فخرو: تعقُّد الأمور ليس من مصلحة الجميع… وسيادي يدعو لتوطين الأجهزة الأمنية… رضـــــــــي: لانزال بعيدين عن الديمقراطية…
شخصيات وطنية تطلق «نـداء الديمقراطيـة» وتدعو لمشروع شامل للإصلاح السياسي
دعت شخصيات وطنية أطلقت «نداء الديمقراطية» إلى «تنفيذ مشروع شامل من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ترتكز على مبانٍ واضحة في التحول نحو النظام الديمقراطي في إدارة الدولة واحترام الحريات العامة والخاصة واحترام حقوق الإنسان وتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق».
وأطلقت الشخصيات الوطنية خلال تجمع «نداء الديمقراطية» الذي عقد تحت عنوان «نداء البحرين من أجل الديمقراطية»، أمس السبت (13 سبتمبر/ أيلول 2014) في نادي العروبة بالجفير، والذي دعت له شخصيات وقوى وقطاعات مختلفة من شعب البحرين، ذاكرة أن هذا النداء «من أجل البحرين ومن أجل مستقبل البحرين، ومن أجل الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يعاني من التراجع الكبير منذ انطلاق المطالبات الشعبية الواسعة بالتغيير والتحول الديمقراطي في البحرين عبر الأطر السلمية».
وأشار القائمون على النداء أن “فكرته صدرت في العاصمة البحرينية المنامة لتشكل مطلباً وطنياً مسئولاً إلى كل من يعنيه واقع بلادنا وحاجته الملحّة للتغيير والإصلاح الجاد والحقيقي من أجل وطن ينعم بـ “الديمقراطية الحقيقية” القائمة على أسس صحيحة ومتينة على غرار الديمقراطيات العريقة في العالم وكما بشّر بذلك ميثاق العمل الوطني وبما يحقق نظاماً سياسياً عادلاً ويخلق بيئة من الاستقرار السياسي المتقدم ويساهم في قيام دولة المؤسسات والقانون التي تقوم على أسس الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية”.
وقالت الشخصيات الوطنية في توصياتها خلال المؤتمر “نؤكد نحن الموقعون على “نداء البحرين من أجل الديمقراطية من مختلف القطاعات السياسية والنقابية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والإعلامية والمهنية ومن كل المكونات ومؤسسات المجتمع المدني في البحرين، وانطلاقاً من مسئوليتنا الوطنية والتزاماً منا جميعاً بالحاجة الملحّة والضرورية لأن يعيش مجتمعنا تحت مظلة العقد الاجتماعي الذي يحظى بالموافقة والرضا الشعبي العام ويؤمن العدالة والمساواة بين كل المواطنين دون استثناء في الحقوق والواجبات الوطنية، ويوفر الكرامة والتطور والعيش الكريم لكل أبناء البحرين دون تمييز طائفي أو مذهبي أو قبلي أو طبقي، وذلك وفق قواعد أسس تحفظ الوحدة الوطنية والنسيج المجتمعي والسلم الأهلي وتشجع التعايش المتقدم والتواصل الإنساني المنشود”.
وأضافت “رسالتنا أن يصل هذا النداء إلى كل من يؤمن ويشجع ويدعم ويتبنى ويهتم بقضية الديمقراطية واحترام حقوق الشعوب البديهية في أن تشكل سلطاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية وأن يكون المحدد لذلك هي القاعدة الأساس لأي بناء ديمقراطي في أن يكون “الشعب مصدراً للسلطات جميعاً” وتبني منظومتها الأمنية على أسس وطنية جامعة وتتمتع بكل مؤهلات المواطنة المتساوية دون انتقاص في الحقوق الإنسانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية، وتنعم بكل الحريات الفردية والجماعية ضمن الإطار العالمي الذي تحدده المقررات الدولية والقيم الإنسانية.
