مريم الشروقي
بالأمس تمّ توقيف الأمين العام لجمعية الوفاق الإسلامية الشيخ علي سلمان، وكانت التهم الموجّهة إليه، حسب ما أفاد المحامي الأخ عبدالله الشملاوي لـ «الوسط»، «تهم تتعلق بأنه ألقى خطباً خلال الفترة بين عامي 2012 و2014 من شأنها التحريض على كراهية نظام الحكم، والدعوة لإسقاط نظام الحكم بالقوة، وتحبيذ الشباب بأن الخروج على النظام جائز شرعاً، إهانة القضاء، إهانة السلطة التنفيذية، والتحريض على بغض طائفة من الناس، والاستقواء بالخارج، وبث بيانات وأخبار كاذبة من شأنها إثارة الذعر والإخلال بالأمن، والمشاركة في مسيرات وتجمعات تتسبب في الإضرار بالاقتصاد».
السؤال هو عن تضييق الخناق على جمعية الوفاق الاسلامية، وهي جمعية رسمية تعمل في وضح النهار، ولها جماهيرها وأجندتها السياسية المعلنة حتّى ولو وُصفت بالطائفية، ولكأنّ الجمعيات الإسلامية السنّية الأخرى ليست بطائفية! وقد أثبتت هذه الجمعية (الوفاق) حضورها في الشارع البحريني من خلال اكتساح جميع الدوائر ذات الغالبية الشيعية، وعلى رغم اختلافنا مع الوفاق إلاّ أنّ هذا تفويض على أدائها المتميّز خلال فترة تواجد نوابها في مجلس النوّاب منذ 2006، مع أنّ القوانين داخل المجلس واللائحة الداخلية كانت تحد من أدائهم.
الغريب أنّ وزارة العدل بعد أن عقدت الوفاق مؤتمرها العام، صرّحت بأنّها ستنظر في قانونية هذا المؤتمر، وصرّح مكتب شئون الجمعيات السياسية بالوزارة بأنه ومن خلال المتابعة فإن جمعية الوفاق أعلنت عقد مؤتمر عام لها، وشارك فيه وفقاً لتصريح صادر عن الجمعية ألف وثمانيمئة وثمانية أعضاء، من أصل خمسة وثلاثين ألفاً وثلاثمئة وثمانية وثلاثين عضواً بحسب السجلاّت الرسمية. وأشار المكتب إلى أن الوزارة بانتظار تزويدها بمقررات وإجراءات المؤتمر العام للجمعية خلال 10 أيام من تاريخ انعقاد المؤتمر العام تبعاً للقانون، حيث ستقوم الوزارة بالنظر في صحة تلك القرارات والإجراءات.
الغريب أنّ الوزارة تدقّق على جمعيات وتتهاون مع جمعيات أخرى، فجمعية الوفاق لم تستطع الفرار من أرقام وزارة العدل، فلقد كانت تحت المجهر دائماً، ليس المجهر فقط بل الميكروسكوب، حتى لا يسقط خطأ بسيط جدّاً من دون علم الوزارة لمحاسبة الجمعية، أمّا الجمعيات الأخرى فلا أرقام ولا نظّارة، ولو قام أحد رؤساء الجمعيات السياسية بتغيير مفاتيح أبواب الجمعية لمنع الأعضاء من الدخول!
من الواضح عدم رضا وزارة العدل على المؤتمر العام الذي انعقد منذ أيام، ويخشى الكثيرون أن تذهب الوزارة إلى إيقاف الجمعية لمدّة 3 أشهر تقريباً، وهي ليست بجمعية عادية لأنّها كانت تمثّل نصف أعضاء مجلس نوّاب 2006-2010، بل تمثّل الكتلة الكبيرة من الناخبين أي 63 % تقريباً من الناخبين!
أي موجٍ سيحملك يا وطني؟ هل موج التصعيد والتأزيم والانقسام؟ أم موج التسامح والتعايش والمصالحة التي تشغلنا جميعاً؟ وهل نقرأ دروس التاريخ سواءً من جانب الدولة أو الأفراد أو الجماعات من أجل الاستفادة والعظة والتطبيق، حيث علّمتنا هذه الدروس بأنّ تدهور أوضاع الدول والأمم هو الصراع بين طبقات المجتمع وأطيافه!
إنّ المصالحة والوفاق بين أطياف المجتمع البحريني أمرٌ مسلّم به للخروج من هذه الأزمة الداخلية التي نعيشها، حتى ولو قيل بأنّ ليس هناك أزمة أو مشكلة أو مأساة، ومهما حاول البعض استسهال عملية غلق «الوفاق»، فإن شارعها مازال حاضراً، وما نقول إلاّ سلمك الله يا وطني من الفتن ما ظهر منها وما بطن.