حسن المدحوب
قبل عام من الآن، وتحديداً في مساء 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، تفاجأ البحرينيون بقرارٍ من وزارة الداخلية بإسقاط الجنسية عن 31 مواطناً.
الغريب في الموضوع أن جميع المسقطة عنهم جنسياتهم وعوائلهم معهم، تبلّغوا، كما غيرهم، القرار عبر بيان رسمي بثته وكالة أنباء البحرين في وقت متأخر من الليل، في الوقت الذي كان من أبسط حقوقهم الإنسانية أن يعرفوا مسبقاً بهذا القرار، فضلاً عن إبداء رأيهم فيما سيق عنهم من علل قالت الجهات الرسمية أنها كانت السبب لإسقاط الجنسية عنهم.
الموضوع تم بهذه البساطة، تذهب إلى فراشك ليلاً وأنت بحريني، وتصحو الصباح وعندما تقرأ الصحف تكتشف أنك أصبحت بلا جنسية!
ما جرى في إجراءات إسقاط الجنسية تم بالمقلوب، ففي الوقت الذي كان يفترض ألا يتم إسقاط جنسياتهم إلا عبر القنوات الصحيحة دستورياً، وبعد إدانة صريحة من القضاء على ما وُجّه إليهم من تهم، طلب منهم بعد إصدار القرار الذهاب للقضاء للتظلم منه ومراجعته.
اللافت فيمن تم إسقاط الجنسية البحرينية عنهم، أنهم جميعاً محسوبون على الرأي الفكري والسياسي المخالف للحكومة، وهو أمرٌ بحد ذاته لا يستدعي أن يتم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء الذي يصفه العالم بأسره بأنه إجراء منافٍ لأبسط حقوق الإنسان، وتقف معه كل الدنيا بغض النظر عن الأسماء والظروف والتفاصيل والمبررات.
ما نراه من واقع الأمور أن من تم إسقاط جنسياتهم، هم ممن ولدوا أو عاشوا عشرات السنوات في البحرين، ولم يعرفوا وطناً غير البحرين، وبالتالي من غير الصحيح أخلاقياً وإنسانياً، التعامل مع جنسياتهم على أنها ورقة سياسية يتم استخدامها والتلويح بها بغية الضغط عليهم أو تغيير توجهاتهم أو إرغامهم على السكوت وعدم التعبير عن آرائهم بالشكل الذي كفله الدستور والمواثيق الدولية.
دعونا نبتعد عن السياسة، ونقول أن الموضوع إنسانياً غير مبرّرٍ مطلقاً، المواطنة والانتماء ليست ورقة يستلمها صاحبها ليكون بحرينياً، ولا العكس صحيح، عندما تسحب منه فتنتفي عنه صفة المواطنة والانتماء!
البحرينيون ليسوا أرقاماً أو قطع شطرنج في لعبة السياسة، من تم إسقاط جنسياتهم بشر من لحم ودم، وأبناؤهم وعوائلهم كذلك، هؤلاء جميعاً لا يعرفون وطناً وتراباً غير البحرين.
التعقيد السياسي ينبغي أن يتم حصره في إطاره، الخصومة السياسية يجب أن تظلّ سياسيةً، ولا ينبغي أن تطال إنسانية البشر وحقهم في العيش بكرامة، فلتقابل الحجة بالحجة، والرأي بالرأي، ولكن من غير المقبول إنسانياً أن تنتزع جنسية إنسان من وطنه لأنه يختلف في رأيه أو فكره عن الرأي الرسمي.
الانتماء والمواطنة ليسا صكوكاً توزّع وتنتزع من أصحابها متى شئنا أو أبينا، قدرنا جميعاً أن نعيش على هذه الأرض بعدالةٍ وحريةٍ وكرامةٍ. قدرنا أن نستوعب أن هذه الأرض تسع كل البحرينيين بلا استثناء، وبلا تفرقة أو تمييز.
بعد عام من قرار سحب الجنسيات، ندعو أصحاب الشأن إلى النظر إنسانياً فيما جرى، وإعادة الجنسيات إلى أصحابها وفق القانون والعدل والحق.