وأردفت “نؤكد على أن الحاجة الوطنية الصادقة الملحّة لتحقيق البناء الديمقراطي الحقيقي تتطلب جملة من المتطلبات التمهيدية أبرزها، تنفيذ مشروع شامل من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ترتكز على مبانٍ واضحة في التحول نحو النظام الديمقراطي في إدارة الدولة واحترام الحريات العامة والخاصة واحترام حقوق الإنسان وتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق”.
ودعت الشخصيات الوطنية إلى “بناء عقد اجتماعي ديمقراطي يقوم على الأسس الديمقراطية الصحيحة ويراعي أقصى درجات حفظ مقومات المواطنة للمواطن البحريني سياسياً واجتماعياً وفكرياً، ويشكل مرجعية وطنية جامعة تكون إطار للحقوق والواجبات المفروضة، وينبع من إرادة المواطنين بشكل متساوٍ ليشكل التزاماً طوعياً له كل القوة في تنظيم القوانين وبناء المؤسسات”.
وأوصت بالعمل على “إزالة كل مظاهر وتداعيات الحالة الأمنية التي صاحبت العمل الشعبي الاحتجاجي المرتبط بالمطالبات السياسية بالتحول الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، بدءاً بملف المحكومين والمعتقلين وصولاً إلى كل ما حدث من ممارسات ناقضت حقوق الإنسان”.
وشددت على “ضرورة تحييد الإعلام الرسمي والتابع له، من خلال وقف كل حملات التحريض الإعلامي والتأويلات والاتهامات وإثارة الحقد والبغضاء والإساءة للوحدة الوطنية والعيش المشترك، والبدء بتبني لغة الإعلام التصالحي التشاركي بما يخلق أرضية صحية للبناء الديمقراطي، وفتح المجال لحرية الرأي والتعبير والعمل الإعلامي الحر بما يحافظ على النسيج المجتمعي والتحول الديمقراطي”.
وطالبت “بإعادة الاعتبار لجميع مؤسسات المجتمع المدني بمنحها الحق الكامل في الاستقلالية وانتخاب إداراتها بكل حرية وديمقراطية والقيام بكامل دورها في المجتمع وعدم المساس بحقها في أن تكون سلطة خامسة حقيقية تمارس دورها على أكمل وجه”.
كما ساندت “وقف جميع المحاكمات السياسية والملاحقات الأمنية، ورفع الحظر عن سفر المواطنين على خلفية مواقفهم وآرائهم وإلغاء قوائم المنع من السفر وسحب “القوائم السوداء” في بعض المطارات وإعطاء الحق لكل المواطنين في التنقل والحركة دون قيود أو تضييق”.
وأكدت على “إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين دون استثناء وإعادتهم لوظائفهم ومقاعد الدراسة وتأهيلهم بشكل كامل لإعادة انخراطهم التام في المجتمع ليكونوا قوى فاعلة مساهمة في عملية التغيير والبناء والتنمية المستدامة”.
وطالبت “بالسماح للجمعيات والقوى السياسية والنقابات العمالية والمهنية ومؤسسات المجتمع المدني الحق في العمل دون تقييد أو تضييق وممارسة دورها الطبيعي في دعم التحول الديمقراطي وبناء المجتمع، والعمل على استقلال عمل كل المؤسسات والأجهزة الحكومية بما يجعلها تقوم بدورها الوطني بشكل مهني ومحايد بعيداً عن التدخلات والتأثيرات التي تساهم في تغييب دورها كمؤسسة وطنية”.
ودعت الشخصيات الوطنية إلى “تشجيع ورعاية ودعم كل الجهود الرسمية والمجتمعية التي تصبّ في سبيل الوحدة الوطنية والعيش المشترك وتنظيم برامج وأنشطة تساهم في تمتين وتقوية أواصر العيش المشترك والروابط الاجتماعية بين مختلف مكونات المجتمع البحريني، والعمل على دعم وتبني حوار وطني يقوم على أسس تمثيلية سليمة ويعمل وفق مسئولية وطنية حقيقية تقوم على أسس الدفاع عن حق الوطن والمواطنين”.
