منصور الجمري
من المؤسف له، أنَّ البعض يستخدم خطاباً تصعيديّاً أو متشدداً، في الوقت الذي ينبغي النَّظر إلى إعادة تنشيط الحوار الوطني كفرصة للخروج من الأزمة السياسيَّة الحادّة التي تمرُّ بها بلادنا. فحاليّاً نرى أن هناك من لايزال يعوِّل على أحلامٍ بالقضاء على الطَّرف الآخر بدلاً من الإصغاء لصوت العقل والعدل واحترام حقوق الإنسان، وهناك من يعتقد أنَّ بإمكانه الاستمرار في النهج الخاطئ الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه الآن.
إنَّ إعادة تنشيط الحوار عبر لقاءات ثنائيّة بين القوى السياسية، كل على حدة، مع الديوان الملكي يمكن أن تكون الخطوة الأولى لتحديد أجندة الحوار، لكنَّ ذلك يتطلب أيضاً الابتعاد عن التخوين أو محاولة فرض الأمر الواقع عبر استخدام القوة، فما أثبتته السنوات الثلاث الماضية هو أن كل تلك الأساليب تنتهي إلى نتيجة عكسيَّة.
إنَّ البحرين لا تعيش في فراغ، والخطورة وراء تعطيل الحلِّ السياسيِّ هي أن نفقد زمام المبادرة المحليَّة، ونصبح مرتهنين لما يجري في منطقتنا التي تتقاذفها ملفات كبرى.
إن الأكثرية في البحرين تدرك مخاطر المماطلة في الحلِّ السياسيِّ، كما تدرك خطورة التعويل على الحلِّ الأمنيِّ المصحوب بتخوين أية فئة من فئات المجتمع البحريني، والزجِّ بأبنائها في السجون وعزلهم عن الحياة العامة.
إنَّ أصدقاء البحرين قدَّموا الكثير من المساندة ليبقى الحلُّ بحرينيّاً… وحتى لجنة تقصي الحقائق التي رأسها البروفيسور محمود شريف بسيوني، فقد تمَّ «اختراع» أنموذج جديد لم يكن موجوداً في العالم من قبل، وكل ذلك لمنع تدويل قضية البحرين. فاللجنة البحرينيَّة المستقلة لتقصي الحقائق كانت لجنة دولية، لكنَّها عملت برخصة سياديَّة بحرينيَّة، وهذه كانت هديَّة إلى البحرين، وعلينا أن نستفيد منها وأن نسارع إلى تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق عبر معالجة القضايا الحقوقية (وليس عكس ذلك كما هو الحال)، وأن نسارع إلى اعتماد حلٍّ سياسيٍّ يحقق المصالحة الوطنيَّة.
إنَّ ما نحتاج إليه حاليّاً أكثر من أي وقت مضى هو الابتعاد عن لغة التخوين، والابتعاد عن التلويح باستخدام القوة، وأن نسعى إلى تهيئة أجواء الثقة من أجل حلٍّ سياسيٍّ عادل.