قانونيون: قرار إسقاط الجنسية عن 31 مواطناً مخالف للدستور والمواثيق الدولية
المشاركون في الندوة الحوارية
دعا قانونيون السلطة البحرينية إلى إلغاء قرار إسقاط الجنسية عن (31) مواطناً لمخالفته نصوص الدستور والقانون البحريني فضلاً عن نصوص المواثيق الدولية التي وقعت عليها البحرين.
وفي ندوة نقاشية بعنوان «الحق في الجنسية بين القوانين الوطنية والمواثيق الدولية»، والمقامة مساء (السبت) الماضي بنادي العروبة في الجفير، استعرض مجموعة من القانونيين أوجه مخالفة قرار وزارة الداخلية قرار إسقاط الجنسية عن مجموعة من المواطنين، لنصوص القوانين المحلية والمعاهدات الدولية.
وتحدث خلال الحلقة الحوارية كلٌ من: الوزير السابق والقانوني حسين البحارنة، والمحامي محمد أحمد، وسامي سيادي، والناشط الحقوقي منذر الخور، وزهراء مرادي، فيما قدم المحامي محسن العلوي ورقة قانونية.
وفي الورقة التي قدمها تطرق الوزير السابق حسين البحارنة إلى حالات التجنيس خلال العقد الماضي، فقال: «بالرجوع إلى حالات التجنيس السياسي التي جرت خلال السنوات الاثنتي عشرة الماضية في البحرين، لا يبدو لنا أن مبدأ الارتباط الوثيق بإقليم الدولة قد جرى تطبيقه في البحرين على حالات التجنيس السياسي لأعداد كبيرة من الأفراد الحاملين لجنسيات بعض الدول العربية والآسيوية».
وأوضح «قد تزامن ذلك التجنيس السياسي مع بداية الفترة التي سبقت انتخابات سنة 2002، ونظراً لعدم توافر الشروط القانونية المبيّنة في المادة (6/1) من قانون الجنسية البحرينية، بما في ذلك شرط الإقامة الاعتيادية في البحرين، للجاليات المجنسة سياسياً خلال تلك الفترة، فإنه يمكن القول إنها فقدت عنصر الارتباط الوثيق بالبحرين وفقاً لمبادئ القانون الدولي».
مشيراً إلى أن «التجنيس السياسي المفتوح للأجانب خلال العقد الماضي من الزمان وحتى تاريخه يستند إلى المادة (6/2) من قانون الجنسية البحرينية المعترض عليها، والتي تنص على أنه (بالرغم مما ورد في الفقرة السابقة من هذه المادة، يمكن بأمر من عظمة الحاكم منح الجنسية البحرينية لمن يأمر عظمته بمنحها له، ويمكن بأمر الحاكم منح الجنسية البحرينية لأي عربي يطلبها إذا أدى للبحرين خدمات جليلة)».
وبحسب رأيه القانوني يرى البحارنة أن «قانون الجنسية البحرينية عموماً، من القوانين القديمة التي صدرت في السابق في شكل إعلانات وأوامر وقرارات، وذلك قبل صدور دستور سنة 1973. وكان يجب بعد هذا التطور الدستوري الحديث المتمثل في دستور 1973 أن يستبدل هذا القانون بتشريع حديث يتناسب مع الوضع الدستوري الجديد في البحرين، ويتبنى النهج التشريعي الحديث الذي تعكسه قوانين الجنسية التي صدرت في المنطقة حديثاً، ولكن الحكومة لم تبادر باستبدال هذا القانون بقانون آخر حديث للجنسية، وفقاً للمادة (105) ب من الدستور السابق التي تنص على إمكانية تعديل أو إلغاء الإعلانات أو الأوامر أو القوانين السابق صدورها على دستور 1973 وذلك وفقاً للنظام المقرر بهذا الدستور».
مضيفاً أن «الفقرة الفرعية (د) من المادة (6/ 1) التي تنص على شرط امتلاك الأجنبي طالب التجنس بالجنسية البحرينية، لعقار ثابت في البحرين مسجل باسمه رسمياً يتعارض مع نص المادة (2) من الإعلان رقم 46/1372 الصادر بأمر حاكم البحرين بتاريخ 28 يوليو/ تموز 1953 والذي يمنع الأجنبي المقيم في البحرين من امتلاك ملك ثابت في البحرين سواء عن طريق الشراء أو الهبة أو المبادلة أو بأية صفة أخرى».
