هاني الفردان
لسبت (16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013) في الساعة 1:43 ظهراً رسالة إلكترونية من مجلس النواب لمجموعة الأخبار التي تود نشرها عبر الصحف المحلية، وكالعادة تضم الرسالة مجموعة من تصريحات النواب وبياناتهم.
في رسالة يوم السبت الماضي، وضمن خبر لرئيس جمعية الأصالة الإسلامية (سلفية) عبدالحليم مراد، تهجم فيه بشكل واضح وصريح على الطائفة الشيعية في البحرين، واتهمها بشكل علني بـ «بث الكراهية»، و «نشر الفوضى والإرهاب والحقد بين أبناء المجتمع الواحد»، ولم يكن التصريح كما يحاول البعض تصويره على أنه انتقاد لممارسات معينة بل تطاول على طائفة.
رئيس مجلس النواب في جلسة المجلس الأخيرة «زعل» مما أسماه إساءة له ولعائلته، وطالب السلطة بوقف تلك الممارسات، فلماذا لا يوقف هو أيضاً ممارسات «أمانته العامة» والإساءة لمكوِّن وطائفة بأكملها.
في هذا المقال لن يكون الحديث عن النائب عما قال، ولكن سيكون مع الأمانة العامة لمجلس النواب، رغم محاولة البعض وبغباء تحجيم التصريح والتخفيف من وطأته.
هل تقبل الأمانة العامة لمجلس النواب بتبني بيانات تسيء لمكوِّن واسع في هذا البلد؟ هل تقبل الأمانة العامة لمجلس النواب بأن تصف شيعة البحرين بالمحرضين على الكراهية والباثين للفوضى والإرهاب والحقد بين أبناء المجتمع؟
هل دور مجلس النواب نشر وتعميم أخبار وبيانات وتصريحات تكرس الكراهية بين أبناء المجتمع؟
ألا تعتقد الأمانة العامة لمجلس النواب بأنها خالفت الدستور في مادته (22) والتي تنص على أن «حرية الضمير مطلقة، وتكفل الدولة حرمة دُور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقاً للعادات المرعية في البلد».
قد تخرج علينا الأمانة العامة لمجلس النواب، لتقول إن المجلس لا يتحمل مسئولية ما ينقله عن النواب من تصريحات أو بيانات أو أخبار، وإن «الرسالة الالكترونية هي مجرد آراء الكاتب ولا تمثل بالضرورة آراء مجلس النواب». وهذه فقرة عادة ما كانت تتكرر في مختلف رسائل مجلس النواب للتهرب من محتوى المنشور فيها، إلا أنه في رسالة يوم السبت التي احتوت على خبر النائب السلفي وهجومه على الشيعة لم ترد تلك الفقرة المعتادة.
وحتى إن وردت تلك الفقرة التي تحاول الأمانة العامة لمجلس النواب من خلالها الهروب من مسئولية محتوى رسائلها، سيبقى لنا سؤال، هل ستعمم الأمانة العامة لمجلس النواب أخباراً لنواب تسيء لطوائف أخرى والمسّ بمعتقداتها، أو للقيادات في الدولة أو لرئيس المجلس مثلاً، من باب عدم مسئوليتها عن محتوى الخطاب أم سترفض، أليس حرياً بالأمانة العامة إصدار بيان لتبرأ من ذلك البيان المهين في حق السلطة التشريعية التي من المفترض أنها تمثل كل الشعب بكل طبقاته وأطيافه ومذاهبه وتوجهاته.
ألا تعي الأمانة العامة بتعميمها لبيان النائب السلفي وتبنيه له (حتى الآن وما لم يصدر بيان التبرؤ منه) انها تكون قد شاركت في جريمة بحق الجزء الأكبر من شعب البحرين، إذ ينص قانون العقوبات في باب المساس بالدين المادة (309) «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تجاوز مئة دينار من تعدى بإحدى طرق العلانية على إحدى الملل المعترف بها أو حقر من شعائرها».
ألا تعتقد الأمانة العامة أن ما احتواه بيان النائب حقر من شعائر طائفة، عندما قال «إن الحسين حاشاه أن يكون يوماً قاطع طريق، أو معترضاً على قضاء الله عز وجل، أو ممن يشق صفوف المسلمين، أو يؤلبهم على بعضهم البعض، أو ينادي بثارات أحد، أو يلطم ويشج رأسه ويندب حظه ويلبس السواد وينوح ويمتلئ حقداً وكراهية، كما يُفعل في البحرين اليوم، باسم الحسين وثارات الحسين»، وعندما قال إن عاشوراء «تحول إلى مناسبة لنشر الفوضى والإرهاب والحقد بين أبناء المجتمع الواحد».
حاول البعض بغباء الدفاع، ناسياً أن البيان حمل في طياته التعميم على كل الطائفة، ولم يتحدث عن أفراد أو عن ممارسات فردية، بل تعدى للحديث عن معتقدات.
في الجانب الآخر، أليس من واجب النيابة العامة أن تتحرك وتبدأ التحقيق في مجريات البيان، والتحقيق فيه، لأنه يبث «الكراهية» بين أبناء الشعب، ويحقر من طائفة، ويتعدى على شعائرها الدينية المكفولة دستورياً وقانونياً محلياً ودولياً.
إذا كان متحف لجمعية سياسية، وصف بـ «المسيء لهيئة نظامية» استوجب كل تلك الجلبة، ألا تستحق الأغلبية من شعب البحرين، أن تتحرك من أجلها النيابة العامة لحمايتها من «التحقير» والإهانة والسب والقذف.
إن النيابة العامة مطالبة بالتحرك بعد أن اتهم النائب الشيعة بـ «بث الكراهية والحقد في المجتمع البحريني»، وهو ما يجرمه القانون بنص المادة (172) من قانون العقوبات «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبالغرامة التي لا تجاوز مئتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من حرض بطريق من طرق العلانية على بغض طائفة من الناس أو على الازدراء بها، إذا كان من شأن هذا التحريض اضطراب السلم العام».
أم أن للقانون موازين مختلفة، لا تطال أبداً من يسيء لطائفة معينة، بل فقط يلاحق أبناؤها.
ننتظر، من السلطة أن يكون لها موقف واضح وصريح، ومن مجلس النواب التبرؤ من بيان النائب الذي عممته أجهزتها ولايزال عالقاً في ذيلها، ومن النيابة العامة تحريك قضية الحق العام بشأن ازدراء طائفة، والتحقير من شأنها.