بقلم : محـمد أحمـد البشيـر
إذا كان البعض ما زال يعتقد أن الكيانات القطرية أصبحت امراً واقعا، فإن مخرجات هذه الكيانات وما آلت إليه من أوضاع محزنة كانت أبشع صورها تتمثل في فشلها في إقناع العربي إن الوطن القطري مرجعاً وموضوع تفاهم!؟. تأتي ذكرى اغتصاب فلسطين لتؤكد مره أخرى أن الوحدة العربية لا تزال هي العلاج الحقيقي لكوارثنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ألمت بالأمة ما بعد الاستقلال عن الاستعمار الغربي البغيض في بدايات القرن الماضي.
عدونا يعمل بنفس طويل، ونحن نهزم في معارك قصيرة الف مره نظراً لفقداننا الإيمان والبصيرة والصبر والنفس الطويل أمام التحديات؟ فإذا كانت اتفاقية سايكس بيكو عنواناً لتجزئة الأمة فإن عدونا أنجز مشروعه (الكيان الصهيوني) بعد مرور ثلاثين عاماً من ابرام هذه الاتفاقية اللعينة!؟
عدونا يراكم الانتصارات ويأخذ العبر من الهزائم ونحن لا نراكم ولا نأخذ العبر ونتفاعل مع البطش والاستبداد بتناسب طردي، ويزداد تفرقنا وتمزقنا حتى يصل إلى النفس قبل الاسرة والأمة!؟
تمر بنا ذكرى اغتصاب فلسطين والعدوان على الأمة يزداد شراسة، ويأخذ اليوم منحى جديداً ومختلفاً عن كل المعارك بعد إن نجح عدونا في توكيل حلفائه في وطننا بإدارة المعركة الممولة من أموالنا وابنائنا دون أن يدفع هذا العدو أي ثمن مادي أو بشري أو معنوي، فالمعارك التي تحتدم في سوريا على وجه الخصوص وفي مختلف أقطار الوطن العربي على وجه العموم تؤكد مره أخرى إن حل هذه الأزمات يكمن في الوحدة والتي لا يمكن بنائها و/أو الوصول إلى سبل تحقيقها إلا من خلال أبناؤها المؤمنين بحتمية انتصارها لعدالة قضيتها التي تعبر عن مضمونها الاجتماعي في الحياة الحره الكريمة وبمضمونها السياسي القائم على حرية العربي في القول والتنظيم وبناء المؤسسات التي من خلالها نستطيع بناء المجتمع العربي المدني المنشود؟
إننا لا نخترع العجلة ولا نضيف إلى الواقع أي جديد إذا قلنا إن القوى العاملة في مجتمعنا تتكون من أربعة مجموعات اولها، المؤمنون بأن التحالف مع أمريكا والغرب ومهادنة الكيان الصهيوني طريقنا إلى التقدم وهؤلاء هم من حكموا وطننا بشكل عام خلال الفترة الماضية، ثم قوى المعارضة السياسية والاجتماعية التي يمكن تحديدها بتيارات ثلاثة قومية ويسارية وإسلامية وهؤلاء غلبوا تاريخياً صراعهم و/أو حقوقهم الذاتية على حساب صراعهم مع الغرب الاستعماري وحلفائه الحاكمين في وطننا.
رضينا أم لم نرض فإن سجون الأنظمة كانت ملاى بعناصر هذه التيارات الثلاثة، ففي الخمسينيات من القرن الماضي كانت المعتقلات تضج بالقوميين واليساريين أما اليوم فإنها تمتلئ بالإسلاميين وعلى امتداد أوسع من الوطن العربي، انعكاسا لصراع يقوده الغرب ضد امتنا سواء كان روادها عروبيون أو يساريون أو إسلاميون.
إن معركتنا الحقيقية يجب أن تبدأ بأخذ العبرة مما ارتكبناه من أخطاء، خاصة، خطأنا القاتل بإتباع النهج الميكافلي (الغاية تبرر الوسيلة)، من خلال الوثوق بهذا الغرب والاستعانة به لقهر خصمنا الأخر في معارضة أنظمة الحكم المستبدة من جهة ومن تحديد الخصومة بين هذه التيارات في أنها تستهدف استقطاب جماهير شعبنا وإقناعها في أي من التيارات الثلاثة تستطيع إن تصنع عندها المشرق المتحرر من الغرب وأدواته المختلفة سواء كانت سياسية أو اقتصادية متمثلة في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وتوصياته القاتلة ومنظمة التجارة العالمية.
شعبنا العربي في فلسطين وفي مختلف أقطار وطننا العربي الكبير لا يزال يؤمن بان انتصاره على أعدائه قادم لا محالة وان تعدد الأعداء وكثرت المؤامرات وزج الاسرى في سجون الاحتلال الصهيوني أو معتقلات أمريكا وحلفائها لن تزيدها إلا إصرارا على تحقيق النصر.
إن شاهدنا على قدرة امتنا على صنع النصر يكمن في المثال المعاش من حيث إن هناك حركتين منظمتين تنظيماً محكماً استطاعتا إن تحققاً جزءاً كبيراً من أهدافهما بعد إن امتلكنا التنظيم، فالحركة الصهيونية حركة منظمة نجحت في تطويع دول العالم وحلفائها في الوطن العربي لاقامة الكيان الصهيوني!؟ وحركة حزب الله اللبناني التي نجحت في التصدي إلى هذا الكيان عبر معاركها المختلفة السياسية أو العسكرية أو الإعلامية، لتضرب مثلاً يقتدى فيه، في إن الإدارة الحقيقية لتحصيل حقوقنا تكمن في العمل المنظم الذي سيبقى هو أولا وهو دائماً وسيلتنا لتحقيق أهدافنا السامية في الوحدة والتقدم.