احتجاجا على استمرار الانتهاكات الفظيعة وعدم احترام السلطة التزاماتها وتهربها من الحوار الجاد
القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة تعلق مشاركتها في الحوار الوطني
تابعت القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة بقلق بالغ التوجه المحموم نحو اطباق السلطة التنفيذية على كل مفاصل الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتحكم فيها بما يخدم اهدافها في تعميق دور الدولة الامنية الباطشة والقمعية من خلال زيادة جرعة الانتهاكات الفظيعة لحقوق الانسان وعدم انصات الحكم لدعوات العالم ومجلس حقوق الانسان والمنظمات الحقوقية الدولية، فضلا عن المنظمات الحقوقية المحلية والقوى السياسية الفاعلة في الساحة المحلية، التي تطالب بالتوقف عن حملات الاعتقال التعسفي السافرة دون اذونات قضائية في أغلب الاحيان، ومداهمة المناطق وإغراقها بالغازات السامة وقمع كل التحركات السلمية المطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة.
ان قوى المعارضة وخلال اكثر من سبعة أشهر سعت جاهدة الى حوار تفاوضي جدي وذي مغزى يفضي الى نتائج تترجم ايجابا على الشعب البحريني انطلاقا من قناعتها بأن الازمة في البحرين هي أزمة سياسية دستورية وان حلها لن يكون بعسكره البلاد وتقطيعها الى مربعات امنية تبطش بها الاجهزة الامنية دون رادع ودون التزام حتى بالدستور الذي فرض على الشعب وضرب القوانين التي سنتها السلطة التنفيذية عرض الحائط، بل ان الحل يكون من خلال حوار تفاوضي جدي يخرج بلادنا البحرين من الازمة العاصفة التي تعاني منها منذ عدة عقود بسبب غياب الديمقراطية واستمرار الانتهاكات وحرمان المواطن ومؤسسات المجتمع المدني من التعبير عن ارائها ومصادرة الحريات العامة واستشراء الفساد الاداري والمالي. حوار يقوم على أسس واضحة ورغبة من الحكم بضرورة التوصل الى تسوية دائمة تجنب بلادنا ويلات الاصطفافات الطائفية التي تغذيها اطراف في الحكم وتسعى الى تقسيم المجتمع على اساس طائفي ومذهبي وإحداث الشرخ بين مكونات المجتمع البحريني لكي تتمكن السلطات من السيطرة وإحكام قبضتها عليه انطلاقا من المبدأ الشهير “فرق تسد”.
وحرصا منها على تجاوز الانسداد في مسار الحوار في جولته الأولى، تقدمت القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة بمبادرة من ست نقاط مع بداية الجولة الثانية للحوار التي انطلقت في الثامن والعشرين من أغسطس الماضي، وذلك لإخراج الحوار من عثراته المتكررة، حيث ركزت على وقف عملية التحريض الاعلامي والبدء في بناء جسور الثقة بين مختلف الاطراف بما يعزز الوحدة الوطنية، وفتح وسائل الاعلام امام كافة القوى السياسية والمجتمعية دون تمييز او إقصاء، وإطلاق سراح سجناء الرأي وفق التوصيف الذي جاء به تقرير اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق، وإحداث عملية الانفراج الامني والسياسي المطلوبة من خلال تبريد الساحة المحلية ووقف عمليات الانتهاك والاعتقالات والمداهمات التي تمارسها الاجهزة الأمنية وإدانة العنف والعنف المضاد من أي مصدر كان، والإصرار على وجود جهاز اعلامي للإطراف المشاركة في الحوار، وتنفيذ الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة امام المجتمع الدولي وعلى رأسها تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق وتوصيات مجلس حقوق الانسان العالمي، ووقف السعي المحموم لتشطير المجتمع على أساس طائفي ومذهبي وقبلي والتوقف عن الامعان في سياسة التمييز بين المواطنين.
ان حجم الانتهاكات التي تقوم بها السلطات تجاوزت كل التوقعات المحلية والدولية مما حدى بالمفوضية السامية لحقوق الانسان السيدة نافي بيلاي ادانة حكومة البحرين بصراحة تامة لانتهاكاتها المستمرة ضد حقوق الإنسان ورفضها اللقاء مع وزير شئون حقوق الانسان احتجاجا على استمرار حملات التنكيل بالمواطنين، وأصدرت 47 دولة من امريكا وأوروبا وإفريقيا واسيا بيانا صريحا يطالب فيه الحكم بتنفيذ التزاماته امام الشعب البحريني والمجتمع الدولي وخصوصا تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق وتوصيات مجلس حقوق الانسان العالمي. كما اطلق البرلمان الاوروبي موقفا لافتا ومحددا طالب فيه الحكم بوقف القمع فورا والإفراج عن سجناء الرأي والسماح للمعارضة بحرية تنظيم التجمعات والمسيرات والبدء الفوري في الاصلاح الديمقراطي الحقيقي عبر حوار جاد ذي مغزى ويفضي الى نتائج. وبدلا من التجاوب مع مطالبات المجتمع الدولي أمعن الحكم في سياساته القمعية والامنية بالتهرب من التزاماته وزاد جرعة الصرف على شركات العلاقات العامة ووفوده الى المؤتمرات الدولية التي تمارس الكذب على الرأي العام المحلي والدولي وعلى سفراء الدول الكبرى التي اصدرت بيانات وتصريحات تفند وتكذب كل ادعاءات الوفد الذي يقوده وزير الدولة لشئون حقوق الانسان وغيره من الوفود التي تكلف المال العام عشرات الالاف من الدنانير دون جدوى سوى تبييض الصفحة الحقوقية السوداء التي يغرق الحكم فيها.
