عقيل ميرزا
لم يكن ساراً بكل تأكيد التقرير الذي أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش الخميس (29 مايو/ أيار 2014)، والذي ذكرت فيه أن «نظام العدالة الجنائية في البحرين فشل في تحقيق المستوى الأدنى من المحاسبة والعدالة المحايدة».
ولم يكن ساراً أيضاً أن تأتي هذه المنظمة من خارج الحدود لتكرر التوصية التي دونها البروفيسور محمود شريف بسيوني، في تقريره قبل أكثر من ثلاثة أعوام والمتعلقة بـ «إلغاء جميع الإدانات التي لا تستند إلا لممارسة الحق في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي، وكل الإدانات التي تستند إلى اعترافات توجد دلائل على انتزاعها في ظل وقوع انتهاكات».
تقرير هيومن رايتس ووتش المعنون بـ «تجريم المعارضة وترسيخ الإفلات من العقاب» الذي يتكون من 64 صفحة، والمتعلق بالبحرين فقط، حزمة جديدة من الأوراق تضاف إلى حزم ورزم التوصيات المتكدسة والتي يُطلب من البحرين تنفيذها، بدءاً بتوصيات بسيوني، ومروراً بمن اقتفوا أثره، وانتهاءً لا أعلم بمن.
من بين ما تضمنه تقرير «هيومن رايتس ووتش» المطالبة «بالإفراج فوراً عن جميع الأفراد – ومنهم إبراهيم شريف وعبدالهادي الخواجة وحسن مشيمع ونبيل رجب (المفرج عنه مؤخراً) والنشطاء الآخرون – الذين احتجزوا أو أدينوا لمجرد ممارستهم لحقهم في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات وحرية التجمع السلمي».
أيضاً كان بين دفتي تقرير هيومن رايتس ووتش جزء خاص بالملاحقات الجنائية المرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان التي يُزعم تورط أفراد تابعين للحكومة بها وأسفرت عن أحكام بالبراءة، إذ أكدت المنظمة «ضرورة السماح للضحايا برفع دعاوى مدنية بناءً على مزاعم الانتهاكات، وإلى إقرار إجراءات تأديبية أو إجراءات إضافية لردع ما يجد من انتهاكات في المستقبل».
كل ما ورد في هذا التقرير لم يكن ساراً أبداً، بل مزعج، بل محبط، هذه حقيقة لا يمكن التنصل منها، ولكن الحقيقة الأخرى أيضاً هي أن هذه التقارير وأخواتها لاتزال تضع البحرين في منطقة معتمة، ومازالت تضعها تحت المجهر، في الخانة غير الناصعة، وأعلم أن هناك كثيراً ممن لا يعبأ إلا بالحقيقة الأولى، ولا يكترث بالحقيقة الثانية، ولكننا لا يمكننا أن نضع حداً لسمعة البحرين بالطريقة الأولى، فقط وهي أن نعبر عن أسفنا لمثل هذه التقارير من دون أن نعمل على وضع حد لها من خلال العمل الجاد على تغيير الواقع، وتصحيح ما يحتاج إلى تصحيح، وتصويب ما يحتاج إلى تصويب.
المسئولية تجاه الوطن تحتم على المخلصين له أن ينتشلوه من هذه المنطقة المظلمة، إلى منطقة أكثر جمالاً، ويمكننا فعل ذلك ليس من خلال غض الطرف عن الأخطاء بل من خلال مواجهتها، وتصحيحها، وكل من يدعو إلى غير هذا النهج لا يريد خيراً بالوطن.