حسن المدحوب
قبل أيام أعلنت المعارضة أنها لن تشارك في انتخابات 2014، وقالت أن السلطة أطاحت بالحل السياسي، بعد أن قامت منفردةً بإقرار تعديل للدوائر الانتخابية وصفته المعارضة بأنه «أسوأ من التوزيع السابق».
وذكرت المعارضة أنها لن تشارك لا بصورة مباشرة ولا بالباطن، في هذه الانتخابات التي ستجرى في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
لسنا بصدد تقييم قرار المقاطعة، لأن فيه من التفصيلات ما يحتاج الوقوف عليها ومناقشتها، ولسنا كذلك بوارد وزن قرار المشاركة وتداعياته، لأن كلا الرأيين يجب أن يوضعا في ميزان الواقع السياسي بتمحيص وهدوء.
ما يهمنا الآن، أن قرار المقاطعة قد اتخذ، ونحن أمام قرار سياسي سيكون له تأثيره على الشارع الوطني لمدة قد تصل إلى أربع سنوات مقبلة.
في المؤتمر الصحافي للمعارضة، الذي انعقد مطلع هذا الأسبوع، سألت قياديي المعارضة «هل تعون فعلاً حجم الخسارة التي سيسببها لكم قرار مقاطعة الانتخابات؟»، لم يكن القصد من وراء هذا السؤال مناصرة قرار المشاركة، ولكن على الجميع فعلاً أن يدرك أن قراري المشاركة والمقاطعة لهما منافع وخسائر وطنية ينبغي التنبه لها، وتغليب هذا الموقف أو ذاك إنما يأتي بسبب ثقل كفة هذه أو خفة كفة الأخرى، بحسب الميزان السياسي الوطني.
وفي حقيقة الأمر، فإن مقدار تعديل الدوائر الانتخابية بالشكل الذي تم، كان محبطاً للشارع الوطني عموماً، لأنه قدّم رسالة للجميع أنه لن يكون هناك توافق وطني على أيٍّ من الملفات السياسية الكبرى، التي تراكمت عبر عقود، وجاء حراك فبراير/ شباط 2011، ليقدّم صورةً بالغة الخطورة لحالة الاحتقان الشعبي بسبب سياسات التمييز والفساد وغياب العدالة والحرية والديمقراطية الحقيقية.
وإذا كنا منصفين، سنقول أن السلطة – باعتبارها تملك زمام الأمور- لم تقدّم شيئاً للناس يشعرهم أن هناك إرادةً للإصلاح والتغيير والتصحيح، بعد كل الدم الذي سال والمآسي التي ارتكبت منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات وحتى الآن. والسؤال المنطقي الذي يدور في أذهان الناس جميعاً: لماذا لم تقدّم السلطة أي تنازل ولو كان محدوداً، لتنقذ مشروعها السياسي على الأقل؟.
وفي الجانب الآخر، وبغض النظر عن مدى صوابية أو خطأ قرار المقاطعة، لنا أن نسأل المعارضة ما الذي ستفعله خلال أربع سنوات مقبلة، قطعاً ستكون سنين عجافاً عليها، لأنها هي أيضاً لا تملك إرادة التغيير الحقيقي المملوء بالشوك والصعاب، ولا تملك أن تتحرك خارج الخطوط الحمر، وما أكثر هذه الخطوط!
في العام 2002 قاطعت المعارضة الانتخابات للاعتراض على إصدار الدستور بصورة منفردة، ولكنها قرّرت بدون أن يحدث أي تغيير أو تنازل من قبل السلطة أو في الواقع السياسي أن تدخل البرلمان، بعد أن أصبحت خلال السنوات الأربع وقتها أشبه بالجمعيات الميتة، التي اقتصر حراكها على ردات الفعل ضمن الحدود الحمر المسموح بها، وبالتالي فإن حراكها المعارض لم يكن ذا تأثير يذكر، ولم يكن قادراً أبداً على دفع السلطة لتقديم أي تنازلات لهم.
اليوم، نحن أمام سيناريو شبيه بالعام 2002، الذي اعترضت فيه المعارضة على انفراد السلطة بالقرار الوطني، ولكننا نسأل هل سيتكرر بعد أربع سنوات من الآن، سيناريو العام 2006؟