عقيل ميرزا
مسيلات دموع في مجلس عزاء غارق بالدموع من الأساس! كيف يمكن لك أن تصف هذا المشهد؟ إنه مشهد غريب عجيب لم أجد له تفسيراً إلا في تغريدة الوزير السابق مجيد العلوي على «تويتر» عندما قال: «شرطة تقذف مأتماً بالغاز ربما مبادرة رسمية لإبكاء المعزين»!
سيارة سوداء أو كحلية اللون من الطراز الحديث، مكتوب على جانبيها «الشرطة» لا أعرف موديلها بالضبط ولكنها بالتأكيد من موديلات 2011 فصاعداً، وقد أصبحت هذه السيارة مألوفة هي وأخواتها أمام مداخل كثير من القرى، والمثير أن مهمتها في عصر يوم الأحد (23 فبراير/ شباط 2014) كانت ترطيب أجواء مأتم سار بشيء من البخور الكمبودي، على الرغم من أن المجلس كان للعزاء وليس للزفاف.
هذه السيارة وأخواتها لا أعرف سعرها بالضبط ولكن ما أعرفه أن سعرها يزيد على سعر الوحدة السكنية التي ينتظرها المواطن لسنوات طويلة، وليت وزارة الإسكان تحظى بموازنة هذه السيارات التي صرنا نراها أكثر من سيارات التكسي، لاستطعنا أن نحل شيئاً من مشكلاتنا بدلاً من أن نزيدها تعقيداً.
وأنت تراقب مقطع الفيديو للحادثة لا تحتاج إلى كثير من الانتباه أو العناء لتلحظ كيف كانت هذه السيارة الضخمة المنحشرة في أزقة سار ترمي بقنابل الغاز على مأتم العزاء المكتظ بالرجال، والشباب، والأطفال، وكانت تتقدم تارة وتتأخر تارة أخرى ولما صارت فوهتها موجهة بشكل مباشر إلى المأتم بدأ إطلاق الغازات ليكتمل مجلس العزاء الذي كانت خاتمته في ذلك اليوم، خاتمة محفوفة بالدخان.
وزارة الداخلية أيضاً أثارها المشهد، وذكرت في حسابها على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) أن «رئيس الأمن العام وجّه على إثر الفيديو الذي تم بثه عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشأن استخدام الغاز المسيل للدموع بمنطقة سار، بتكليف الشئون القانونية بالوزارة التحقيق في الواقعة» وهي خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن الخطوة الأصح منها أن نسمع في يوم من الأيام – إذا أمدّنا الله بطول العمر – عن نتائج هذا التحقيق، والتحقيقات الأخرى التي سبقته، في قضايا كثيرة لا أحتاج إلى التذكير بها فهي راسخة في أذهان الجميع.