منصور الجمري
يوم الأربعاء الماضي، عقدت الجلسة الرابعة والعشرون من الحوار الوطني، وذلك بعد أن توقف شهرين (بين 26 يونيو/ حزيران 2013 و28 أغسطس/ آب 2013)… وعلى رغم أن الجلسة اتسمت بالهدوء (بخلاف الماضي)، فإنها لم تتحرك عن النقطة «صفر»، إذ مازال الخلاف لم يحسم بشأن الآليات (من بينها التمثيل المتكافئ، والاستفتاء على نتائج الحوار، وتمثيل الحكم)، كما لم يحسم الأمر بشأن الجوانب النظرية المتعلقة بالمبادئ والقيم التي يفترض أن يقوم عليها الحوار. في كل الأحوال، فإن طاولة الحوار التي اجتمعت 24 مرة لم تبدأ مناقشة «الأجندة» لحد الآن.
ومنذ أن بدأ الحوار في 10 فبراير/ شباط 2013 حتى الآن تغيَّرت كثير من الامور، كما أن المجلس الوطني اجتمع بصورة استثنائية (أثناء فترة عطلته) في 28 يوليو/ تموز 2013 وأطلق العنان للسلطة التنفيذية للمضي قدماً نحو المزيد من الإجراءات التي تدخل ضمن خيار «الحل الأمني» للأزمة.
من المفترض أن الحوار يأتي ضمن خطة سياسية واضحة تهدف إلى تبديد حالة «عدم الثقة» بين مختلف الأطراف، وخلق مناخ يعتمد على حسن النوايا، وكسر الصور النمطية السلبية التي أدت إلى نشوء الأزمة، وأن تستهدف رصَّ المجتمع من خلال جعل المشاركين على طاولة الحوار أكثر تفهماً وتعاطفاً نحو بعضهم البعض، وأن يمهد هذا الحوار الطريق نحو التفاوض حول حل سياسي قابل للبقاء ويمكن من خلاله معالجة أسباب الأزمة، وهذا يعني أن من يحضر الحوار من المفترض أن لديه القدرة على اتخاذ قرارات بشأن القضايا الصعبة والمطروحة على الساحة بصورة مباشرة وعملية. أما إذا كان من يحضر الحوار ليست لديه القدرة على اتخاذ قرار، فإن «فاقد الشيء لا يعطيه».
من المؤسف أن بعض المتحاورين يحضرون من أجل إلقاء تصريح ناري لشتم الطرف الآخر، من دون حتى أن يشارك برأي علمي حول أي قضية مطروحة. كما أن إدارة الحوار من المفترض منها أن تكون «محايدة»، وأن تثبت حياديتها ومقبوليتها للجميع… ومن المفترض أن تكون «عادلة» أيضاً، ليس فقط في أسلوبها وإنما حتى في تصريحاتها وإيماءاتها.
أما بالنسبة إلى نقطة «التمثيل المتكافئ»، فإن أي حوار حول أي موضوع وفي أي مكان في العالم يجب أن يكون بين «متساوين» في إعطاء الفرصة لطرح الرأي. أما لو جئنا بأربعة أشخاص، مثلاً، 3 أشخاص يمثلون رأياً، مقابل شخص واحد يمثل رأياً آخر، وأعطينا لكل شخص 5 دقائق للكلام في كل مرة، فسيحصل الأشخاص الثلاثة على فرصة غير عادلة مقابل شخص واحد. وإذا كانت العملية غير متكافئة، وغير عادلة، فإنه لا يمكنها أن تأتي بنتيجة لها معنى.