغ دخلها العام الماضي تريليون دولار، ومصر لا تحتاج اكثر من عدة مليارات لاستعادة عافيتها، لهذا أقول ان الوحدة الخليجية هي لبناء التنمية والاقتصاد وبناء الأمة العربية ولإنهاء قضية عروبة الخليج كقضية كبرى، واذا تحدثنا عن وحدة، نتحدث كمجلس تعاون يضاف اليه اليمن والعراق بعد أن يتحررا من الوضع الذي يعيشهما الآن.
أساس إنشاء مجلس التعاون
أن الحديث عن وحدة الخليج لو طرحت في فترة الخمسينيات، لقلنا انها انظمة رجعية غير مرغوب فيها ونرفضها، لكن على الوحدويين إن ارادوا الرفض أن يطرحوا اسباباً غير هذا السبب، بل يجب أن نقول لأنفسنا ان أي وحدة بين أي قطرين يجب أن نرحب بها لأن الوحدة يجب أن تكون امراً مقدساً في حياتنا، وحين نذهب الى مجلس التعاون الخليجي الذي قام في العام 1981، سنجد أنه قام لأسباب لا تتعلق بفكرنا نحن، ولم يكن مبنياً على ايديولوجية وحدوية… نعم، النظام الاساسي ينص على تعاون وتنسيق الى آخره انتهاءً بوحدة دول مجلس التعاون… اذاً، هناك هدف لهذا التعاون، لكنه قام لأسباب أمنية بحتة تجاه مخاوف كقضية تصدير الثورة الإيرانية لهذه المنطقة، لكن ما الذي شمل مسيرة مجلس التعاون على مدى الأعوام الماضية ؟ وما هي الخواص التي تميزت بها هذه المسيرة؟.
بطء المسيرة الاقتصادية
وبالنسبة للجانب الاقتصادي، شهدت مسيرة دول الخليج الاقتصادية بطئاً على أبعد الحدود، فقد طرحوا فكرة الوحدة الجمركية في العام 1981، وبعد مرور 33 عاماً، وبحسب ما أعلن عنه أحد المسئولين، فإن الوحدة الجمركية لم تكتمل وانها ستكتمل في العام 2015، ثم طرحت فكرة السوق الخليجية المشتركة، وهذه لا يمكن أصلاً أن تنشأ الا بعد توحيد التعرفة الجمركية، حتى لو تحدثت عن سوق مشتركة، لابد من انتظار توحيد الجمارك وفيها مشاكل… وتعلمون انه منذ العام 2007 تحدثوا عن العملة الموحدة، ورأساً وفي حينها، اعترضت دولتان على ذلك المشروع، ونشأ صراع عن مكان البنك المركزي هل سيكون مقره في الإمارات ام في السعودية؟ ويعود الحديث اليوم عن توحيد العملة ونجد أنه لا عمان ولا الإمارات ولا الكويت يريدون ذلك.