فقد قالت صحيفة الوسط التي صدّرت صفحتها الأولى بعنوان “خميس البحرين الدامي”، قالت بأن 4 ضحايا سقطوا، وأن 250 جريحاً أصيبوا هم العدد الذي لجئ لمستشفى السلمانية فقط.
في الساعة الثالثة من فجر الخميس 17 فبراير 2011م فجعت البحرين بسقوط 3 شهداء كانوا ضمن المعتصمين في دوار اللؤلؤة، في حين ألتحق الشهيد الرابع وهو الحاج عيسى عبدالحسن بهم مع مجيئه في وقت لاحق للمنطقة للاحتجاج على منع الاسعاف من الدخول لمحيط الدوار لانقاذ الجرحى والمصابين، حينها فجّر شرطي بحريني رأسه بدم بارد، ليكون رابع شهداء ذلك اليوم الأسود.
القوات التي دخلت إلى الدوار بقوة الحديد والنار، منعت الاسعاف وأعتدت على 4 مسعفين بالضرب، فيما خلفت دماراً شاملاً في كل ما وجدته أمامها هناك، بعدما بدأت هجومها من أعلى كوبرى الشارع السريع، وذلك بعد يوم واحد من تعزية السلطة للمواطنين بإستشهاد الشهيد علي مشيمع والشهيد فاضل عباس اللذان قضيا في أحداث 14 و15 فبراير، كما يأتي الهجوم بعد يوم من تشكيل السلطة للجنة تحقيق في وفاة الأخيرين، وهو ما جاء وكأنه استدراج للمزيد من البطش الذي جرى في 17 فبراير 2011م.
تقول لجنة تقصي الحقائق في روايتها للمجزرة: وﻻﺳﺘﻌﺎدة اﻟﻨﻈﺎم ﻣﺮة أﺧﺮى ﻓﻲ اﻟﺒﻼد، ﻗﺮرت اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ إﺧﻼء دوار ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻳﻮم 17 ﻓﺒﺮاﻳﺮ، وﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻗﺘﻞ أرﺑﻌﺔ أﺷﺨﺎص ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺸﺮﻃﺔ وﻫﻮ ﻣﺎ ارﺗﻔﻊ ﺑﻌﺪد اﻟﻘﺘﻠﻰ إﻟﻰ ﺳﺘﺔ ﻗﺘﻠﻰ. ﺛﻢ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﻨﺸﺮ وﺣﺪات ﻗﻮة اﻟﺪﻓﺎع ﻟﺘﺄﻣﻴﻦ دوار ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ، وﻛﺬﻟﻚ ﺣﺮﻣﺎن اﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻪ. وﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ ﺣﺎوﻟﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ اﻟﺪﺧﻮل ﻣﺮة أﺧﺮى إﻟﻰ دوار ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ. وﻗﺪ أﺻﻴﺐ أﺛﻨﺎء ذﻟﻚ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ ﺑﺠﺮوح ﻗﺎﺗﻠﺔ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﺣﺎﺟﺰ ﻗﻮة دﻓﺎع اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ. وﻗﺪ ﺗﺴﺒﺒﺖ اﻟﻮﻓﻴﺎت اﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﻗﻮات اﻟﺸﺮﻃﺔ وﺗﻮرط اﻟﺠﻴﺶ ﻓﻲ إﻃﻼق اﻟﻨﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺪﻧﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﻔﺎﻗﻢ اﻟﻐﻀﺐ اﻟﻌﺎم ﺗﺠﺎﻩ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ.
الشهيد علي المؤمن: صارت مقولته (نفسي فداء وطني) رمز لكل الثائرين
شوهد شخص من بعيد، وهو محاطاً بحوالي 15 رجل أمن، عند الإشارة الضوئية للتقاطع، وهم يعتدون عليه بالركل والضرب بأعقاب البنادق. الشهيد علي أحمد عبدالله علي أحمد “المؤمن”، شاب بحريني يبلغ من العمر 23 عاماً، من سكنة جزيرة سترة، وقد تم استهدافه صباح يوم 17 فبراير 2011.
