فؤاد الحاج
يبتديء الميثاق الأممي بعبارة "نحن شعوب الأمم المتحدة" مما يحمل على الاعتقاد أن المنظمة تضم شعوبا لا دولاً.. وتفسير ذلك هو أن العبارة مقتبسة من الدستور الأميركي، ولعل واضعي ميثاق المنظمة الدولية في حزيران/يونيو 1945 كانوا يهدفون من ورائها إلى التأكيد على أن المنظمة هيئة معقودة بين الدول باسم شعوبها وعلى رغباتها، وعلى أنها أنشئت للعناية بالشعوب، وحماية الأجيال من ويلات الحروب، والعمل على رفع مستوى الشعوب اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.
وفي الواقع أن هيئة الأمم هي هيئة دول، أي هيئة أنظمة، لأن تلك الأنظمة هي الممثلة في أروقتها لا الأمم أو الشعوب. ومن يطالع ميثاق تلك المنظمة يجد أن الميثاق ذاته يستخدم عند حديثه عن تلك المنظمة، تارة عبارة "هيئة الأمم المتحدة"، وطوراً عبارة "الأمم المتحدة". وتتناول وسائل الإعلام ومحرري الصحف وكتابها استعمال عبارة "الأمم المتحدة" وهي الخطأ، ولا نعرف لماذا يستعملونها، لأن المنظمة لا تضم أمماً أو شعوباً، وفي رأينا أن العبارة الأولى أي "هيئة الأمم المتحدة" أصح لأن الثانية تسبب الالتباس على الأغلب، مع العلم أنه لو تم استعمال أي من العبارتين منذ بداية القرن الواحد والعشرين فأن المواطن في أي مكان من دول العالم يعرف أنها لا تعني سوى "هيئة أمم الولايات الأمريكية المتحدة" لأن ما يحدث في فلسطين منذ أكثر من نصف قرن من قتل وتدمير وهدم منازل وتجريف أراضي زراعية وطرد أصحاب الأرض الأصليين أي الشعب الفلسطيني من أرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم وصدور عشرات القرارات من تلك الهيئة الأممية لصالح الفلسطينيين وأمريكا تمنع تنفيذها تارة بحق الاعتراض (الفيتو) وتارة بالتهديد والوعيد يدل على أن هذه الهيئة فقط بالاسم تدعى "هيئة الأمم المتحدة".
ومنذ بداية القرن الحالي والإدارة الأمريكية المتغطرسة تهدد وتتوعد العراق ولم تأبه لهذه الهيئة ومجلسها الأمني ولا لكل دول العالم وقامت بعدوانها على العراق ومن ثم غزوه واحتلاله، بعد ذلك استصدرت قراراً من مجلس أمن تلك الهيئة يشرع احتلالها وغزوها للعراق، ولم يحرك ذلك ساكناً لا في الأنظمة العربية، ولا في أي من دول العالم، على اعتبار أن ما حدث قد حدث، وأنهم أمام أمر واقع فرضته إدارة الشر الأمريكية.
وقبل ذلك فرضت إدارة الشر الأمريكية ما أسمته "مناطق حظر الطيران" شمال وجنوب العراق دون استصدار قرار من الهيئة الأممية ومجلسها الأمني، وراحت تقصف وتدمر المدارس والمصانع ومستودعات الأدوية والأغذية، دون أن نسمع أي اعتراض إلا اللهم من أمين عام تلك الهيئة الذي أعلن في أحد المؤتمرات الصحفية بعدم مشروعية فرض الحظر الجوي من قبل الإدارة الأمريكية وبريطانيا!!. إلا أن هذه الإدارة الشريرة ضربت كلام أمين عام الأمم المتحدة عرض الحائط ولم تبالي بما أعلنه!. وقبل ذلك أيضاً الكثير من الشواهد يمكن الاستدلال بها والإشارة إليها إن في العراق من أجل فرض سيطرتها عليه، أو في فلسطين من أجل سيطرة الصهاينة هناك، وكذلك الحال يمكن أن يقال عن باناما ونيكاراغوا والصومال والكثير من دول العالم، من فإلى متى سيبقى الحق ضائعاً والشعوب لا تعرف لها طريق بين هيئة الأمم ومجلسها الأمني؟!.
4/5/2009