منصور الجمري
ضجة إعلامية وسياسية كبيرة نتجت عن تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 سبتمبر/ أيلول 2013 عندما قال إن أميركا بذلت «جهوداً لحل التوترات الطائفية في العراق وسورية والبحرين»، وذلك ضمن حديثه عن القيم التي تلتزم بها الولايات المتحدة تجاه الأحداث في منطقة الشرق الأوسط. فجأة بعد هذه التصريحات التفتت جهات عدة إلى أن خطابها المشحون بالطائفية ليس صالحاً، وانقلب الحديث بين ليلة وضحاها ليتحوّل إلى حديث عن الألفة والمحبة التي لا يمكن أن تدخل بينها الطائفية.
ولقد كنا من الذين يحذرون من تلبيس الوضع السياسي بلباس طائفي، واتخاذ إجراءات على أساس طائفي؛ لأن الاختلافات السياسية أمر طبيعي تمر به كل المجتمعات، ولكن الاختلاف على أساس طائفي أو إثني أو قبلي أو مناطقي يُعتبر أمراً خطيراً لأنه يؤدي إلى تفتيت الوحدة الوطنية وتحويل البلد إلى لقمة سائغة للتوترات المزمنة، أو حتى أخطر من ذلك.
الانقسامات السياسية مهما تعقدت فإنها ليست بخطورة الانقسامات الطائفية أو ما شابهها… فحتى في مصر، فإن الانقسام إنما هو بين من ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم، والإخوان المسلمون جماعة سياسية في نهاية الأمر، والمرء لا يولد وهو منتمٍ لها، وإنما ذلك يحتاج إلى قرار بالانضمام إلى الجماعة… كما أن المرء يستطيع أن يترك الجماعة متى شاء، لأنها جماعة سياسية. أمّا في الحالات الأخرى، فإن الإنسان يولد وهو منتمٍ إلى طائفة أو إثنية أو قبيلة أو منطقة، وبالتالي لا يكون لديه الخيار المتوفر لمن ينتمي إلى الجماعة السياسية، إذ لا يمكن للمرء مثلاً أن ينسحب من قبيلته أو ما شابه ذلك.
وعليه، فإن الانقسامات إذا نشأت على أساس طائفي أو إثني أو قبلي أو مناطقي، فإن الخطورة كبيرة جداً، نشهد آثارها حالياً في ليبيا مثلاً، وشهدناها من قبل في السودان. والدول التي تقسم شعبها على هذه الأسس تتورط في حاضرها ومستقبلها، ونجد أن المحاصصات التي تُطرح كحل لها ليست من دون عيوب، كما نرى ذلك في العراق حالياً.
مازلت أعتقد أننا كبحرينيين، قادرون على الخروج من الدائرة الضيقة المفروضة على الشأن السياسي وطريقة التعامل معه، ولحد الآن ومع كل ما حدث، فإنه مازال بالإمكان التوفيق بين الأجندات المختلفة عندما نحصرها في إطارها السياسي البعيد عن الممارسات الطائفية المقيتة، ولكن إنجاز ذلك يحتاج إلى الابتعاد فعلاً – وليس كلاماً فقط – عن الإطار الطائفي الحالي.