حسن المدحوب
للأسف لم تسفر حتى الآن تلك الجهود الإنسانية التي بذلت على مدى الأيام الماضية عن الإفراج عن المعتقلة الحامل في شهرها التاسع، المواطنة البحرينية نادية علي، التي تم سجنها في نهاية شهر مايو/ أيار الماضي.
ووفقاً لعائلتها، فإن نادية ستحاكم في الثاني من سبتمبر/ أيلول المقبل، وسيكون موعد ولادتها بإذن الله بحلول السابع من الشهر نفسه، أي بعد 5 أيام من جلسة محاكمتها.
هذه المرأة هي أمٌ لطفل يبلغ من العمر 8 سنوات، وتم اعتقالها مع زوجها في يوم واحد في إحدى نقاط التفتيش، وفي حقيقة الأمر فإن من تم اعتقالهما في ذلك اليوم، هم ثلاثة: الأم وزوجها وجنينهما.
حديثنا عن هذه الحالة إنساني بطبيعة الحال، ولا نعرف إذا ما كانت السجون البحرينية ستسجل لنفسها أول سابقةٍ في تاريخها، بإضافة جنين في بطن والدته إلى سجلات المعتقلين في زنازينها.
المعتقلات في البحرين وعلى مدى الأزمة التي عصفت بالبحرين منذ 14 فبراير/ شباط 2011 وحتى الآن، لم تستثنِ أحداً من ضيافتها، أطباء، معلمين، ممرضين، مسعفين، طلاباً، تجاراً، رياضيين، صحافيين، نواباً سابقين، رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، فهل سيضاف هذه المرة إلى القائمة الأجنة والمواليد الجدد؟
بغض النظر عن التهمة التي تواجهها الأم التي توشك على الولادة، لكننا نؤمن أن روح القانون وغاية تطبيقه هدفه الرحمة بالناس، ومن حقّ هذا الجنين ألا يبصر النور بين جدران زنزانة مقفلة عليه، من حقّه أن يتنفس هواءً صحياً نظيفاً، ومن حقّه أن يحظى كما أقرانه بالرعاية الطبية الملائمة.
الحديث عن استمرار بقاء جنين يوشك على الولادة في سجن في البحرين، مؤلمٌ لكل مواطن بل وحتى غير مواطن، بل لكل إنسان، ولا نظن أن أحداً يستطيع إلا أن يدعو كل المسئولين والمعنيين بتغليب الحس الإنساني وقيم العروبة للإفراج عن هذا الجنين الذي لا ذنب اقترفه ولا إثم جناه.
لسنا هنا بحاجة لسرد أية مواد قانونية من قانون الطفل البحريني أو الدولي، أو تسطير مواد العهدين الدوليين لحقوق الإنسان، أو مطالعة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولسنا بحاجةٍ للتذكير بالشيم والقيم العربية التي نختص بها عن غيرنا من الأمم، مجرد الحديث عن وجود طفلٍ يوشك على الولادة وهو في سجن يستفز كل القيم الإنسانية ويحرّك المشاعر بشكلٍ تلقائي.
نريد أن يذكرنا العالم بأسره، بأننا في البحرين استطعنا أن نتغلب على حملات الكراهية التي تريد تفتيت هذا الشعب وتمزيقه؛ وأننا وصلنا إلى ديمقراطية حقيقية يأمن فيها البحريني على نفسه وماله وعرضه ومستقبل أبنائه؛ وأننا حققنا المواطنة العادلة المتساوية التي لا استئثار فيها ولا تمييز ولا مواطنين من الدرجة الأولى وآخرين من العاشرة. ولا نريد أن تتذكرنا الدنيا بما فيها ولا التاريخ، ليقول لنا أن البحرين تبقي الأجنة وهم في بطون أمهاتهم في السجون!