في تقرير أصدرته أمس انتقدت فيه استمرار سياسة الإفلات من العقاب
«هيومن رايتس ووتش»: على البحرين إلغاء كل الإدانات لممارسة حرية التعبير
لندن – هيومن رايتس ووتش
أوصت منظمة «هيومن رايتس ووتش» البحرين بإلغاء جميع الإدانات التي لا تستند إلا لممارسة الحق في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي، وكل الإدانات التي تستند إلى اعترافات توجد دلائل على انتزاعها في ظل وقوع انتهاكات.
وفي التقرير الصادر عنها يوم أمس الخميس (29 مايو/ أيار 2014)، ويقع في 64 صفحة، بشأن البحرين، طالبت «هيومن رايتس ووتش» بالإفراج فوراً عن جميع الأفراد – ومنهم إبراهيم شريف وعبدالهادي الخواجة وحسن مشيمع ونبيل رجب والنشطاء الآخرين – الذين احتجزوا أو أدينوا لمجرد ممارستهم لحقهم في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات وحرية التجمع السلمي.
كما دعت إلى إلغاء مواد قانون العقوبات التي يستمر استخدامها في مقاضاة الأفراد على ممارسة حقهم في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات، والتجمع السلمي، أو تعديل هذه المواد بحيث تصبح متفقة مع القانون الدولي، وضمان فتح تحقيقات مستفيضة ومحايدة في جميع حالات القتل غير القانوني، والتعذيب، والانتهاكات الأخرى، وبدء ملاحقات قضائية حقيقية مع المسئولين عن الانتهاكات الجنائية، بغض النظر عن المنصب أو الرتبة، في إجراءات ومداولات محايدة.
وبالنسبة إلى الملاحقات الجنائية المرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان التي يزعم تورط أفراد تابعين للحكومة بها وأسفرت عن أحكام بالبراءة، أكدت المنظمة ضرورة السماح للضحايا برفع دعاوى مدنية بناء على مزاعم الانتهاكات، وإلى إقرار إجراءات تأديبية أو إجراءات إضافية لردع ما يجد من انتهاكات في المستقبل.
وأوصت بتعديل قانون الإجراءات الجنائية البحريني للمطالبة بإعداد فحص طبي من طبيب مستقل بالإضافة إلى الفحص الطبي الخاص بالنيابة العامة، على أي مشتبه جنائي يزعم تعرضه للتعذيب أو المعاملة السيئة رهن الاحتجاز ويطلب هذا الفحص المستقل.
وشددت على ضرورة تعيين لجنة مستقلة للتحقيق والإعلان عن استخدام النيابة العامة للأدلة المنتزعة تحت وطأة التعذيب أو المعاملة السيئة في الإدانات والمداولات القانونية التي نظر فيها هذا التقرير وغيرها، في خرق للمادة 19 من الدستور البحريني وللقانون الدولي.
وأشارت إلى أن على هذه اللجنة المستقلة أن تحقق أيضاً مع وكلاء النيابة ومسئولي إنفاذ القانون الآخرين الذين تواطأوا في المحاكمات التي نظرها التقرير وغيرها، في الحصول على أدلة منتزعة من خلال التعذيب والمعاملة السيئة، أو أخفقوا في الإبلاغ عن المزاعم الخاصة بجمع أدلة من خلال التعذيب والمعاملة السيئة، وضرورة محاسبة من تتبين مسئوليتهم.
وجاء في التقرير: «يجب ضمان أن تكون جميع المحاكمات الجنائية مفتوحة للجمهور، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني، مع إمكانية فرض قيود بالدرجة التي يسمح بها القانون الدولي».
وتابع التقرير: «يجب طلب مناقشة رسمية في جلسة يونيو/ حزيران 2014 الاعتيادية لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بشأن تنفيذ الاستنتاجات والتوصيات الخاصة باللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وبشأن نتائج البعثة الأخيرة إلى البحرين التي نظمها مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان».
كما دعت إلى إرسال دعوة مفتوحة للآليات الخاصة التابعة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والرد بشكل إيجابي على طلب زيارة المقررين الخاصين المعنيين بالتعذيب وحقوق حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، والعمل على وجه السرعة على تيسير زيارة المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين.
أما فيما يتعلق بتوصياتها إلى مكتب النائب العام، فأكدت ضرورة إنهاء الملاحقات القضائية القائمة وعدم بدء ملاحقات قضائية جديدة ضد أي فرد على أساس ممارسة حقوق حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي.