بعد شياع خبر وجود مصابين داخل ميدان دوار اللؤلؤة الذي أصبح تحت سيطرة رجال الأمن وبات من المتعذر على الناس والكوادر الطبية والإسعافات الدخول له، كان الشهيد مع مجموعة من المتواجدين في المنطقة المحيطة بمستشفى السلمانية ومستشفى الطب النفسي الذين قرروا التوجه في مسيرة إلى الميدان لمطالبة رجال الأمن بتمكين الإسعافات من الدخول للمصابين الموجودين داخل الموقع.
يشير المتظاهرين إلى أن التظاهرة اتجهت إلى تقاطع شارع الملك فيصل مع شارع البديع (التقاطع الفاصل ما بين منطقة القفول وقرية البرهامة) قادمة من جهة منطقة السلمانية، فشاهدوا رجال الأمن وهم يسدون مدخل الطريق المؤدي إلى الدوار في التقاطع فقط بينما كانت المنافذ الأخرى للتقاطع مفتوحة ولا تزال تتواجد فيها سيارات (القادمين من الشرق “قرية النعيم” والجنوب “منطقة السلمانية”).
عندما بدء المتظاهرين يقتربون من التقاطع، تقدم رجال الأمن إلى داخل التقاطع وتواجد بعضهم عند رصيف الإشارة الضوئية الموجودة في جنوب التقاطع والمخصصة للقادمين من جهة منطقة السلمانية، وبدء إطلاق كثيف من القنابل الغازية وكذلك استخدم الرصاص الانشطاري (الخرطوش/الشوزن).
شوهد الشهيد لأخر مرة قبل استشهاده في الشارع المؤدي لدوار اللؤلؤة، في الجزء الواقع ما بين التقاطع القريب من مستشفى الطب النفسي (تقاطع ديري كوين) وتقاطع شارع الملك فيصل مع شارع البديع (التقاطع الفاصل ما بين منطقة القفول وقرية البرهامة)، وذلك عندما تعرض المتظاهرين لأحدى الهجمات الشديدة من قوات الأمن بالرصاص الانشطاري وبالإطلاق الكثيف من قنابل الغاز المسيل للدموع، حيث أصيب الشهيد في هذه الهجمة بكرات الرصاص الانشطاري (الخرطوش/ الشوزن)، إلا أنها لم تكن إصابة خطيرة، فتراجع قليلاً مع المجموعة، ومع كثافة أطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، انفصل عن المجموعة، مما أدى لاندفاعه للأمام وانفصاله عن مجموعة المتظاهرين الذين تراجعوا.
بعد ارتفاع دخان الغازات وتوقف القوات عن أطلاق القنابل، شوهد شخص من بعيد، يعتقد بأنه الشهيد، وهو محاطاً بحوالي 15 رجل أمن، عند الإشارة الضوئية للتقاطع، وهم يعتدون عليه بالركل والضرب بأعقاب البنادق.
نقل الشهيد في وقت لاحق من المكان الذي عثر عليه، وهو بجوار تقاطع شارع البديع مع شارع الملك فيصل (التقاطع الذي يفصل ما بين منطقة القفول وقرية البرهامة)، وقد كان موضوع بجوار الشهيد عيسى عبدالحسن، وكان لا يزال حياً عند نقله، لذلك عندما وصلت سيارة الإسعاف قامت أولاً بنقل الشهيد علي.
أعلنت وفاة الشهيد بعد فترة من وصوله للمستشفى، وكان بجسده أثار خرطوشة بلاستكية من المتوقع أن تكون خرطوشة الرصاص الانشطاري (الشوزن)، إذ دخلت الخرطوشة ذاتها إلى فخذه الأيسر واستخرجت منها، وكان في فخذه الأيمن جرح غائر مشابه للجرح الذي في فخذه الأيسر، وكذلك تظهر الصور بأنه كان في جسمه أثار لجروح قد تكون ناتجة من قطع بألآت حادة في رجليه، وآثار لكرات الرصاص الانشطاري (الشوزن) في صدره وذراعه وخلف ظهره. (اقرأ التفاصيل بالضغط على العنوان).