فخرو: المجتمع الديمقراطي يساوي بين مواطنيه
وفي ورقتها “الديمقراطية ودروبها الوعرة”، قالت القيادية في جمعية وعد منيرة فخرو “في هذا اليوم الذي يحتفل فيه العالم أجمع بالديمقراطية كونها شعار المستقبل والحاضر سنستعرض المفاهيم العامة للديمقراطية في عشر نقاط ونقارنها بما يجري في البحرين تحت مسمى الديمقراطية، والنقطة الأولى، أن من أهم أسس الديمقراطية هو إجراء انتخابات حرة وعادلة، هذا المطلب ضروري ولكن ليس بكافٍ لترسيخ الديمقراطية فالأساس الذي قامت عليه الديمقراطية هو انتخاب الأصلح لتمثيلنا ولكن إجراء الانتخابات وحده لا يصنع الديمقراطية”.
وأردفت فخرو “يجب أن تتوافر حرية التعبير وحرية تأسيس الجمعيات والاتحادات وكل ذلك أيضاً يتطلب قضاءً نزيهاً وحرية إعلامية تستخدمها جماعات الضغط، وعندما نسترجع الانتخابات التي جرت في البحرين منذ عام 2002 وحتى الآن وهي ثلاث دورات آخرها انتخابات 2010، نرى كيف استعملت في بداية الأمر موضوع التجنيس السياسي، وقسمت البحرين إلى 40 دائرة غير متساوية من حيث عدد الناخبين فالدوائر الشمالية التي وصل عدد ناخبيها في بعض الدوائر إلى نحو 16 ألفاً من الناخبين تتساوى مع الدوائر الجنوبية التي يقل عدد الناخبين إلى أقل من 800 ناخب، كما استعانت بأصوات العسكريين لترجيح كفة مرشحيها”.
وتابعت “والأهم من ذلك اختراعها للمراكز العامة التي ليس عليها رقيب في مختلف المناطق على اعتبار أن أي ناخب من أية دائرة يستطيع الإدلاء بصوته فيها ورفضت المراقبة الدولية على الانتخابات وغيره الكثير مما حدث وما يصعب الإفصاح عنه حالياً”.
وأكملت فخرو “أما في الانتخابات الأخيرة فقد مسحت عناوين الناخبين من بطاقتهم الشخصية كي يتعذر على المسجلين في مراكز الاقتراع معرفة عنوانهم الحقيقي، فالانتخابات إذن غير حرة وغير عادلة. وعلى رغم تلك العقبات فازت كتلة الوفاق بـ 18 مقعداً وتم إسقاط المرشحين الليبراليين وأهمهم المرحوم عبدالرحمن النعيمي”.
وذكرت “أما النقطة الثانية، فمن أساسيات الديمقراطية توفير المناخ الاجتماعي والاقتصادي وتعميم الخدمات الصحية، ولهذا السبب فإن العلاقة ما بين الديمقراطية وحقوق الإنسان هي علاقة وثيقة جداً بل وجهان لعملة واحدة لا يستوي أحدهما من دون الآخر”.
وواصلت “وتأتي قضايا التمييز في البحرين ضد أكبر مكون من المواطنين على رأس الانتهاكات لحقوق الإنسان فقد تم إبعادهم عن الوظائف المهمة والحساسة ولم يسمح لهم بالالتحاق بمؤسسات الدفاع والداخلية وتم التضييق عليهم في معتقداتهم لدرجة حرمانهم من المشاريع الإسكانية وهدم مساجدهم كما جاء في بيانات منظمات حقوق الإنسان العالمية، كل ذلك لا يوفر جواً للديمقراطية كي تنمو وتزدهر”.
وشددت على أنه “في الجو الديمقراطي يستطيع الفرد التعبير عن نفسه في حدود القانون ويستطيع ممارسة شعائره وجميع تفاصيل حياته بحرية تامة، فالمواطنون أنفسهم من يفرض على المشرّعين الذين ينتخبونهم رؤيتهم للمستقبل وكيفية تحقيق آمالهم وإبعادهم عن مشاكل اجتماعية واقتصادية وسياسية”.
