حسن المدحوب
منذ أن بدأت الأزمة الحالية في البحرين في 14 فبراير/ شباط 2011، تم استخدام الورقة الطائفية كعنوان بارز لوأد الحراك الوطني الذي كان ينزع نحو الديمقراطية والعدالة والحرية للجميع، ولم يبق أحد في الدنيا إلا وسمع كلاماً من رجالات السلطة أو من سياسييها، وحتى من مشايخ من خارج الحدود، يتكلمون بكل ثقة أن هذا الحراك البحريني طائفي… طائفي … طائفي!
اليوم وبعد عامين ونصف من استمرار هذا الحراك تغيّرت الأجواء المحمومة في وسط الصيف، فأصبح الحديث عن وجود أزمة بين الطوائف في البحرين أمراً غير مقبول، وان البحرينيين شعب واحد متحاب متسامح لم تفرقه المذاهب أو تتقاذفه رياح الطائفية!
قد نفهم أن تنفي رموز في السلطة وجود أزمة طائفية في البحرين، فلا توجد سلطة في العالم ترغب في الاعتراف بأخطائها طوعاً، لكننا لا نستوعب مطلقاً أن يسارع الطائفيون الذين سافروا إلى أقصى الأرض شرقاً وغرباً لإقناع العالم أن ما يجري في البحرين هو حراك طائفي 100 في المئة، يراد منه إقصاء الطائفة الأخرى في البلد، لينقلبوا على كل حراكهم وتصريحاتهم وبياناتهم الأولى.
فجأةً، تحوّل تجار الطائفية وسماسرتها ومروّجو حملات الكراهية والحقد في المجتمع، إلى حمامات حب وديعة تؤكد أن البحرينيين ظلوا ومازالوا شعباً واحداً عصياً على الفرقة والشقاق!
فجأةً ومن دون مقدمات، بات الحديث عن وجود أزمة طائفية في البحرين غير مقبول وغير معقول، في حين أننا لن ننسى أن الورقة الأولى التي تم استخدامها لإفشال الحراك الوطني المشروع كان ورقة الطائفية وتخويف هذه الطائفة من تلك!
والله لا نعلم أنضحك أم نبكي، من أولئك المتحولين 180 درجة في وضح النهار، على حساب هذا الوطن وآلامه وجراحاته، فهل نضحك على تناقضاتهم التي بات أصغر طفل يستطيع كشفها ببساطة والتندر عليها، أم نبكي بعد أن بان للجميع أن المتاجرة بالوطن باتت أسهل مما يمكن أن يتصوره أحد!
صحيحٌ أن الأزمة في البحرين ليست أزمة طائفية، وهي أزمة سياسية بامتياز، ولكن لا أحد ينكر كيف كانت تدار حملات الكراهية والحقد على مكوّن واحد في المجتمع في وضح النهار وبل في التلفاز الرسمي للدولة، وكيف كانت تدار محاكم التفتيش على المواطنين بحسب انتماءاتهم المذهبية على الهواء مباشرة.
لا أحد ينسى كيف تم استهداف بيوت الله في محاولةٍ لتنحية الأزمة السياسية إلى أزمة طائفية، لاستغلال التعقيدات المحلية والإقليمية، ولا أحد ينسى كيف كان بعض رجال السياسة والدين يسِمون الحراك الشعبي السلمي الوطني المشروع بأنه حراك طائفي من أجل ألا تتحقق الديمقراطية والعدالة والحرية لكل البحرينيين.
الآن فقط، ومن أجل كلمة قالها السيد أوباما، تتبدل الجلود وتنقلب المواقف رأساً على عقب، وتنقلب التصريحات الطائفية إلى كلمات إشادة بالوحدة الوطنية وتسامح هذا الشعب وتلاحمه! فعلاً سبحان الله القادر، مغيّر الأمور من حال إلى حال في طرفة عين!