حسن المدحوب
أيام قلائل تفصلنا عن العام الجديد 2015، ويبدو أن أمنيات المواطن البحريني فيه، في جلّها، لن تكون إلا مؤجلة، ذلك أن مجريات الأمور لا تبشر بخير.
في عامنا المقبل القريب، على الصعيد المعيشي، لا مكان فيه لأن نتمنى للناس أن يحظوا بزيادة رواتبهم، ولا يبدو أن أحداً سيطالب بذلك أصلاً، فلا الحكومة تريد ذلك، ولا أظن أن النواب يجرأون على المطالبة به، فإذا كانت الحكومة في أوج ارتفاع أسعار النفط تتغنى بالعجز والقروض والدين العام، فكيف بنا الآن وأسعار النفط قاربت إلى أن تهبط إلى نصف أسعارها السابقة.
إسكانياً، ربما تكون أمنيات أن تنتهي المشكلة الإسكانية، وأن يحصل البحرينيون على بيوت الإسكان التي تنتظرها كثير من الأسر البحرينية لمدد ناهزت 20 عاماً، بمثابة أضغاث أحلام، فالمشاريع الخاصة التي استحوذت على البر والبحر، أولى من هذا المواطن وهي أحق منه بالأراضي، وأما البحريني فعليه أن يستمر في الانتظار عاماً بعد عام وإلى أجل غير مسمى.
أما سياسياً، فمن الظاهر أن جميع أمنياتنا لا مكان لها في عامنا الجديد، أمنيات البحرينيين بالوصول إلى حل ينهي الأزمة التي نهشت في البحرين نهشاً طوال السنوات الماضية تبخرت، وبات من المؤكد ألا أفق قريب للحل السياسي.
أمنيات آلاف العوائل البحرينية بالإفراج عن أبنائها القابعين في المعتقلات، لا محل له من الإعراب في ظل سيطرة فكرة التعاطي الأمني، ورفض أي حوار حقيقي أو تسوية من شأنها أن تعيد لهذه الأسر بسمتها التي فقدتها بسبب ذلك، ولنا أن نشعر بإحساس الأمهات والآباء والأطفال الذين قد يشعلون قناديل أمنياتهم من أجل ذلك، ولكنه فيما يبدو أمنية صعبة المنال في عامنا المقبل، مع استمرار الوضع السياسي على تعقيداته الحالية.
أمنياتنا في إنهاء ملف التمييز الذي ينخر في البلاد، أيضاً لا مكان لها في عامنا المقبل، فمهندسو الكراهية ومروجوها والنافخون في نارها، يرون هذا الوطن ساحة مغانم، وليست وطناً يحتضن جميع أبنائه، لذلك فلا رجاء أن يتمنى كل البحرينيين أن ينتهي هذا التمييز الذي طاول كل شيء في هذه الأرض، لأنه رجاء أقرب للمستحيل.
وطنياً، الطائفية التي فرقت الجار عن جاره، والأخ عن أخيه، ماتزال على حالها، وفرز المجتمع بات يتم بصورة علنية، وتمنياتنا للعام المقبل بأن يُزال هذا البلاء عن وطننا وهو ما يحتاج إلى معجزة!
أما في ملف الفساد، فلا ريب أن جميع أمنيات البحرينيين بمحاسبة الفاسدين، هي أيضاً آمانٍ مؤجلة، فمن يملك الشجاعة لأن يوقف «هاموراً» واحداً مخالفاً؟ ومن يملك الجرأة لأن يفتح ملف فسادٍ هنا أو هناك؟ لذلك نقول لكل البحرينيين، حاولوا أن تخروا هذه الأمنية لعام آخر، فعامنا المقبل لا قبِل له بتحقيق هذه الأمنية.
أمنيات البحرينيين بالنزوع إلى الحرية والكرامة والمساواة هي كذلك أحلام مؤجلة، فالعام المقبل لا يحمل جديداً في هذا الصدد، وربما علينا أن ننتظر عاماً آخر غير عامنا المقبل من أجل أن نتمنى كل ذلك.