وأوضحت فخرو “فالمجتمع الديمقراطي يفرض المساواة المطلقة لجميع المواطنين ووظيفة الحكومة المنتخبة هي تلبية حاجات المواطنين بعد مراجعتها ونشرها في وسائل الإعلام وبعد أن تأخذ حيزاً معقولاً من النقاش والحوار المفتوح، وعندما يكون هناك اختلاف بين فئات المجتمع تحلّ القضية بعرضها بشفافية عن طريق إقامة المناظرات والإقناع والتسوية عن طريق الحلول الوسط التي ترضي جميع الأطراف وكذلك تجديد القدرة المجتمعية من خلال الانتخابات وتبديل الأشخاص تتجدد الأفكار ويتجدد الأفراد بطريقة سلمية”.
ولفتت إلى أن “ذلك عكس ما يجري في البحرين حيث لم تتغير الحكومة منذ استقلال البحرين عام 1971 أي منذ 43 عاماً ما سبب ركوداً سياسياً واقتصادياً وانتشر الفساد بدرجة غير مسبوقة، ومما ساعد في انتشار الفساد هو صمت نواب المجلس الوطني الذين لم يكشفوا طوال تلك السنوات عن جميع قضايا الفساد التي تحدثت عنها الصحافة الغربية وأبرزت المستندات وأسماء الأشخاص”.
وقالت فخرو أما “النقطة الرابعة، فكيف يساهم البرلمان في ترسيخ الديمقراطية؟ النظام البرلماني المنتخب بشفافية يلعب دوراً كبيراً في ترسيخ الديمقراطية خاصة في فصل السلطات: التنفيذية والقضائية والتشريعية، والذي يعتبر عماد الديمقراطية. فالبرلمان هو من يبتّ في القوانين بعد تمحيصها ومناقشتها كي تتم الموافقة عليها وهو الذي يراقب عمل الحكومة ويستجوب الوزراء ورئيس الوزراء بصفته مسئولاً عن سير الخطط والمشاريع ووضع السياسات”.
وبيّنت أن “النواب أيضاً ملزمون تجاه من انتخبهم إذ عليهم أن يقدموا تقارير دورية مفصلة لناخبيهم عما أنجزوه خلال توليهم مهامهم. ولو رجعنا أربعة عقود إلى الوراء عندما استقلت البحرين عام 1971، تم إجراء انتخابات للمرة الأولى عام 1973، وقد تبين من خلال المناقشات والقرارات أن دور المجلس المنتخب اقتصر على استجوابه الحكومة في المشاريع التي تبنتها بدل المشاركة في سن وتشريع تلك القوانين وكذلك بحث المشاريع الاقتصادية التي أنشأتها الحكومة أو للاستماع إلى عرائض من المواطنين عن الخدمات العامة والأمور الحياتية”.
وتابعت “أما النقطة الخامسة، فكانت عن تشكيل الأحزاب السياسية ومدى أهميتها في تعزيز الديمقراطية، حيث إن “الديمقراطية لا تأتي من فراغ فلها أدواتها ولها متطلباتها وتشكيل الأحزاب هو أهم دعائمها، وعلى رغم المقولة التي تقلل من أهمية تشكيل الأحزاب السياسية إلا أننا لا نستطيع الوصول إلى الديمقراطية الحقة بدونها، ففي المجتمعات الكبيرة لا يستطيع الفرد التأثير على الخطط والخدمات الحكومية إلا عن طريق مؤسسة سياسية تمثله وتمثل طموحاته وآماله وذلك بالانضمام مع الآخرين لتلك الأحزاب التي ستحقق ما يبتغيه لو حصلت على أكثرية الأصوات الانتخابية وأن يتم انتخابه عبر انتمائه لهذا الحزب أو ذاك وهو ما يخدم العملية الديمقراطية بشتى الأوجه، فعن طريق الناخبين ستتاح الفرصة لتسهيل خياراتهم في انتخاب ممثليهم وشرح برنامجهم الانتخابي وما يجب فعله في حال انتخابهم، وتؤثر الأحزاب في اختيار المرشحين وفي زيادة تأثيرهم على العملية السياسية”.
