حسن المدحوب
اعتقال أو حبس الشيخ علي سلمان، هو نقطة صغيرة في كل ما جرى أو يجري في البلاد، فعلى الرغم من رمزيته كزعيم معارض، إلا أن الأزمة في البحرين لا يمكن اختزالها في أشخاص، وهذا هو ذاته ما كان يتحدّث به سلمان في عدة مناسبات.
ما يجري في بلادنا، هو تراكم لإضافات مستمرة في قناعات الناس، بأن البحرين بلا مستقبل، مادامت الأمور تسير بعيداً عن الشراكة والعدالة والمساواة واحترام آدمية الناس.
أزمات البحرين تتواصل منذ ما يزيد عن مئة عام ولغاية يومنا، لأن الحلول الأمنية هي التي تسود في البداية والنهاية، ولم يتم تجريب الحلول السياسية في أي محطة من محطات هذه الأزمات، وكأن قدر البحرينيين أن يحملوا آلامهم معهم ويورثوها لأبنائهم جيلاً إثر جيل.
أين هو المستقبل الذي يمكن أن نبشّر به أبناءنا، وآباؤنا كانوا يحلمون أن يُعامَلوا كمواطنين، لهم ذات الحقوق وعليهم ذات الواجبات التي لغيرهم. أهناك حلم إنساني أدنى حجماً من هذا الأمر الذي تكفله كل الأديان والمعتقدات السماوية والقوانين والدساتير الأرضية؟
أي مستقبل ينتظر البحرين وأهلها، وهناك ما يصل إلى 150 بحرينياً محكوماً بالمؤبد، مع أحكام أخرى بالإعدام، وما يزيد عن 3 آلاف معتقل، منذ بدء الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ قرابة السنوات الأربع؟
أي مستقبل ينتظر البحرين، وأهل البحرين، سنة وشيعة، يشعرون أنهم غرباء في وطنهم ووطن آبائهم وأجدادهم، بعد أن ملئت البلاد عن بكرة أبيها بالأغراب والأجانب، وهي التي تفيض أصلاً بأهلها، وكل ذلك من أجل غلبة سياسية الله العالم مداها ومآلها.
أي مستقبل ينتظر البحرين، والتمييز والطائفية باتت يلعب بها بلا حساب، بل وأصبح يلعب بها باسم الدين، وكأن هناك ديناً من الأديان أو معتقداً من المعتقدات، يرى في ظلم الناس وهضم حقوقهم وإقصاء المستحق وتقريب غير المستحق، شريعة أو منهجاً يتقرب به إلى الله!
عندما تضيع قيم العدالة والمساواة والإنسانية والحرية والكرامة، وتحل محلها لغة الحلول الأمنية ومنطق الغلبة، فعن أي مستقبل يمكن أن يتحدث الآباء لأبنائهم، وعن أي آمال يمكن أن يورثها جيلٌ إثر آخر؟
إذا كنا فعلاً نؤمن أن هذا الوطن وطننا، وأن الأرض أرضنا جميعاً، فليس هناك أحرى من الإيمان بأن الشراكة في البلد فيها الخير للجميع، بلا استقواء طرف على آخر، أو هيمنة فريق على فريق. والبحرينيون يستحقون أن يشعروا بالعدالة والمساواة والحرية لأنها أبسط قيم الفطرة الإنسانية التي طبع عليها البشر، وهم ليسوا أدنى إنسانيةً من غيرهم.
نتمنى أن تتوقف كل الحلول الأمنية التي أرهقت البلاد وأضاعت مستقبلها، فلعل أبناءنا يجدون ما يحلمون به لمستقبل أفضل تسود فيه العدالة والخير للجميع، ولا مكان فيه للتمييز والطائفية السوداء.