قال المرصد البحريني في بيان له اليوم السبت إن "المناخ السياسي والحقوقي في البحرين ساده الم كبير لما نتج عن الاجتماع الذي دعا إليه نواب الشعب (المجلس الوطني) لاتخاذ قرارات انتقامية تهدف لوقف استمرار أفراد الشعب في طلباتهم العادلة للديمقراطية والحقوقية".
وشكك المرصد في دستورية إنعقاد المجلس الوطني مبيناً أن "يشكل الدستور السلطات الثلاث في الدولة ويرسم حدود كل سلطة حتى لا تبغي سُلطة على أخرى ولا تتنازل سلطة عن صلاحياتها لأخرى إلا كما رسمه الدستور، محددا نطاقه موضوعيا وزمنياً وأن الدستور حدد الحالات التي يجوز أن ينعقد فيها المجلس الوطني وهي: إما افتتاح دور الانعقاد العادي أو عرض برنامج الحكومة سابقا قبل التعديل الأخير أو مناقشة مشروعات القوانين المختلف عليها في القراءة الأولى أو الثانية بحسب الأحوال أو في الأحوال التي يرى فيها الملك ذلك أو الحكومة ، أي لا يكون بطلب المجلس".
وقال المرصد: "من الجانبٌ الإجرائيٌ ليس من بين اختصاصات المجلس الوطني عقد جلسات للمناقشة العامة، وهو الاختصاص الذي رفضت الحكومة تمكين مجلس النواب منه قبل التعديلات الدستورية الأخيرة بحجة أن هذا الاختصاص لا يثبت إلا بنصٍ دستوريٍ، وما لا يثبت للنواب لا يثبت لغيرهم من بابٍ أولى أو على الأقل لذات التعليل الذي ساقته الحكومة في مواجهة مجلس النواب حينذاك".
وأضاف المرصد: "فلم تكن حالة طلب المجلس من الملك دعوته للانعقاد من بين الحالات التي لها سند من الدستور بحيث إذا طلب أي من المجلسين أو كلاهما أو أعضائهما ذلك صادف طلبه صحيح ما قرره الدستور بما يعني أن عقد جلسة للمناقشات العامة كانت مخالفة صريحة للدستور، وبذلك يكون المجلس الوطني بما يمثلة من سلطة التشريع قد اثبت انه أداة طيعة في يد السلطة التنفيذية بما ينفي عن صفة الاستقلالية، وبما ينفي وجود فصل بين السلطات في مملكة البحرين وبما يؤكد انه لا يمثل بشكل حقيقي تطلعات الشعب".
ورأى المرصد أن "نزوح المجلس الوطني إلي المستوى الذي لبى فيه جميع طلبات السلطة التنفيذية التي دعت إلي انعقاد المجلس بغية تغليظ العقوبات وإطلاق يد الأجهزة الأمنية نحو مزيد من العقوبات الجماعية ومزيد من الاعتقالات والتعذيب والتنكيل وسحب الجنسيات والأحكام القاسية ونحو تأطير الأفعال المخالفة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونسف مبادئ العهديين الدوليين للحقوق السياسية والاجتماعية".
وأشار المرصد إلى أن معيبا تمرير التوصيات دون تدقيق مع شمولها علي أمور مخالفة لابسط قواعد العمل التشريعي وخصوصا تفويض السلطة التنفيذية وملك البلاد في القيام باصدار مراسيم بقوانين في فترة غياب المجلسين، خصوصا التوصية بتشديد العقوبات في القانون رقم 56 حماية المجتمع من الاعمال الارهابية للعام 2006 والتي هي اصلا عقوبات مشددة بموجب ذات القانون وتفضي اغلبها الي الحكم بالاعدام او بالمؤبد وهو مخالف لتوصيات مجلس حقوق الانسان ولاتفاقيات الامم المتحدة.
وقال: "ان تخويل السلطة التنفيذية في ادخال عقوبات تكميلية اضافية لقانون العقوبات مقصوده سحب الجنسية هو امر بالغ الخطورة ومخالف للقانون الدولي ولتعهدات البحرين خصوصا العهدين الدوليين التي تمنع انعدام الجنسية كما انه مخالف لمبدا شخصية العقوية حيث ان اثار سحب الجنسية يمتد ليعاقب ابناء و عائلة المسحوبة جنسيته".
وذكر المرصد أن "التوصية الصادرة من المجلس الوطني بمنع الاعتصامات والمسيرات والتحريض ضد الجمعيات السياسية هو اخلال واضح لمسئوليات ومهام المجلس الوطني الذي يفترض فيه دعم الحريات وحقوق الانسان خصوصا الحق في التجمع السلمي والتعبير عن الرأي السياسي وتكوين الجمعيات علي اختلاف توجهاتها كما ان الدعوة الي فرض حالة السلامة الوطنية بما حملت من ماسي علي شعب البحرين وبما شكلته من ردة وتراجع خطير في الوضع الحقوقي والانساني مارست فيها السلطة القمع والارهاب ضد المواطنين ولقد نالت البحرين بسببه العديد من الانتقادات والادانات الدولية وهو ماجعل امر تقصير مدتها الي شهرين ونصف في محاولة للخروج من ذلك المنزلق الخطير الذي افضى الي حالة من انعدام الامن وتمزق النسيج الاجتماعي وتردي في الاحوال المعيشية والاجتماعية فتراجعت الخدمات الصحية والتربوية".