وأردفت فخرو “بالنسبة للحكومات فالأحزاب تساعدها على تنفيذ سياستها وبرامجها التي وعدت بها الناخبين، أما بالنسبة للمعارضة فهي تمثل الجهة البديلة التي تراقب سير العمل في دوائر الحكومة وتحاسبها فيما تقوم به إيجابياً أو سلبياً، فهي إذن عبارة عن حكومة ظل، ولكن يساء أحياناً استغلال العملية الانتخابية بأن ينفق الأثرياء مبالغ طائلة على الانتخابات بحيث يفوز من ينفق أكثر، لذلك اشترطت الدول المتقدمة على تحديد المبالغ التي تصرف على العملية الانتخابية”.
ولفتت إلى أن “الأمر يختلف في البحرين فقد وافقت السلطة على تشكيل الجمعيات السياسية عام 2001 ولكن كبّلتها بقوانين تحدّ من حركتها ومنذ ذلك الحين والعراقيل تزرع في وجه تحرك الجمعيات إما بمحاكمتها أو منعها من التظاهر السلمي أو بسجن رؤسائها، وأحياناً يُحرق مقرها (بفعل مجهول) كي تحدّ من اندفاعتها”.
وأوضحت أن “الفرق بين الجمعية السياسية والحزب هو أن الأخير في حالة فوزه في الانتخابات يستطيع المشاركة في السلطة التنفيذية وربما رئاسة الحكومة”.
أما النقطة السادسة، فأشارت إلى أنها “مجموعة من القضايا التي تجعل الديمقراطية تخطئ عند التنفيذ، ومن أهم تلك القضايا سيطرة الذكور على الحياة العامة وكما نعلم فإن الغالبية المطلقة من المرشحين والفائزين في الانتخابات هم من الذكور ومن النادر أن تفوز المرأة بالنسبة التي تستحقها كونها نصف المجتمع، هذا يحدث في بعض الدول المتقدمة فما بالك بما يحدث عندنا فالغالبية السائدة تحمل أفكاراً سلبية تجاه المرأة”.
وواصلت “كما يستشري الفساد أحياناً لدى ممثلي الشعب في البرلمان وهو ظاهرة شائعة نراها في كل المناطق خاصة العربية بأن يستفيد أفراد أسرة النائب من نفوذه وتأثيره على سياسات الدولة خاصة في قطاع الخدمات”.
وأردفت فخرو “النقطة السابعة، هي كيفية حل المشاكل التي تواجه الديمقراطية، فالكثير مما ذكرناه لا توجد له حلول جاهزة، ولكن الأهم هو أن يأتي الحل من جماعات الضغط المنظمة، وفي الغالب فإن جوهر الديمقراطية هو إعادة تصحيح الأنظمة من الداخل أي داخل المجتمع حيث تشعر الأحزاب بأنها مضطرة لتلبية طلبات جماعات الضغط، وبالنسبة لاستشراء الفساد فإن الحلول قد تبدو صعبة وأهم تلك الحلول رفع رواتب موظفي الدولة والمراقبة الشديدة من قبل مؤسسات المجتمع المدني التي تحارب الفساد مثل جمعية الشفافية وغيرها”.
وأكملت “كذلك منع اضطهاد الأقليات بإصدار تشريعات تعنى بذلك أو ربما إصدار نظام الكوتا لتلك الأقليات بحيث يتم تمثيلها في البرلمان، وأيضاً يأتي الحد من سيطرة الحكومة على البرلمان وذلك بمنع تدخل الحكومة في توظيف الكادر الوظيفي للبرلمان، ويقترح أيضاً إنشاء وسائل إعلامية (مرئية ومسموعة) مستقلة بالبرلمان لنقل وقائع الجلسات إلى الجمهور”.
وأشارت إلى أن “من القضايا الساخنة التي تتفاقم وتكبر بسرعة في البحرين هي قضية التجنيس السياسي فمن جرى تجنيسهم خلال السنوات القليلة الماضية يعدّون بعشرات الآلاف، كما تم صرف الكثير من هذا المكوّن من الخدمة في وزارات الصحة والتربية والتعليم، حيث إن حالة عدم الرضا عن سياسة التجنيس قد امتدت إلى جميع مكونات المجتمع”.