الشهيد الحاج علي خضير.. عندما استيقظ رفض الهروب وتوجه لخيام النساء لحمايتهم
الشهيد علي منصور أحمد خضير، يبلغ من العمر حوالي 54 عاماً، من سكنت جزيرة سترة، وقد تم استهدافه فجر يوم 17 فبراير 2011. الشهيد بات ليلته تلك مع المعتصمين في أحدى الخيام التي نصبت في ميدان دوار اللؤلؤة مع مجموعة من أبناء قريته، وكانت الخيمة موجودة في داخل الدوار من الجزء الذي يقابل الطريق القادم من جهة مركز سيارات الإطفاء المجاور، وكانت أقرب الخيام للجزء الذي خصص لخيام النساء في الدوار.
عندما استيقظ الشهيد، رفض الهروب وتوجه لخيام النساء لحمايتهم، وتجادل مع احد الأشخاص في هذا الشأن، فقرر الأخير المغادرة وبقى الشهيد. بعد فترة قصيرة من بدء هجوم قوات الأمن على المعتصمين، شاهد احد المعتصمين فرقة من رجال الأمن متوجهة للدوار من جهة الشرق، وعلى ما يبدوا بأنها كانت قادمة من الطريق الفاصل ما بين محطة البنزين والسوق المركزي (جنوب شرق الدوار) أو من الطريق الفاصل ما بين السوق المركزي والجسر العلوي، وفي أثناء تقدمها كان لا يزال هناك عدد كبير من المعتصمين، ولازال كثير منهم يركض في كل الاتجاهات، وهي لم تكن بعيدة عن الناس التي كانت تسعى لمغادرة الموقع.
في هذه الأثناء شوهد الشهيد وهو بالقرب من خيم النساء المجاورة للخيمة التي كان نائماً فيها وهو يقف بوضع المتألم في مواجهة هذه الفرقة الأمنية، وقد كانت في هذا الوقت قد وصلت داخل الطريق المحيط بالدوار في الجهة المقابلة لأسواق المنتزه ولا تبعد عن موقع وجود الشهيد كثيراً.
وفقاً لما تظهره شهادة الوفاة، فأن الشهيد توفي في أثناء نقله إلى مستشفى السلمانية وقبل أن يصل إليه، وأعلنت وفاته بشكل رسمي من قبل الطبيب المسئول في الساعة 3.45 فجراً، أي في وقت مبكر جداً من هجوم قوات الأمن على الاعتصام لفضه، بما يظهر بان إصابته كانت قاتلة. (اقرأ التفاصيل بالضغط على العنوان).
الشهيد محمود أبوتاكي.. رحل وهو منشغل عن حماية نفسه بحماية المستضعفين، فاستحق وسام الشهادة
حالة الفزع التي كان تسيطر على النساء والأطفال ونداءات حمايتهم ومساعدتهم قبل الخروج من الميدان، أبقته في الدوار ولم يغادر مع من غادروا.. الشهيد محمود مكي أحمد علي أبوتاكي، يبلغ من العمر 23 عاماً، من سكنت مدينة حمد، ومسقط رأسه جزيرة سترة، وقد تم استهدافه فجر يوم 17 فبراير 2011.
كان الشهيد ضمن المعتصمين النيام في إحدى الخيام الموجودة في الجزء الشمالي الغربي من الدوار عندما باغتت القوات الأمنية المعتصمين فجراً، واستيقظ على صوت الإطلاق الكثيف مع بعض من كان معه، وكان يستعد لمغادرة الدوار لكن حالة الفزع التي كان تسيطر على النساء والأطفال ونداءات المعتصمين المطالبة من الشباب والرجال حماية النساء والأطفال والمسنين، ومساعدتهم قبل الخروج من الميدان، أبقته في الدوار ولم يغادر مع من غادروا.
لم يطل الأمر كثيراً حتى انتبه بعض المتواجدين إلى أنَّ الشهيد في وقت مبكر من الهجوم سقط على الأرض في الجهة الغربية من الدوار مقابل أبراج اللؤلؤة الثلاثة، وهو عاجز عن الحركة بسبب إصابته بكرات الرصاص الانشطاري (الخرطوش/الشوزن).
