حسن المدحوب
قبل أيام تم التعرض إلى طائفةٍ في البحرين بالسبّ والشتم العلني، ونحن على أبواب شهر محرم الحرام، وكأن ذلك السبّاب الشتّام يريد أن يؤلب الناس على بعضهم البعض قبيل هذا الموسم الديني الذي تزداد فيه المشاعر الدينية، ويكفيك أن تتنبه إلى هذا التوقيت لتستشرف نوايا هذا الشتّام السبّاب.
واللافت في الموضوع أن هذا الشتم أيضاً ترافق مع فتح باب الترشح إلى الانتخابات النيابية المقبلة، وكأن نمط التفكير الذي دفع هذا السبّاب الشتّام، مفاده أن شتم الناس ومعتقداتهم هو الطريق الأسهل للوصول إلى البرلمان.
والواضح كذلك، أن الشتم كان من فوق منبر ديني وفي خطبة الجمعة، وعلى الملأ، من دون أن نسمع لا من إدارة الأوقاف التي يتبعها هذا (الخطيب- المترشح)، صوتاً ولا حساً، ولا من وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، التي تشرف على ضوابط الخطاب الديني وعلى إدارة هذه الأوقاف، ولا من النيابة العامة التي سارعت أكثر من مرةٍ إلى حبس مواطنين لأهانتهم «شخصاً موضع تمجيد لدى أهل ملة»، في حين أن من يهين ملةً كاملةً لا يتم حتى استدعاؤه لسؤاله، فضلاً عن حبسه كما يتم مع غيره.
ومن البيّن أيضاً أن لهذا الساب الشتّام تاريخاً حافلاً في تعمد التعرّض إلى طائفة دينية محددة وكبيرة وأصيلة، غير أنه رغم كل هذا التاريخ الأسود في شتم الناس ومعتقداتهم، مانزال نراه يكرّر ذات الشتائم والسباب. وهذا الأمر يعني أحد أمرين: إما أنه لا يوجد قانونٌ في البحرين، فلذلك لا رادع قانونياً يردع الشاتمين لمعتقدات الناس، أو أن هناك من هم فوق القانون، ولا يُحاسَبون ولا يُسمح لأحد بإلزامهم بالقانون!
طرحنا أكثر من مرة، أن القانون يجب أن يكون محترماً ومقدّراً، ولكي يكون كذلك لابد من التعامل معه بعينين لا بعينٍ واحدة، واحترام معتقدات الناس وطوائفهم ليس ملفاً للمساومة عليه أو تحقيق مكاسب سياسية من خلاله.
قد يتحدث البعض أن ما جرى في العام 2011، كان السبب هو ازدياد التعرض إلى مكوّن رئيسي في المجتمع، ولكن السب والشتم لم يتوقف طوال تلك السنوات، لا قبل 2011 ولا بعده!
من المؤلم لنا كبحرينيين أن يتم استغلال شتم الناس وطوائفهم، من أجل الوصول إلى قبة البرلمان، الذي يفترض أن يكون مكاناً يجمع البحرينيين ويوحّدهم، لا أن يكون طريق الوصول إليه هو شتم الناس وسبهم والتعرض لمذاهبهم.
نحن كبحرينيين من حقنا أن نختلف سياسياً، وبأي عمق كان، فمن الواضح أن البحرين تعيش حالة سياسية معقدة، كانت أحداث فبراير/ شباط 2011 أحدث إرهاصاتها، ولكن ليس من حق أحد أن يستغل هذا الانقسام من أجل أن يهين معتقدات الناس وطوائفهم، أياً كان هذا الشخص من هذا الطرف أو ذاك.
هذا الكلام، لا ينطلق من حس طائفي ولا حتى ديني، بل من منطلق وطني وإنساني، نرفض فيه إهانة أيّ إنسان بحريني؛ ونرفض أن تُهان معتقدات الناس أياً كانت؛ ونرفض أن يتم استغلال الشتم والسب في الصعود للمناصب والمواقع الرسمية.