هاني الفردان
دخلنا يوم الخميس الماضي العام الجديد (2015) مخلفين وراء ظهورنا عام 2014 بكل ما فيه من خيره وشره، وألمه وسعادته، وأفراحه وأحزانه.
نخلف وراء ظهورنا عاماً «دراماتيكياً» بتحولاته، ومراحله، وتقلباته السياسية، فقد شهد ذلك العام في مطلعه أملاً «رغم محدوديته» لحل أزمة سياسية خانقة، وشهد العام ذاته نهاية ذلك «الأمل».
في مطلع العام الماضي (2014) ومن دون أي مقدمات أعلنت جمعية الوفاق في (15 يناير/ كانون الثاني 2014) عن لقاء جمع ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، والأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان، بحضور مساعده السياسي خليل المرزوق، والقياديين بالجمعية عبدالجليل خليل وجميل كاظم. تم خلاله الحديث عن دعوة أو مبادرة جديدة جادة للحوار.
ومن دون مقدمات أيضاً شهدت تلك الدعوة حملة «مجنونة» من قبل الرافضين للحوار، بلغت أشدها سياسياً في أروقة السلطة، وتم الحديث عن خلافات علنية بين القوى المتصارعة، ظهرت للسطح من قبل مجموعة مغردين «موالين» قد أعدوا من قبل لهذه اللحظة عبر اجتماعات رسمية من أجل توجيه ما قلنا عنه من قبل «ضربة استباقية» لأية محاولة جادة إصلاحية.
ما يمكن أن نسميه بـ «حوار ولي العهد 2014»، جاء في ظل وجود دعوات سابقة من سمو ولي العهد للحوار كانت في 2011، و2012.
المشهد التاريخي القريب يبدو أنه يعيد نفسه، فمبادرة «حوار ولي العهد 2011»، التي طرح فيها المبادئ السبعة المعروفة، انتهت مع إعلان حالة السلامة الوطنية بعد يوم واحد فقط من طرحها! أما مبادرة «حوار ولي العهد 2012» التي أعلن عنها في السابع من ديسمبر/ كانون الأول 2012 خلال افتتاحه منتدى حوار المنامة، فانتهت هي الأخرى بعبارة «فهمتموها غلط»، وحُوّرت بعد ذلك لحوار آخر وضعت معالمه وقوالبه السلطة وتسلم زمامه وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، حتى عُلّق في (8 يناير 2013).
«حوار ولي العهد 2014» كان غير واضح لمدة طويلة، في ظل اكتفاء سمو ولي العهد بظهور إعلامي واحد فقط في (15 يناير الماضي) بلقاء أطراف الحوار.
يوم الثلثاء 17 سبتمبر/ أيلول 2014 شهد نقطة تحول جوهرية في مسيرة «حوار 2014» عندما أعلن عن لقاء جمع ولي العهد، بقصر الرفاع بعددٍ من الأعيان وشخصيات المجتمع (من دون أقطاب المعارضة)، وتناول اللقاء ما تحقق من خلال تفعيل المشاركة الشعبية واستمراراً للأخذ بمنهج التوافق، وإطلاع الأعيان وشخصيات المجتمع وأخذ رأيهم حول ما تم التوصل إليه بالمحور السياسي في استكمال حوار التوافق الوطني والمتضمن إطاراً واضحاً يمثل قاسماً مشتركاً بين جميع الأطراف المشاركة. إذ كشف ذلك اللقاء عن مساحة «الاختلاف» بين السلطة والمعارضة حول الأزمة السياسية، وتحولت السلطة من لغة «التوافق» إلى «القواسم المشتركة» وطرحها مشروعاً سياسياً لم تقبله المعارضة، التي سارعت أيضاً بعد ذلك لتأكيدها مقاطعة الانتخابات النيابية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014.
رغم الحديث عن أن لا أزمة سياسية في البحرين، وأن الأمور عادت لطبيعتها بعد أحداث 14 فبراير/ شباط 2011، إلا أن الواقع يؤكد عكس ذلك، فالأزمة السياسية بلغت أشدها بين الغريمين السلطة والمعارضة، فما لم تقدم عليه السلطة في أوج قوتها وحملتها الأمنية في منتصف مارس/ آذار 2011، مع إعلان حالة السلامة الوطنية وحملة الاعتقالات الواسعة التي طالت قيادات ورموز سياسية ونشطاء وجملة التجاوزات السياسية والقانونية والحقوقية التي وثقها تقرير لجنة تقصي الحقائق، أقدمت عليه في نهاية العام 2014 وذلك باعتقال من يعتبر، ويعرف محلياً وحتى دولياً بقائد المعارضة البحرينية الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان.
في فترة السلامة الوطنية، ارتكبت السلطة وباعترافها أخطاء جسيمة سياسياً واجتماعياً وحقوقياً، وثقها تقرير السيد بسيوني، واعترفت بها السلطة رسيماً، ومع ذلك بقيت قيادات الوفاق تمارس دورها السياسي، مع بعض المضايقات «البسيطة» تمثلت في الاستدعاء والتحقيق والمحاكمات ومنع من السفر.
التفسير المنطقي لاعتقال الشيخ علي سلمان يؤكد أن البحرين تعيش أزمة سياسية «ملتهبة مخفية» تساوي أو تفوق ما عاشته في العام 2011 من أزمة «ملتهبة علنية»، وهو الأمر الذي جعل من السلطة تقدم في نهاية 2014 على ما لم تستطع وتحاشت فعله في 2011.