لم يلاحظ المعتصمين الذين هبوا لإسعاف الشهيد، وجود أي سيارات إسعاف داخل الميدان في ذلك الوقت، سواء تلك التي تتبع وزارة الداخلية أو وزارة الصحة، فكان قرارهم بأن الشهيد يجب أن يحمل ويخرج من الميدان، فالهجمة التي تقودها قوات الأمن لفض الاعتصام عنيفة، والشهيد في وضع حرج، فحمله بعض المعتصمين وكانت الوجهة هي المخرج الجنوبي للدوار باتجاه مستشفى السلمانية من خلال شارع الملك فيصل.
وجدت المجموعة التي حملت الشهيد، أول إسعاف متوقف عند تقاطع شارع الملك فيصل مع شارع البديع (التقاطع الفاصل ما بين منطقة القفول ومنطقة البرهامة)، وعاجز عن الدخول للميدان، وتقدر المسافة تقريباً ما بين موقع سقوطه والإسعاف حوالي 100 متر.
كانت المجموعة تشعر بأن الشهيد كان لا يزال حي عند حمله، ولكن عند إيصاله لسيارة الإسعاف، بدء يصل إليهم شعور بأن الشهيد توفي.
وصل الشهيد إلى مستشفى السلمانية، ووفقاً لما تظهره شهادة الوفاة، فأن إعلان وفاته بشكل رسمي من قبل الطبيب المسئول تم في الساعة 3.30 فجراً، أي في وقت مبكر جداً من هجوم قوات الأمن على الاعتصام لفضه، بما يظهر بان إصابته كانت قاتلة. (اقرأ التفاصيل بالضغط على العنوان).
الشهيد عيسى عبدالحسن: صورته وهو مهشم الرأس، جمرة لن تنطفئ حتى تحقيق النصر، ومحاسبة قتلته الحقيقيين
تفاصيل الحادثة تقدم مؤشر على أن رجال الأمن يشعرون بأن بإمكانهم بسهولة قتل أي شخص أثناء التظاهرات المناهضة للسلطة دون التعرض لأي محاسبة، إذْ أن رجال الأمن رغم بشاعة الحدث ابتعدوا عن الشهيد بهدوء ولم يعيروا جثة الشهيد أي أهمية ولم تظهر عليهم أي تأثر أو رهبة ممَّا وقع.
الشهيد عيسى عبد الحسن علي حسن، يبلغ من العمر حوالي 61 عاماً، من سكنة قرية كرزكان، وقد تم استهدافه صباح يوم 17 فبراير 2011، والشهيد يتميز بكونه كان يستخدم العكاز أثناء المشي والتنقل بسبب سنه وقصر القامة.
عد شياع خبر وجود مصابين داخل ميدان دوار اللؤلؤة الذي أصبح تحت سيطرة رجال الأمن وبات من المتعذر على الناس والكوادر الطبية والإسعافات الدخول له، كان الشهيد مع مجموعة من المتواجدين في المنطقة المحيطة بمستشفى السلمانية ومستشفى الطب النفسي الذين قرروا التوجه في مسيرة إلى الميدان لمطالبة رجال الأمن بتمكين الإسعافات من الدخول للمصابين الموجودين داخل الموقع.
في حوالي الساعة 8 ص يوم 17/2/2011 كانت الصحفية نزيهة سعيد في تقاطع شارع الملك فيصل مع شارع البديع (التقاطع الفاصل ما بين منطقة القفول وقرية البرهامة) بعد أن توقفت حركة السيارات في التقاطع بسبب المصادمات التي كانت تدور في الموقع ما بين قوات الأمن وبعض المتظاهرين، ووجود إطلاق من قبل هذه القوات على المتظاهرين، وفي هذه الأثناء شاهدت الشهيد وهو يتقدم باتجاه رجال الأمن المتواجدين في التقاطع، وكان قادم من جهة منطقة السلمانية، فعاجله احدهم برفع السلاح الذي كان في يده ووجه نحو رأس الشهيد وأطلق ذخيرته، فأنفجر دماغ الشهيد فوراً، ولم يبالي رجل الأمن بالمنظر وابتعد عن الموقع متراجعاً باتجاه مجموعة رجال الأمن المتواجدين في الموقع.