وذكرت فخرو أن “النقطة الثامنة، تتعلق بالعولمة ومدى تهديدها للديمقراطية، فالعولمة، كما نفهمها، تتناول إلى حد ما الشأن الاقتصادي بحيث يضعف تحكم الدول في قراراتها إزاء العمليات التجارية والمالية وهي أيضاً تشير إلى تداخل المصالح واعتماد الدول على بعضها البعض ونتيجة لذلك فهي تتأثر بالقرارات التي تصدرها دول خارجية وهي بالتالي تؤثر على سير العملية الديمقراطية”.
وتساءلت في النقطة التاسعة، “هل الديمقراطيات مجهزة للتداول مع الأخطار الحالية التي تهدد أمن وسلامة المواطنين؟ إذ يشكك البعض في اتخاذ المشرّعين قرارات غير صائبة عندما تمسّ القضايا شعبيتهم وخوفهم من عدم انتخابهم مجدداً لمواضيع مثل الأخطار البيئية والحروب الأهلية والإرهاب. ولكن هذا التشكيك ليس له أساس متين فالقضايا المصيرية يجب أن تعرض على المجتمع بشفافية وبجميع سلبياتها كي يرى المواطنون مدى خطورتها وبالتالي الموافقة على تخصيص ما يلزم من موازنة للحد من أخطارها”.
وأردفت “النقطة العاشرة، هل الديمقراطية قضية دولية تهم البشر كافة؟ بسبب منشأ الديمقراطية الغربي الأوروبي والتشكيك في إمكانية تطبيقها في العالم الثالث كونها محاطة بعوائق كبيرة ولكن الكثير من هذه الدول بادرت بممارستها للديمقراطية ونجحت في ذلك ويكفي ذكر اسم الهند وإندونيسيا وجنوب إفريقيا ومعظم دول أميركا اللاتينية، جميعها نجحت بدرجة متقدمة وبقيت منطقتنا تتطاحن تارة بالحروب الأهلية وتارة بالإرهاب، وعندما بدأ مسار الربيع العربي استبشرنا خيراً وكأن الأمل الذي طال انتظاره سيتحقق أخيراً ولكن الصدمة كانت انهزام الربيع أمام حقائق المجتمعات العربية وتجذر المشاكل المزمنة التي تعاني منها المنطقة العربية مثل الطائفية والروح القبلية وسيطرة العسكر وبالتالي عسكرة المجتمع واختيار الأكثر ولاء دون النظر إلى الكفاءة”.
وختمت فخرو “خلاصة القول فإن بؤس الأوضاع الراهنة وتدهور الحوار الذي بدأ بين الحكم والمعارضة وعدم الوصول إلى إمكانية التفاهم مع المعارضة سيزيد من تفاقم الوضع وربما تنتهي الأمور إلى فوضى وعنف لتغرق البحرين بعدها في لجّة المجهول، وقبل الوصول إلى هذا الطريق المسدود علينا توجيه كلمة أخيرة إلى العقلاء في رأس النظام “لو تعقدت الأمور إلى نقطة اللاعودة فالجميع سيخسر، وعليكم بقراءة التاريخ جيداً”.
سيادي: الديمقراطية طريقها عسير يحتاج للتضحية والصبر
ومن جانبه، قال الكاتب الصحافي الناشط يعقوب سيادي في ورقته خلال المؤتمر “من أجل الرقي بالبناء الديمقراطي للمجتمع على مستوى الوطن، لابد من بناء الفكر والممارسة الديمقراطية، في علاقات الأفراد ببعضهم، من خلال تشجيع خلق مؤسسات المجتمع المدني، فمن دون مؤسسات المجتمع المدني غير الحكومية، لا يكتمل عمل مؤسسات إدارة الدولة”.