وأسف مرصد البحرين لحقوق الانسان للمستوى المخجل والمزري الذي تدنت له لغة الخطاب السياسي لدى بعض النواب وافتقادهم ابسط مبادئ وقواعد العمل البرلماني وافتقادهم اصول التخاطب امام وسائل الاعلام وفي المجالس النيابية وقيامهم بوصف المطالبين بحقوقهم المشروعة والعادلة بالكلاب وهو امر بالغ الخطورة وشكل تجاوزاً خطيراً في الخطاب و تحريضا ضد مكون رئيسي برعاية رسمية من الدولة.
وثمن المرصد اصوات الحكمة التي خرجت من المجلس والداعية الي صيانة حقوق الانسان ووقف التحريض الطائفي والاستماع الي صوت العقل والحكمة والبدء في حوار منفتح وشامل وذوو مغزى يهدف الي الخروج من الازمة السياسية والحقوقية التي تمر بها البلاد منذ اكثر من 30 شهرا.
وقال المرصد: "لقد ظهر جليا خلال الفترة المنصرمة ان كل اساليب القهر والقتل والابعاد والتشطير الطائفي لم تكن نافعة او مجدية الامر الذي يقتضي ان يعي اعضاء السلطات الثلاث في البحرين بان الحل يكمن في طرق اخرى ووسائل اخري بديلة لم تجربها السلطة خلال هذه المدة مما ينبغي تغيير هذه السياسات بما يخرج البلاد من مأزقها الحقوقي بسبب الحلول الامنية".
وأضاف: "وجهت السلطة كل إمكانياتها لخدمة أهدافها وكرست الدولة كافة إمكانيات أجهزتها الأمنية لقمع التظاهرات ولم تتوانى عن استخدام شتى أساليب القوة والقمع ضد المتظاهرين فاستخدمت قوات درع الجزيرة وقوة دفاع البحرين والحرس الوطني وجهاز الأمن الوطني ووزارة الداخلية والقوات الخاصة وكافة أجهزة الدولة من محاكم ووزارات من أجل قمع الانتفاضة الشعبية السلمية ورفض المطالبات وكانت النتيجة لكل ذلك من الاستخدام المفرط للقوة والعنف أن المطالبات لا تزال باقية بل ارتفع سقف المطالب عن ذي قبل عند بدء الانتفاضة وكانت النتيجة الطبيعية لتلك الممارسات هي خسائر كبيرة علي كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وعلي المستوي الإنساني أرواح فقدت وكفاءات سجنت وشردت ونفيت وفصلت من أعمالها مما نتج عنه خسارة جسيمة وبالغة للشعب البحريني".
ورأى المرصد ان كل ذلك "يجعل من اقتصاد البحرين أمام خيارين إثنين، الإصلاح السياسي بما يضمن اعادة عجلة الإنتاج الى الدوران، أو الموت ببطء فالوضع المعيشي المتدني والرغبة القوية لدى المواطن البحريني في رفع المستوى المعيشي والمادي في جميع مجالات حياته وتشعباتها وانهاء البطالة مطلب حساس ودائم لدى المواطنين إذ تسهم البطالة في اشعال الأزمة سياسية والاقتصادية والاجتماعية وبالتاكيد زيادة الرواتب وايجاد اعمال والحصول على منزل وعمل وحياة مناسبة هي حاجات حاضرة لدى عامة المتظاهرين لكن هذا ليس هو السبب الرئيسي لقيام الحركه الجماهيريه في البحرين وعدم حل هذه المشكلات لن يجلب الاستقرار لان والقسوة التي ردت بها الدولة على المحتجين ساهمت في رفع سقف مطالباتهم التي ارتكزت اساسا على الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والمشاركة في صنع القرار".
وطالب المرصد بوقف العمل بالتوصيات كي لا تجر الدولة الى دومة جديدة من العنف، ووقف اطلاق العنان لكل الأجهزة الأمنية ووقف ممارسة القمع والتنكيل و التعذيب.
ودعا إلى السير في اتجاه بتنفيذ توصيات اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق (توصيات بسيوني) وتوصيات التي خرج بها مجلس حقوق الإنسان في جنيف لانها تمثلا حلال يخرج البلاد من مأزقها مع تغليب لغة العقل والخطاب المعتدل والمتوازن والبدء بناء الدولة الحقيقية القائمة على أسس العدالة والمساواة والتسامح و يتمنى مرصد البحرين لحقوق الانسان العودة للحوار والدفع به إلى الأمام عن طريق تمثيل جاد للسلطة ، انطلاقا من أن الحوار الوطني الجاد هو السبيل الأمثل لحلحلة كل القضايا والحفاظ على اللحمة الوطنية.
03/08/2013 م
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.