ومع امعان الحكم في سياسته القمعية، اصدر وزير العدل والشئون الاسلامية والأوقاف قرارا وزاريا قد يكون الاول من نوعه على مستوى العالم يكبل فيه الجمعيات السياسية ويمنعها من الاتصال بالخارج خوفا من كشف الحقيقة امام الرأي العام الدولي وسعي السلطات اخفائها عبر التعتيم الاعلامي. ولم تتوقف سياسات التعسف عند هذا الحد، بل استمرأ الحكم كل المناشدات وواصل سياسته القمعية وانتهاكاته فأقدم على اعتقال المساعد السياسي للامين العام لجمعية الوفاق الوطني الاسلامية الاخ خليل المرزوق يوم الثلثاء الموافق 17 سبتمبر الجاري بطريقة تعبر عن ازدراء واحتقار الجانب الرسمي لكل الاعراف السياسية وتعكس عدم ممارسة وزارة العدل لدورها المطلوب باعتبارها الوزارة المختصة بشئون الجمعيات السياسية، ناهيك تفاصيل اعتقاله المخالفة لكل الاعراف والقوانين والمواثيق الدولية، فضلا عن الدستور وميثاق العمل الوطني والقوانين المنظمة، ليتوج هذا الانتهاك بإصدار النيابة العامة قرارا بتوقيفه 30 يوما على ذمة التحقيق وإلصاق بحقه تهم مرسلة تتعلق بالتحريض على ارتكاب جرائم ارهابية!!. كما مارس الحكم ضغوطاته على اية الله الشيخ حسين نجاتي وسعى لإجباره على مغادرة البلاد بعد ان سحب جنسيته وجواز سفره الى جانب 30 مواطنا تم سحب جنسياتهم دون أي حق او سند قانوني او دستوري في تحد سافر لكل المواثيق والأعراف الدولية ذات الصلة.
يأتي ذلك في ظل تزايد عملية التجنيس السياسي غير الشرعية بهدف خلق تغيير ديموغرافي في البحرين وإنهاك اقتصادها وتفتيت نسيجها المجتمعي، واستمرار حملة تكميم الافواه لتطال مؤسسات دينية اهلية عبر رفع دعاوى قضائية تمهيدا لإغلاقها. يضاف إلى كل ذلك زيادة جرعة الانتهاكات المتصاعدة منذ انطلاقة الحوار الوطني في 10 فبراير 2013، حيث تم رصد مداهمة 1912 منزلا، واعتقال 1392 مواطنا بينهم 92 طفلا و13 امرأة، وإصابة 411 مواطنا بسلاح اجهزة الامن وصدور مراسيم مقيدة للحريات العامة وللعمل السياسي، وتعرض 93 مواطنا للتعذيب داخل وخارج السجون واستشهاد خمسة مواطنين، وتبرئة 11 شخصا من المتورطين في قضايا التعذيب للمعتقلين والذين استشهد منهم خمسة في زنازينهم، ومن هؤلاء بعض المتهمين بقتل علي المؤمن وعيسى عبدالحسن وزكريا العشيري وحسام الحداد وعلي نعمة، وهذا ما يفسر منع زيارة المقرر الأممي الخاص بالتعذيب وسوء المعاملة، ومنع ممثلي وسائل الاعلام والمنظمات الحقوقية من زيارة البحرين للوقوف على حقيقة الانتهاكات ضد حقوق الانسان.
ان القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة، وفي ضوء كل هذه الانتهاكات ورفض الحكم الالتزام بما الزم نفسه به، فقد قررت تعليق مشاركتها في الحوار الوطني، وسوف تخضع هذا القرار للمراجعة المستمرة في ضوء التطورات السياسية والحقوقية على ارض الواقع والتفاعل معها وفقا للمعطيات والمستجدات التي تشهدها الساحة السياسية والأمنية في البحرين. وتدعو المجتمع الدولي الى ممارسة دوره الادبي والأخلاقي والتزاماته الدولية تجاه حقوق الانسان التي تشهد انتهاكات متصاعدة دون ان تجد من يردعها، وتحمل القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة النظام السياسي مسئولية افشال الحوار وجر البلاد الى اتون الاحتقان السياسي والطائفي بإمعانه في الانتهاكات وسياسة التمييز الطائفي وسياسة التطهير الوظيفي التي تطال فئة واسعة من المجتمع البحريني.
القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة
جمعية الوفاق الوطني الاسلامية
جمعية العمل الوطني الديمقراطي “وعد”
جمعية التجمع القومي الديمقراطي
جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي
جمعية الاخاء الوطني
18 سبتمبر 2013