وتحت عنوان “خلاصة الأزمة البحرينية وأطر حلها”، أفاد سيادي “من الطبيعي أن تتحرك، المياه الآسنة، السياسية والحقوقية، ما بين فترة وأخرى، كما حدث في تاريخ البحرين السياسي القديم والحديث، بما لخصته الحراكات الشعبية، المطلبية والحقوقية والسياسية، والاستجابات السلطوية تجاهها، بردّات الفعل العنيفة، التي تكراراً ما تعكس حالة الانفصال المتنامية، ما بين السلطات الحاكمة وشعب البحرين”.
وأردف “من حيث أن تجارب السابق تغني اللاحق، ففي كل ما مضى، من حراكات شعبية، كانت السلطات الحاكمة تبدأ بقمعها العنيف، من بعد الترويج الإعلامي المفبرك، لاتهام نشطاء الحراك بالخيانة الوطنية، والارتهان للخارج الإقليمي أو القومي، مختزلة بذلك الوطن في أفرادها وذاتها كسلطة حاكمة، فتحاكم الحراكات الشعبية ونشطائها، في ظل قوانين الطوارئ التي تستنّها حماية لكراسيها”.
وأكمل “من بعد انحسار الحراك تحت طائلة، مصائب الإجراءات الأمنية، التي تنال من شعب البحرين، من خلال التنكيل بقياداته عبر إجراءات قمعية، أقلها التغييب طويل المدى، خلف قضبان السجون والنفي خارج الوطن (حركة الهيئة 1954-1956)، ومن مثل القتل في الشوارع، وتحت التعذيب في السجون، والاعتقالات التعسفية، والفصل من الأعمال، وبث روح الفرقة الطائفية بين مكوني المجتمع الرئيسيين، لتبدأ السلطات بتنفيذ مرحلة إعلان حالة الطوارئ، لمرحلة زمنية تطول إلى عدة عقود، في محاولة لتغييب الفعل الشعبي بما يفقد الأجيال ترابطها الوطني (مرحلة قانون أمن الدولة 1975-2000)، لتبدأ بعدها بطرح ما تدعيه، أنها مبادرات وليدة أفكارها، الحريصة على الوحدة الوطنية، واعتداداً بتطور الوعي الشعبي، السياسي والحقوقي، واستجابة للشق الموالي من شعب البحرين، وغفراناً لأغلبية الشعب الناكرة والجاحدة من المطالبين بالحقوق للجميع».
وواصل “الخلاصة، أن من يريد الديمقراطية، فطريقها شوك ووعر عسير، يحتاج التضحية والصبر، وعدم اللهث وراء سراب ما بين جهتين، ما لم يتفجر ينبوعاً ديمقراطياً وطنياً، يروي ظمأ الاستقرار السياسي طويل المدى، عبر تحقيق العاجل الأساسي من الإصلاح والتطوير، والوعد الموثق لدى منظمة الأمم المتحدة، للعمل على تحقيق الآجل منها، وبإشرافها”.
وتحت عنوان “العاجل من الإصلاح والتطوير، دعا سيادي إلى “إعادة الوضع المدني إلى ما قبل 14 فبراير/ شباط 2011، وذلك بإطلاق سراح جميع المعتقلين جراء أحداث حراك 14 فبراير وصولاً إلى لحظة البدء في إجراء ذلك، ووقف جميع الملاحقات، وإذا ما تعذر ذلك، إعادة محاكمتهم أمام محاكم خاصة بإشراف مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة، بحيث تكون أحكامها ملزمة للأطراف، ومكملة لمدد السجن التي قضاها المعني في حال الحكم عليه بذلك، والتعويض العادل له في حال البراءة أو الحكم الأقل”.
وشدد على “تعويض جميع عوائل الشهداء، وقتلى الإجراءات الأمنية من الطرفين، وتنفيذ توصيات لجنة بسيوني، وتوصيات ومطالبات مجلس حقوق الإنسان، وإرساء مبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين، في جميع تعاملات مؤسسات الدولة، وتطوير وتفعيل القوانين، بما يشجع الأفراد على ممارسة هذا المبدأ، وبما يحارب قانوناً بالعقاب، كل خروج عليه، صغر أو كبر مقترفه”.
