قالت جمعيات المعارضة (الوفاق، وعد، الإخاء، الوحدوي، التجمع القومي الديمقراطي، المنبر الديمقراطي التقدمي) إنها تعتبر ما ورد في تقرير ديوان الرقابة المالية من خروقات وسرقات جسيمة للمال العام، إلى جانب الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد، وتصاعد القمع ومصادرة الحريات وتدهور الحياة المعيشية وتفشي البطالة والتمييز والتوتير الطائفي، إنما تضفي جميعها المصداقية على المطالب الوطنية في الإصلاح السياسي الشامل.
وذكرت، في بيان لها تلقت «الوسط» نسخة منه أمس الجمعة (29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013)، أن الإصلاح السياسي الشامل وحده الكفيل معالجة جوانب القصور والضعف في البنى التشريعية والمؤسساتية الموجهة، لمكافحة الفساد في البحرين وغيرها من الأزمات السياسية والاقتصادية، وذلك من خلال الانتقال نحو مرحلة جديدة من العمل الوطني القائم على مجلس منتخب كامل الصلاحيات وحكومة تمثل الإرادة النيابية والشعبية وتخضع للمساءلة والمحاسبة من قبل البرلمان، والدوائر الانتخابية العادلة، ووقف التمييز، وتحقيق نزاهة القضاء وتحقيق العدالة الانتقالية التي يأتي في مقدمتها التنفيذ الكامل والحقيقي لتوصيات اللجنة المستقلة. وحملت القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة الحكومة المسئولية الأولى عن تفشي ظاهرة الفساد في وزاراتها وأجهزتها ومؤسساتها، لافتة إلى أن تقرير ديوان الرقابة المالية للعام 2012 / 2013 الذي أعلن قبل أيام جاء متزامناً مع مواصلة نظر القضاء البريطاني في قضية فساد ألبا – ألكوا والمتهم فيها أحد رجال الأعمال البريطانيين بدفع رشوة بقيمة 40 مليون جنيه إسترليني لمسئول حكومي كبير في الدولة نظير استحصال الموافقة على تجديد عقد توريد مواد خام بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 10 سنوات، وقبلها تفجر قضية نهب 65 كيلو متراً مربعاً من أراضي وأملاك الدولة تقدر قيمتها بنحو 15 مليار دينار. وبحسب المعارضة فإن ما أعلنه تقرير ديوان الرقابة المالية من قضايا فساد ما هو إلا قمة جبل الجليد للتستر على ما هو أعظم ولدر الرماد في العيون عما خفي من قضايا الفساد الكبرى، والتي لم يعد هناك إمكانية لمكافحتها إلا من خلال إحداث تغييرات جوهرية في تلك البنية من خلال الإصلاح السياسي الذي تطالب به القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة.
وأوضحت أن تقرير ديوان الرقابة المالية لهذا العام كشف عن عدة حقائق جوهرية تكشف جانباً مهمّاً من بنية الفساد في البحرين، أهمها:
أولاً – اتساع رقعة الفساد في وزارات ومؤسسات الدولة كمّاً ونوعاً مع تكرارها على مدى السنوات العشر الماضية، ما يؤكد غياب الإرادة السياسية الحقيقية في مكافحة الفساد في البحرين.
ثانيا – تسرب الفساد الفاقع والتلاعب بالأموال العامة إلى أجهزة وكيانات أوجدت بغرض إصلاح أداء الدولة وتطويره مثل ممتلكات وصندوق العمل وتمكين.
ثالثاً – بروز ظاهرة الفساد السياسي، بهدف استخدام المال العام في شراء الولاءات والذمم ومحاربة الخصوم السياسيين مثل ما ذكره التقرير من أمثلة حول الترقيات في وزارة الصحة ومحاسبة طيران البحرين على ديونها من شراء وقود الطائرات وغض الطرف عن ديون طيران الخليج علاوة على تضخم عقود ومناقصات وزارة الأشغال وغيرها.
رابعاً – الاستنزاف المتعمد للمال العام في نفقات لا طائل ولا جدوى لها بغية تغطية السرقات وتضخيم النفقات والدين العام، وبالتالي إنهاك الاقتصاد الوطني وتخريبه من الداخل.
خامساً – عجز تقرير ديوان الرقابة المالية وتغاضيه عن قضايا الفصل التعسفي التي طالت الآلاف من الموظفين والعمال في مختلف الشركات الحكومية مثل بابكو وألبا وغيرهما، والذين لا تزال قضاياهم عالقة منذ العام 2011، كما عجز وتغاضى أيضاً وعلى مدى السنوات العشر الماضية عن إحالة أي من المخالفين والفاسدين من الوزراء والموظفين الحكوميين في المناصب العليا كونهم المسئولين عن كل ما يجري في وزاراتهم من فساد وتقصير.
وبينت جمعيات المعارضة أن الفساد المستشري في كيانات الدولة ووزارتها وأجهزتها وفقاً لما وثقه تقرير ديوان الرقابة المالية، على رغم محدوديته وقصوره، كونه لا يغطي التلاعب في أملاك وأراضي الدولة ولا العديد من الأجهزة التي تنفق الجزء الأكبر من المال العام، إنما يكشف القصور الفاضح في البنية التشريعية والمؤسساتية الموجهة لمكافحة الفساد في البحرين وفي مقدمتها غياب الإرادة السياسية لمكافحة الفساد وقصور ومحدودية صلاحيات ديوان الرقابة المالية وفي مقدمتها عدم تبعيته إلى مجلس النواب، وضعف صلاحياته في الرقابة السابقة للحيلولة دون ارتكاب جرائم الفساد والتوظيف في المناصب العليا والوسطى القائم على الولاءات السياسية والعائلية والطائفية مقابل إبعاد الكفاءات الوطنية، وضعف البنية التشريعية في ظل غياب أو عدم تفعيل عدد من التشريعات المهمة مثل قانون مكافحة الفساد وقانون الذمة المالية وقانون حق الوصول إلى المعلومات، علاوة أيضاً على ضعف البينة المؤسساتية، مثل غياب استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد والمؤسسة المستقلة لمكافحة الفساد وضعف وتخاذل دور المجلس النيابي في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة مقابل تطاوله على الحريات العامة.