ويشير المتظاهرين إلى أن التظاهرة اتجهت إلى تقاطع شارع الملك فيصل مع شارع البديع (التقاطع الفاصل ما بين منطقة القفول وقرية البرهامة) قادمة من جهة منطقة السلمانية، فشاهدوا رجال الأمن وهم يسدون مدخل الطريق المؤدي إلى الدوار في التقاطع فقط بينما كانت المنافذ الأخرى للتقاطع مفتوحة ولا تزال تتواجد فيها سيارات (القادمين من الشرق “قرية النعيم” والجنوب “منطقة السلمانية”).
عندما بدأ المتظاهرين يقتربون من التقاطع، تقدم رجال الأمن إلى داخل التقاطع وتواجد بعضهم عند رصيف الإشارة الضوئية الموجودة في جنوب التقاطع والمخصصة للقادمين من جهة منطقة السلمانية، وبدء إطلاق كثيف من القنابل الغازية وكذلك استخدم الرصاص الانشطاري (الخرطوش/الشوزن).
مع بدء الإطلاق الكثيف لاحظ بعض المتظاهرين بأن رجلاً كبيراً بقي في مقدمة المتظاهرين ويقف على مسافة منهم بعد أن تراجع المتظاهرين قليلاً لشعور الكثير منهم بالاختناق بسبب الإطلاق الكثيف، وقد كان ذلك هو الشهيد، الذي ما لبث إلا وان تقدم في وسط دخان القنابل المسيلة للدموع باتجاه رجال الأمن.
كان الجو في الموقع خانق جداً بسبب كثافة القنابل المسيلة للدموع التي أطلقتها قوات الأمن حتى دون مبالاة بوجود سيارات في الشارع والتقاطع، والشهيد كان يشق هذا الدخان غير مبالي به وهو يتقدم باتجاه 3 من رجال الأمن الموجودين عند الإشارة الضوئية المخصصة للقادمين من جهة منطقة السلمانية، وهو يسير مستنداً على عكازه، وكان الفاصل ما بين الشهيد ورجال الأمن ما بين 2 إلى 3 أمتار، إذ كان الشهيد عند مقدمة أحدى السيارات ورجال الأمن عند مقدمة السيارة التي أمامها.
بعض المتظاهرين كانوا يتابعون الشهيد خوفاً عليه وكانوا يحاولون اللحاق به لكن الجو الخانق صعب عليهم ذلك، وهم في سعيهم هذا فجأة رأوا شيء يتفجر من رأس الشهيد، ورأوا الشهيد يسقط في الفور بمكانه.
لم يكن الشهيد في وضع التعدي على رجال الأمن عند إطلاقهم عليه، وكان من الواضح بأنه متقدماً باتجاههم لمناقشتهم، إذ حتى العكاز الذي كان يحمله، لم يكن يرفعه في اتجاههم، وهو رجل مسن وذو قامة قصيرة ولا يمكن أن ينشأ احتمال لدى رجل الأمن الذي أطلق عليه بأن تقدمه يشكل أي تهديد جدي بأي حال من الأحول له أو من معه من رجال الأمن، وطبيعة الحدث تقدم مؤشر بأن من أطلق كان مستهتراً بأرواح الناس، وكان يستهدف من إطلاقه على الشهيد ترهيب المتظاهرين من التقدم، إذ كانت الناس تتجمع بأعداد ليست قليلة غير أبهة بوجود رجال الأمن وتسعى للتقدم باتجاه الدوار مرة أخرى، ورجال الأمن قاموا بالإطلاق الكثيف على المتظاهرين حتى أنهم لم يهتموا بوجود السيارات في الموقع.
بقي الشهيد في موقع سقوطه، بعد أن أصبح المكان تحت سيطرة رجال الأمن، وفي وقت لاحق سمح للإسعاف بنقله للمستشفى وقد كان توفي بسبب تفجر دماغه في نفس الوقت.