منصور الجمري
البيان الذي أصدره أمس وزير شئون حقوق الإنسان صلاح علي يحتاج إلى التأمل، إذ إنه صعد درجة إلى الأعلى في الهجوم على منتقدي ملف حقوق الإنسان في البحرين. ففي العادة ينصبُّ الهجوم على منظمات حقوق الإنسان الدولية، مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، أمّا بيان وزير حقوق الإنسان الذي صدر أمس من مقر إقامته في جنيف فإنه موجّه ضد الحكومات التي تتحدث عن الملف الحقوقي في البحرين.
بيان وزير حقوق الإنسان جاء قبل يوم من بدء النقاشات في الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان، إذ يمكن للمفوضة السامية لحقوق الإنسان ولممثلي الحكومات في البداية طرح وجهات نظرهم حول الوضع الحقوقي في أيِّ مجال عام، أو في أيِّ بلد من البلدان. ففي الدورة السابقة (فبراير/ شباط – مارس/ آذار 2013)، تحدث مندوب الاتحاد السويسري بصورة مباشرة عن البحرين (ضمن المناقشات العامة التي تأتي تحت البند الثاني) وتم حينها توزيع بيان مشترك وقّعت عليه دول عديدة تنتقد فيه الوضع الحقوقي في البحرين.
آنذاك أصدر الوزير صلاح علي بياناً (في 6 مارس 2013) جاء فيه «استفسر وزير شئون حقوق الإنسان رئيس وفد مملكة البحرين إلى جنيف صلاح علي، لدى اجتماعه مع المندوب الدائم للبعثة السويسرية بجنيف السفير ألكسندر فيسل، عمّا تم تداوله بشأن سعي سويسرا لإلقاء بيان مشترك في مجلس حقوق الإنسان تحت البند الثاني وطلب الوزير معرفة تفاصيل ذلك… وأوضح الوزير أن مثل هذه البيانات لا تخدم العلاقات الثنائية بين البلدين، وليس لها مردود إيجابي وأن التوقيت لها غير مناسب، حيث إن مملكة البحرين تشهد حالياً جلسات استكمال الحوار الوطني ولا نودُّ تعكير هذه الأجواء الإيجابية بالبلد عبر إلقاء مثل هذه البيانات التي لا تخدم أيَّ طرف وقد تعطي رسالة خاطئة قد تؤجج على العنف».
أمّا يوم أمس، فقد أصدر وزير حقوق الإنسان بياناً استباقيّاً (بخلاف بيانه في مارس الماضي الذي صدر بعد أن ألقي البيان المشار إليه أعلاه)… وفي هذا البيان الاستباقي صعّد الوزير من لهجته إذ قال «إن إلقاء بيانات مشتركة حول الأوضاع الحقوقية بالبحرين في مجلس حقوق الإنسان بجنيف ليست ذات جدوى أو قيمة حقيقية ولا تخدم المسيرة الديمقراطية والحوار الوطني، كما إنها تفتقر إلى المصداقية والحيادية في محتواها وإنها تسيء أكثر من أن تنفع، وإن بيانات بعض الدول لها مدلولات سياسية وليست حقوقية»… جاء ذلك خلال لقائه والوفد المرافق له بوزير الدولة للشئون الخارجية السويسري إيف روسييه، الخ.
في اعتقادي فإن البيان الاستباقي «غير موفق» لا ينفع كثيراً، ولاسيما إذا استخدم لهجة تصعيدية، فهذه الدول لا ينفع معها الخطاب الذي يُستخدم ضمن المماحكات السياسية مع قوى المعارضة في الداخل أو مع المنظمات الدولية، وكان من الأفضل أن يتم إلقاء رد رسمي هادئ ومدعوم بتوثيق مقبول دوليّاً أمام مجلس حقوق الإنسان عندما تنطلق «النقاشات العامة» تحت البند الثاني من الأجندة، والتي من المفترض أن تبدأ اليوم الاثنين (9 سبتمبر/ أيلول 2013).