وطالب سيادي “بتوحيد الدوائر الانتخابية للمجالس البلدية في دائرة واحدة لكل محافظة، فواجب العضو البلدي الاهتمام بالعمل البلدي الذي يطور المحافظة، لا “الفريج”، مع تشكيل مجلس بلدي مركزي يتكون من رؤساء ونواب المجالس الخمسة، لكل دور انعقاد للمجالس، ومن ممثل عن كل وزارة خدمية، بما في ذلك وزارة البلديات، مهامه تنسيق العمل البلدي فيما بين المحافظات، والرقابة عليه بما يخدم المستوى الوطني”.
وساند “توحيد الدوائر الانتخابية للمجالس النيابية أيضاً في دائرة واحدة لكل محافظة، ينتخب فيها المواطن بحد أقصى، العدد المطلوب لعضوية المجلس عن كل محافظة، مع الاعتداد بالتمثيل النيابي المتساوي لكل مواطن، على مستوى الوطن، وتقليص عدد أعضاء مجلس الشورى إلى من 20-25 عضواً، بمعدل 4-5 أعضاء لكل محافظة، بناء على الكفاءة”.
وفي عنوان جاء باسم “الآجل من الإصلاح والتطوير”، طالب سيادي “بالوعد الموثق لدى الأمم المتحدة بتطوير الدستور، من خلال مجلس دستوري مختص بتعديلاته، يُنتخب انتخاباً شعبياً حراً مباشراً، بمعيار البحرين دائرة انتخابية واحدة، يَنتخب فيها المواطن بحد أقصى العدد المطلوب، مع ضمان عدم الخروج على النظام السياسي في المملكة الدستورية”.
رضي: نحلم بديمقراطية ولو كانت ناقصة
وفي مداخلته، قال المحامي حسن رضي “في دراسة إلى صحيفة “الايكونوميست” تم تصنيف الدول بالنسبة إلى الديمقراطية إلى دول كاملة الديمقراطية ودول ناقصة الديمقراطية ودول هجينة ودول استبدادية، واللافت أن هناك 25 دولة فقط في العام تصنف ضمن الدول الديمقراطية الكاملة”. وأضاف “تقييم حالات الديمقراطية في دول العالم جاء عبر محددات واضحة هي التعددية الحقيقية، وثانياً الحريات المدنية واتساعها في كل شيء، وأداء الحكومات الذي يقاس بالشفافية، ودرجة المشاركة في العملية السياسية، وخامساً الثقافة السياسية ومدى تقدمها أو تخلفها”.
وأشار إلى أنه “في العام 2013، روجع هذا التقرير، وقد بيّن تحديث هذا التقرير أموراً طرأت بين عامي 2011 و2013، بإصابة الديمقراطية بتراجع وتم إرجاع ذلك إلى عوامل أولها كان الربيع العربي، حيث بسبب تراجع ما تم في هذا الجزء من العالم أدى إلى إحباط في الاتجاه الديمقراطي وكان له أثر سلبي، والعنصر الثاني هو ضعف الأداء الاقتصادي في الدول المتقدمة وضعف الأداء السياسي في العالم، وضعف الثقة العامة في المؤسسات الدستورية العامة في الدول المتقدمة”.
وأردف “ومن الأسباب كذلك تراجع الديمقراطية الأميركية في الممارسة، والتي تأثرت بمحاولة تعميق الاستقطاب والتأثير العالمي واتباع سياسة حافة الهاوية، والسبب الخامس تراجع الديمقراطية في أوروبا الشرقية، وتفشي الجريمة في كثير من الدول التي أثرت بشكل خاص في دول أميركا اللاتينية. وختم رضي “أما بوضعنا في البحرين، فالديمقراطية العريقة والتي وعدنا الميثاق بها، فأعتقد أنها بعيدة المنال، ونحن على الأقل نحلم بديمقراطية ناقصة أو مهجنة، وما تدعو له المعارضة البحرينية، إن تحقق، فلن يتعدى مستوى الديمقراطية المهجنة”.
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4390 – الأحد 14 سبتمبر 2014م الموافق 20 ذي القعدة 1435هـ