من جانبه، تناول المحامي محمد أحمد أوجه مخالفة قرار إسقاط الجنسية لنصوص القانون؛ موضحاً أنه في ذلك «الاستناد إلى نص المادة (10/ فقرة ج) من قانون الجنسية البحرينية لعام 1963 والتي تنص على أنه «يجوز بأمر عظمة الحاكم إسقاط الجنسية البحرينية من كل من يتمتع بها في الحالات الآتية: ج- إذا تسبب في الإضرار بأمن الدولة».
وعقّب بالقول: «يتضح من النص الأخير أن قانون الجنسية، وبصرف النظر عن مدى اتفاقه مع أحكام الدستور، وبصرف النظر أيضاً عن مدى اتفاق هذا القانون مع أحكام المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها البحرين بعد إصدار ذلك القانون بسنوات طويلة، فإن قانون الجنسية يشترط لإسقاط الجنسية البحرينية عن أي شخص يتمتع بها أن يكون قد تسبب في الإضرار بأمن الدولة. وهذا يعني ببساطة شديدة أن يكون ذلك الشخص قد ارتكب من الأفعال ما ترتب عليه إضرار بأمن الدولة، وحيث إن مصطلح أو تعبير «الإضرار بأمن الدولة» أصبح بعد صدور قانون العقوبات البحريني في عام 1976 مصطلحاً يعني القيام بأي فعل من الأفعال المجرمة بموجب الفصل الأول من الباب الأول من قانون العقوبات، وهي الأفعال التي تمثل الجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي، والمعاقب عليها بموجب المواد من (112 – 146) من قانون العقوبات. أو الأفعال المجرمة بموجب الفصل الثاني من الباب الأول من قانون العقوبات، وهي الأفعال التي تمثل الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي والمعاقب عليها من المواد (147 – 184) من قانون العقوبات».
مردفاً «فلابد أن يتضمن قرار إسقاط الجنسية بيان الأفعال التي ارتكبها من أسقطت عنه الجنسية، ولاشك بأن الجزم بارتكابه لأي فعل مسبب للإضرار بأمن الدولة لا يتأتى إلا من خلال حكم قضائي بات انتهى إلى إدانة ذلك الشخص بارتكاب فعل معاقب عليه بموجب القانون».
ورأى أحمد أن «إسقاط الجنسية عن أي مواطن حصل عليها بشكل يتوافق وأحكام القانون واستناداً إلى الأسس التي استقرت عليها الجماعة الدولية والمتمثلة في رابطة الأرض أو رابطة الدم هو – أي إسقاط الجنسية – من قبيل العقوبة التي لا يجوز توقيعها على أي شخص دون أن يكون هذا الشخص قد ارتكب جريمة معاقب عليها بإسقاط الجنسية، والقول بأن إسقاط الجنسية لا يخالف الدستور هو قول باطل قانوناً، حال كونه مخالف لحكم المادة (20 فقرة أ) من الدستور والتي تنص على أنه: «أ- لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون…»، هذا فضلاً عن مخالفة نص الفقرة (ج/ 20) من الدستور والتي تنص على أن «ج- المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وفقاً للقانون».
مستطرداً «بل إن نفاذ عقوبة إسقاط الجنسية لا يكون إلا بعد موافقة جلالة الملك عليها، شأنها في ذلك شأن عقوبة الإعدام التي لا تنفذ إلا بعد موافقة جلالة ملك البلاد عليها».
وأشار إلى أن «وصف الأمر الصادر من عظمة الحاكم بأنه محض قرار إداري، ونفي وصف العقوبة عنه، هو زعم يترتب عليه المساس بالذات الملكية، والنزول بها لمنزلة الموظف العام الذي يتخذ القرارات الإدارية في إطار ممارسته لوظيفة عامة، في حين أن الأمر أبعد ما يكون عن ذلك».
منتهياً إلى القول: «لم تصدر أي أحكام قضائية جنائية باتَّة بالإدانة، عن أي فعل من الأفعال المنصوص عليها بموجب المادة (10) من قانون الجنسية، فإن الأمر الصادر بإسقاط الجنسية هو أمر مخالف للقانون، فضلاً عن بطلانه لانعدام السبب».
