منصور الجمري
المنطقة حالياً تشهد تحولات كبيرة، وهي شبيهة في حجمها بتلك التي شهدتها المنطقة في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، والتي على أساسها تأسس مجلس التعاون. ولكن ما نواجهه اليوم أكبر بكثير من التحديات التي مرت بالمنطقة قبل أكثر من ثلاثة عقود، إذ إن هناك الانقسام الطائفي، وانتشار الحركات الإرهابية، ومخاطر انتشار أسلحة الدمار الشامل.
على ضوء كل ذلك انعقدت قمة التعاون في الكويت (10 – 11 ديسمبر/ كانون الأول 2013)، ولكنها ابتعدت عن القضايا الاستراتيجية لأنها تمثل موضوعات خلافية بين دول المجلس، وبالتالي فقد تحاشى البيان الختامي التطرق إلى هدف الانتقال من التعاون إلى الاتحاد… وبدلاً من ذلك أشار إلى توجيه المجلس الوزاري «باستمرار المشاورات واستكمال دراسة الموضوع». كما لم يتطرق البيان إلى مطلب عدد من دول التعاون بضم المجلس إلى محادثات «5 + 1» مع إيران بشأن ملفها النووي، ولم يتطرق إلى الدور العماني في إنجاح تلك المحادثات. في المقابل، أعلن البيان الختامي التوافق على «إنشاء القيادة العسكرية الموحدة لدول المجلس»، وتكليف مجلس الدفاع المشترك «باتخاذ ما يلزم من إجراءات للبدء في تفعيلها وفق الدراسات الخاصة بذلك»، وأن ذلك يأتي «استكمالاً للخطوات والجهود الهادفة إلى تعزيز أمن واستقرار دول المجلس، وبناء منظومة دفاعية مشتركة لتحقيق الأمن الجماعي».
ولعلَّ هذه الخطوة تأتي في سياق الاستجابة لدعوة وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل في «حوار المنامة» للالتقاء بوزراء دفاع مجلس التعاون ومناقشة قضايا مشتركة – مثل الدرع الصاروخي لدول الخليج – والتوصل إلى توافق جماعي بشأن ذلك.
غير أن الملاحظ أيضاً أن «إعلان الكويت» الذي قرئ في ختام القمة تحدث عن «ضرورة تنفيذ كافة القرارات الصادرة عن مجلس التعاون بكافة مجالاتها، وإجراء مراجعة شاملة للقرارات التي لم تُنفَّذ، وإيجاد الآليات المناسبة لسرعة تنفيذها». وجاء ذلك في سياق الحديث عن «تفعيل كافة القرارات التي صدرت عن مجلس التعاون، وخاصة ما يتصل منها بالجانب الاقتصادي لأهميتها البالغة في تعزيز الروابط الأخوية بين دوله، وباعتبارها عاملاً أساسياً ومهمّاً لتحقيق مصالح أبناء دول المجلس».
وأكد إعلان الكويت «على أهمية مواصلة العمل لتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون، وتذليل العقبات في طريق السوق الخليجية المشتركة، واستكمال متطلبات الاتحاد الجمركي سعياً لزيادة التبادل التجاري بين دوله، واستكمال خطوات الاتحاد النقدي وصولاً إلى العملة الخليجية، بما يحقق التطبيق الشامل لبنود الاتفاقية الاقتصادية، ووفق برامج زمنية محددة». وهذا يوضح النقطة التي تذكرها الجهات التي تشير إلى عدم تحقيق المواطنة الخليجية في الجانب الاقتصادي لحد الآن. وإذا كان العجز واضحاً بالنسبة إلى قضايا اقتصادية من المفترض أنها تم التوافق عليها، فكيف سيتمكن المجلس من التوافق على استراتيجية ملائمة للمتغيرات السياسية التي تزلزل المنطقة حالياً، وفي وقت تسعى الدول الكبرى والإقليمية إلى صياغة نظام إقليمي جديد قد ينتج عنه – في نهاية المطاف – تبدل في التحالفات.