ودعت في توصياتها مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، إلى إطلاع أعضاء مجلس حقوق الإنسان على نتائج بعثة فبراير/ شباط – مايو/ أيار 2014 التي نظمها مكتب المفوضة السامية في البحرين، لاسيما بشأن احتجاز الأفراد بسبب ممارستهم للحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، والتعرض للتعذيب، والقيود على حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات واستقلال القضاء وبشأن تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، لاسيما ما يتعلق من التوصيات بالمحاسبة.
وأوصت الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إلى تبني قرار يدين الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في البحرين، والدعوة إلى الإفراج عن الأفراد المحتجزين لمجرد ممارسة الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، وتكوين الجمعيات، وكذلك الدعوة إلى تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق.
وكذلك إلى دعوة مكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة إلى التصدي للشواغل التي تم التعرف عليها في بعثة فبراير/ شباط – مايو/ ايار 2014 ومطالبة مكتب المفوضة السامية بالإبلاغ عن تنفيذ البحرين لتوصياتها.
وأوصت المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين، إلى إرسال طلب زيارة عاجل إلى حكومة البحرين.
وجاء في التقرير: «بعد أكثر من عامين من صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق، لم يتغير الكثير في إدارة القضايا الجنائية في البحرين، فمازالت هناك حالات موثقة للجوء القضاة لإدانة المدعى عليهم في جرائم بناء على تعبيرهم سلمياً عن آراء سياسية أو ممارستهم للحق في حرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي».
وأضاف التقرير: «في قضية 13 من أبرز قيادات المعارضة والنشطاء في البحرين، قضت محكمة الاستئناف العليا بتأييد العديد من الإدانات والأحكام المطولة بالسجن التي حكمت بها محكمة عسكرية. على سبيل المثال، رأت المحكمة المدنية أن الحكم على عبدالوهاب حسين – القيادي في المعارضة – بسبب تأسيسه لمجموعة تسعى لإنشاء جمهورية في البحرين، بناء على اتهامات بالإرهاب أسفرت عن السجن المؤبد».
وتابع التقرير: «خلصت المحكمة المدنية إلى أن حسن مشيمع وعبدالجليل السنكيس العضوين في حركة حق، وهي جماعة معارضة غير مسجلة، قد شاركا في اجتماعات للمجموعة التي أسسها حسين وحيازة محررات ومطبوعات تتضمن ترويجاً وتحبيذاً للمجموعة. ولقد رأت المحكمة بالنسبة إليهما أن الحكم عليهما بتهمة «الإرهاب» والسجن المؤبد، هو حكم مناسب. ولتبرير ما خلصت إليه المحكمة، قالت إنه : (لا يشترط في القوة في الحالة الماثلة أن تكون عسكرية» لأنه «يتحقق الإرهاب بوسائل الضغط الأدبي كافة)».
وأشارت المنظمة في تقريرها كذلك إلى أن محكمة التمييز نظرت بطعون من عدد من العاملين بالمجال الطبي، أدانتهم المحكمة العسكرية ثم أيدت حكمهم محكمة استئناف مدنية أدنى درجة، وأن محكمة التمييز اختارت من دون تقديم الكثير من الحيثيات الموضوعية في حكمها، تأييد إدانة المدعى عليه سعيد السماهيجي بتهمة التحريض على «كراهية طائفة من الناس وعلى الازدراء بها». وهي التهمة التي استخدمتها السلطات البحرينية بشكل متواصل في الملاحقة القضائية للخطاب السياسي السلمي. وأشارت المنظمة كذلك إلى أن محكمة التمييز في الحكم بالذنب على ضياء إبراهيم جعفر، الذي أدين بالمشاركة في مسيرات و «تدمير ممتلكات عامة»، كما أيدت محكمة التمييز إدانة اثنين من المدعى عليهم بتهمة ارتكاب «جريمة الترويج لقلب نظام الحكم» ورأت أن «تغيير النظام السياسي للدولة» يشكل «جريمة».
وبعد ذلك، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 اتهمت النيابة العامة رئيس جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان، وأن المحكمة لم تتقدم بعد بهذه الاتهامات، لكن اطلع عليها سلمان ويمكن أن تعلن ضده في أي وقت للبدء في مداولات قضية جنائية.
وبين التقرير أن المنظمة وثقت انتهاك العديد من الملاحقات القضائية بتهمة «إهانة الملك».