أما الناشط الحقوقي منذر الخور، فأشار في ورقته التي قدّمها إلى أننا «نستخلص من أحكام مواثيق القانون الدولي الإنساني وجميع المواثيق الدولية ذات الصلة بالجنسية التحريم المطلق لإجراء الحرمان التعسفي من الجنسية ولجميع الإجراءات التشريعية والإدارية والقضائية المفضية لحالات انعدام الجنسية، وإن تفادي وقوع حالات انعدام الجنسية هو مبدأ أساسي من مبادئ القانون الدولي، وإن هناك حاجة إلى تفادي الإجراءات التشريعية والإدارية والقضائية التي تتخذها السلطات الوطنية المختصة بموجب أحكام قانون الجنسية لديها من أجل سحب الجنسية أو أية إجراءات أخرى تفضي إلى انعدام الجنسية».
وقال: «إن الطريقة المثلى تتمثل بإقرار تشريعات وطنية متوافقة مع القانون الدولي وتكفل عدم حرمان الأفراد من الجنسية بصورة تعسفية، بل تحريم الحرمان التعسفي، وتكفل توفير الحماية الكافية لأولئك الذين يبقون أو يصبحون عديمي الجنسية، والعمل على تسوية حالات الأفراد عديمي الجنسية، ومراعاة البعد الإنساني لانعدام الجنسية».
فيما كان الرأي القانوني للمحامي محسن العلوي يتمثل في أن «قرار إسقاط الجنسية عن (31) مواطناً بحرينياً باطلاً قانوناً وغير سليم من كل الاتجاهات، فهو لم يصدر من سلطة مختصة بذلك، كما أنه لم يثبت حتى تاريخه صدور أي حكم نهائي بحق أي ممن أسقطت جنسياتهم في جريمة مضرّة بالأمن العام».
لافتاً إلى أن «أسباب بطلان القرار هو لصدوره من سلطة غير مختصة بإصداره وهو ما يسمى بعيب عدم الاختصاص، وعدم مفعولية القرار لعدم نشره في الجريدة الرسمية، وبطلانه لعدم توافر شرط البند (ج) من المادة (10) من قانون الجنسية البحرينية لعام 1963 وهو ما يسمى بعيب المشروعية».
ومن جهته، تناول المحامي سامي سيادي في ورقته كيفية استعادة الجنسية المسقّطة، موضحاً أن «الملاحظ أن الحالات المسقطة عنهم جنسياتهم ضمن قرار صادر من وزارة الداخلية، قد صدر على خلفية ما تعرضت له البلاد من أزمة امتدت تداعياتها إلى هدم أركان الثقة في جوانب كثيرة، وأخذت منحى يهدد السلم الأهلي وأيضاً انتهاكات لحقوق الإنسان جرى توثيقها ضمن تقارير دولية، وشاهد عليها الكثير من المنظمات الحقوقية المعترف بها دولياً».
وقال: «بيت القصيد إنه في ظل مثل هذه الظروف والتي مازالت قائمة جاء ذلك القرار بإسقاط الجنسيات، وبالتالي يكون قد جاء في ظروف غير اعتيادية ما يجعله على خلاف ما كرسته الكثير من المعاهدات الدولية والأحكام القضائية المقارنة».
ونوّه سيادي إلى أن «دستور البحرين ينص في المادة (17) على أن الجنسية البحرينية يحددها القانون ولا يجوز إسقاطها عمن يتمتع بها إلا في حالة الخيانة العظمى، وحظرت المادة ذاتها إبعاد المواطن عن البحرين أو منعه من العودة إليها، وحيث إن التقاضي مكفول دستورياً وفق المادة (20) من الدستور، ووفقاً للقانون فإنه السبيل الذي يكفل حماية الحقوق، ومن ضمنها حق استيراد الجنسية حال تعسف الإدارة في سحبها دون مقتضى القانون باعتبار أن حق التقاضي قد أفصح عنه الدستور بنص الفقرة (و) من المادة (20)».
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4282 – الخميس 29 مايو 2014م الموافق 30 رجب 1435هـ