قاسم حسين
عقد اجتماع بديوان وزارة الداخلية الساعة الواحدة من ظهر الثلثاء (23 ديسمبر 2014)، جمع الوزير الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، مع عدد من قيادات المجتمع.
الاجتماع ضم 18 شخصاً، تم الاتصال بهم صباح يوم الاجتماع، بصفتهم الشخصية، وذهبوا للاجتماع دون أن يكون لديهم فكرة مسبقة عن الاجتماع وأهدافه وحضوره. كما أن المدعوين كانوا من مكوّن اجتماعي واحد، بينما لم يحضر أي مدعو من المكوّن أو المكوّنات الأخرى، ما يؤكّد أن هناك رسائل معيّنة خاصة كان يُراد توجيهها على عنوان بريدي واحد فقط.
من الشخصيات التي دعيت للاجتماع، نائبان سابقان عن جمعية «الوفاق»، عبدعلي محمد حسن (سترة) وعبدالحسين المتغوي (الدراز)، وفي ذلك دلالته الخاصة جغرافياً، حيث تمثل كل منطقة منهما كثافةً سكانيةً تعاني من مشكلات متراكمة وحرماناً طويلاً. إلى جانب عضوي «الوفاق»، دُعي للقاء أمين عام «المنبر التقدمي» السابق، الكاتب المعروف حسن مدن، وخلفه عبدالنبي سلمان (نائب سابق 2004). فيما لم يُدعَ أيّ ممثلٍ عن بقية الجمعيات المعارضة الأخرى ولو بصفتهم الفردية، فضلاً عن المكوّن الوطني الآخر. كما غاب عن اللقاء أيٌّ من النواب الجدد، وحضره بعض أفراد الشورى.
اللقاء على أهميته، لم تنشر عنه صحف أمس (الأربعاء) كلمةً واحدةً، ما عدا «الوسط»، التي أفردته كخبر رئيسي على الصفحة الأولى، ونشرت تفاصيله في الصفحة 11.
الاجتماع تضمن توجيه الكثير من الرسائل السياسية، وفي الاتجاهين. فمن جهته، أكّد وزير الداخلية «التحديات الأمنية التي تواجهها البحرين والآتية من انقسامات الإقليم، ما يتطلب تأكيد الوحدة الوطنية وقيم التعايش بين أبناء البحرين… ويجب أن نتجاوز الآلام والجروح إلى وضع أفضل؛ لأن البحرين بلد لكل أبنائه دون تفرقة ودون تمييز، وهو وطن الجميع». وكان لافتاً إشارته إلى «التنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة لرفع درجة اليقظة والاستعداد لمجابهة التحديات»، وتلاها إشارته إلى ما حدث في الإحساء (مجزرة الدالوة)، ما يتطلب مزيداً من اليقظة والوعي… ولدينا مشاكلنا التي يجب أن نحلها في الإطار الوطني بعيداً عن التدخلات الأجنبية». وحين سئل الوزير عن المتسلقين الذين يعيشون على الأزمات، وباتوا يمثلون أفراداً وقوى اجتماعية فاعلة، أجاب: «علينا أن نقطع الطريق على من يقتاتون على الفرقة بين الدولة والمجتمع».
إذاً هناك اعترافٌ مهمٌ بأننا بتنا نتأثر باهتزازات المحيط الإقليمي، فلسنا نعيش في جزيرةٍ منعزلة. والإشارة إلى «الدالوة»، تلك القرية الإحسائية الوادعة التي ضربها الإرهاب في ليلةٍ لظماء، ليست بعيدةً عنا، خصوصاً مع وجود ما لا يقل عن مئة محارب من البحرين ضمن حركة «داعش»، حسب إشارات بعض المسئولين، وبعضهم على مستوى قيادي. وهو ما يذكّرنا بتغريدةٍ كتبها وزير الخارجية على موقع «تويتر» قبل شهرين، شكر فيها قوى الأمن لتجنيب البحرين مثل هذه الواقعة الدامية.
عبدالنبي سلمان أكّد هذا الأمر، حيث أشار إلى تركيز اللقاء على المخاطر القادمة من خارج الحدود، حيث تتحرك العناصر الإرهابية عبر المنافذ الجوية والبرية. وفي مقابل الرسائل التي أراد الوزير إيصالها، أوصل سلمان رسائل أخرى، حين طالب بفتح صفحة جديدة في البحرين عبر «إلغاء التمييز»؛ والمضي في حوار حقيقي جاد، وعدم تهميش وإقصاء الناس بسبب أفكارهم ومعتقداتهم، والانفتاح على قوى المجتمع، بعيداً عن محاصرة الحريات. ,المح إلى أن البرلمان الجديد لا يستطيع أن يقدّم شيئاً ما لم تكن هناك «مصالحة وطنية وشراكة حقيقية».
رضي الموسوي (وعد) أكّد أيضاً على تركيز الوزير على خطر الإرهاب و»داعش» وما أشار إليه من تخوفات كبيرة من أن يطال هذا الارهاب مواكب العزاء، لذلك كثفت الأجهزة الأمنية مراقبتها لتمر بصورة سليمة، فضلاً عن زيادة التنسيق بين الأجهزة الأمنية الخليجية وتسليم بعض الأشخاص المطلوبين إلى السلطات السعودية بعد وصولهم إلى البحرين.
اللقاء إذاً كان فرصةً لتبادل الرسائل، فالموسوي أشار إلى رفض الحضور للعنف بكافة أشكاله؛ وإلى ما تشهده بعض المناطق من انتهاكات وإغراق بالغاز المسيل للدموع بعد أية مناوشات أمنية؛ وإلى ضرورة إحداث انفراج أمني وسياسي بالإفراج عن الأطفال والنساء ابتداءً، لإحداث نقلة نوعية حقيقية في الوضع السياسي المأزوم. كما تحدث بعض الحضور بصراحةٍ تامةٍ عن عملية التمييز المكشوفة التي تتم في مؤسسات الدولة، خصوصاً في وزارة التربية والتعليم حيث يجلب الكثير من المدرسين من الخارج بينما مئات العاطلين عن العمل المؤهلين ترفض الوزارة طلبات توظيفهم، وهو أمرٌ غريبٌ وغير طبيعي، ولا يحدث في أي دولة عربية أو خليجية أخرى.