هاني الفردان
يعاقب القانون البحريني (قانون العقوبات) في المادة (168) بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبالغرامة التي لا تجاوز 200 دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من أذاع عمداً أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو بث دعايات مثيرة إذا كان من شأن ذلك اضطراب الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
ومع سلسلة طويلة جداً من الأخبار الكاذبة، نشرت من قبل مسئولين في السلطة، وإعلاميين محسوبين على السلطة، وصحف، إلا أن هذه المادة، لا تجد تطبيقها، إلا على الفقراء من أبناء هذا الوطن، أو بالتحديد من يعارض سياسة السلطة، ومن لا يُرضى عليه.
يعاقب ناشط ويحاكم على نشر صورة لمصاب عبر موقع التواصل الاجتماعي، يعاقب محامٍ على نشر بعض ما التقطه أثناء التحقيق، على أنها أسرار، تبعد أجنبية عن البلاد، بتهمة نشر معلومات مغلوطة على مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها «تسيء» إلى السلطة البحرينية، تلاحق حسابات شخصية عبر «تويتر» بدواعٍ أمنية، والحفاظ على السلم الأهلي واللحمة الوطنية.
ولكن عندما يُكَذَّبُ شخص له منصب رسمي من قبل وزارة الداخلية وبشكل رسمي وعلني، فهو لا يستحق أبداً أن يحاكم على بث أخبار كاذبة، ويكتفى بـ «توبيخه» علناً ودعوته لأخذ المعلومات من مصادرها الرسمية.
وعندما يُكَذِّبُ صحافي في وسيلة إعلامية عربية، ويفتري ويلفق معلومات عارية عن الصحة، ويهدد بتلك المعلومات «الأمن الوطني»، عندما تحدث عن محاولة لاغتيال وزير ومسئولين كبار في السلطة، فإن ذلك لا يستدعي أبداً المحاكمة، ولا الإبعاد، أو التحقيق، أو حتى السؤال عن أسباب محاولته إثارة تلك الأخبار التي كانت تقصد بشكل مباشر أن البحرين دخلت في عالم «الاغتيالات» ولكبار المسئولين في السلطة، وهو أمر يثير الخوف والقلق والرعب بين صفوف المواطنين، ويضر حتى بالاقتصاد الوطني وسمعة البلاد. ومع ذلك فقد اكتفت السلطة بتكذيب من قبل وزارة الداخلية، للخبر، من دون أي إجراء آخر.
وعندما تُكَذِّبُ أيضاً وزارة الداخلية وسيلة إعلامية محلية بشأن نشر أخبار «مفبركة» من خلال القبض على متهمين لم يتم القبض عليهم، فإن ذلك أيضاً لا يمكن أن يعد بثاً لأخبار كاذبة.
بث الأخبار الكاذبة، هي تغريدات، مواقع إلكترونية، صور يتم تناقلها. بث الأخبار الكاذبة، هي شبيهة بمفردتي «مخربين أو إرهابيين» التي تلحق بالمنتمين إلى طيف المعارضة بسرعة البرق وحتى قبل التحقيق ولا تمر ساعات إلا ويتم القبض عليهم، و «مجهولين» الذين عادة ما يكونون من طيف المحسوبين على جهات رسمي في الدولة، والذين لا يتم القبض عليهم أبداً.
المادة (168) من قانون العقوبات، هي فقط لفئة «المخربين والإرهابيين»، الذين يتهمون بنشر أخبار كاذبة، وتغريدات مغرضة، وكلمات مسيئة في نظر جهات رسمية، ولا تطال أبداً أولئك الذين ينشرون أخباراً ملفقة، ويبثونها في كل مكان، من خانة «المجهولين» وإن كانوا معلومين ومعروفين، فالمجهولون هنا مفردة لمن لا يطالهم القانون.
المادة (168) لا تطال سعادة المسئول، ولا الصحافي الذي نشر الأكاذيب، حتى اعتادت وزارة الداخلية على تكذيبه في كل مرة، ولا وسائل إعلامية محلية تتعمد تحريف الواقع، وتغيير الحقائق، ليطالها من تكذيب الجهات الرسمية.
المادة (168) لا تطال مسئول حور حقائق ندوة توعوية تثقيفية للأطفال عن مخاطر الهاتف النقال على الأطفال إلى ندوة للتحريض على القتال، ليحرض بذلك على فئة في المجتمع، والدعوة لاستهدافهم، وضربهم، واعتقالهم.
هو القانون الذي لا يطال الجميع، ولا ينال من الجميع، ولا يعامل الناس كأسنان المشط، بل يده مبسوطة على المعارضين، الذين ينتظر منهم الخطأ، ومغلولة على الموالين، الذين يدعون للإكثار من أخطائهم، وتجاوزاتهم، مادام هي تؤيد وتشجع التوجهات الرسمية.
هو القانون الذي لا يطال مغردين معروفين، ولا يحرك ساكناً في أكثر من 30 شكوى مقدمة من قبل «شباب الفاتح» بتهمة القذف والتشهير، حتى وإن تطور ذلك للتهديد العلني بالسلاح.