وجاء في التقرير كذلك: «في حين أن السلطات أمعنت في ملاحقة الأفراد لمجرد ممارستهم للحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي، فإن الملاحقات القضائية القليلة لأفراد الأمن الضالعين في انتهاكات جسيمة وواسعة النطاق وثقتها لجنة تقصي الحقائق، قد تركزت بشكل شبه تام على رجال الأمن من رتب صغيرة، وحتى تلك المحاكمات أسفرت عن أحكام براءة وأحكام مخففة على نحو غير ملائم. وأشارت في ذلك إلى ما توصلت إليه اللجنة من أن الشرطة أطلقت النار من مسافة قريبة على هاني عبدالعزيز جمعة في مارس/ آذار 2011، ما أدى إلى مقتله، ونسبت النيابة اتهامات إلى رجل شرطة على صلة بوفاة جمعة، ثم خلصت المحكمة إلى أن رجل الشرطة أطلق دون مبرر طلقتين على جمعة من مسافة متر واحد، ما أدى إلى إصابته إصابة قاتلة، وأنه على رغم ما ذكر وما يضم من تجاوز بيِّن، فقد رأت المحكمة أن رجل الشرطة مذنب بالاعتداء فقط، وذكرت أنه لم يكن يقصد القتل. وحكمت المحكمة عليه بالسجن سبع سنوات، وفيما بعد خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى الحبس ستة أشهر.
وأشار التقرير إلى أن قضية علي صقر تثير تساؤلات مشابهة، إذ رأت لجنة تقصي الحقائق أن صقر مات بسبب هبوط حاد ومفاجئ في الدورة الدموية بسبب التعذيب أثناء احتجازه، وفيما بعد اتهمت النيابة رجلي شرطة على صلة بوفاة صقر، ورأت أنه في غياب أي مبرر لاستخدام العنف، فإن المدعى عليهما قد ضربا صقر حتى الموت، لكن دون تفسير من المحكمة، فقد رأت أن المدعى عليهما لم يقصدا سوى الاعتداء على صقر، وحكمت عليهما بناء على تهمة الاعتداء فحسب. وجاء في التقرير: «مع بلوغ المحكمة هذه النتيجة، فهي لم تأخذ في الحسبان شهادة مدعى عليه بأن المدعى عليه الآخر ضرب صقر إلى أن خارت قواه، وكذلك التقارير الطبية التي خلصت إلى أن صقر مصاب بتلونات سببها استخدام القوة البالغة، على كل أجزاء جسده تقريباً».
وتابع التقرير: «فيما بعد خففت محكمة استئناف الحكم بالسجن عشرة أعوام الذي أصدرته محكمة الدرجة الأولى إلى عامين إذ خلصت الى أن المدعى عليهما يستحقان (الرأفة) بناء على أنهما تحريا الحفاظ على حياة الموقوفين، ومنهم المجني عليه».
ولفت التقرير إلى أنه في قضية أخرى قتلت الشرطة عيسى عبدالحسن وعلي المؤمن بطلقات الشوزن في 17 فبراير 2011، وعزت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وفاة المذكورين إلى استخدام القوة المفرطة، لأن القتيلين كانا غير مسلحين وتم إطلاق النار عليهما من مسافة قريبة، واتهمت النيابة رجلي شرطة، كل منهما على دوره في مقتل أحد الضحيتين، لكن النيابة لم تستدع من الشهود للمحكمة سوى شهود التبرئة، ما هيأ لتصور واضح بأن النيابة لم ترغب في إدانة المدعى عليهما، وقامت المحكمة بتبرئتهما.
وأوردت المنظمة في تقريرها: «هناك آليات شبيهة في محاكمة ضابطي أمن على صلة باتهامات تتصل بانتهاكات مزعومة ضد عاملين بالمجال الطبي. ويبدو أن هاذين هما أعلى مسئولي أمن رتبةً الذين حوكما منذ صدور تقرير اللجنة. وفي تلك القضية فإن النيابة سعت في اتهامات على صلة بضحايا بعينهم دون أن توفر أدلة تربط المدعى عليهما بانتهاكات بحق هؤلاء الضحايا، مع عدم السعي في اتهامات على صلة بالضحايا الذين توجد في حالاتهم أدلة أكثر وضوحاً على وقوع انتهاكات. وبرأت المحكمة المدعى عليهما من كل الاتهامات».
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4283 – الجمعة 30 مايو 2014م الموافق 01 شعبان 1435هـ