أن مملكة البحرين تمر بمرحلة تاريخية مهمة في ظل تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية وارتفاع وتيرة الحل الامني وفي ظل ظروف مقلقة تحيط بالمنطقة مع غياب أفق الحل السياسي الحقيقي الذي يمثل الطريق الوحيد للخروج بالبحرين إلى بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تقوم على أسس احترام حقوق الانسان والمواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية، وأننا ومن منطلق المسئولية الوطنية التي تفرضها الظروف الإنسانية والسياسية، نستشعر الحاجة في هذا الظرف التاريخي إلى أن نحدد ملامح المشروع الوطني الذي يمتلك الأسس الحقيقية لبناء الوطن.
أولا: العدالة والمساواة والشراكة السياسية
نؤمن بأن العدالة والمساواة والشراكة لكل فئات المواطنين هي المحدد الوحيد لكل مقومات الحل السياسي وأي حديث خارج سياق المصلحة الوطنية العليا والبحث عن مصالح خاصة أو مصالح لفئة أو مجموعة أو عائلة أو طائفة هو تدمير للوطن واستمرار في غياب الدولة وهو غير قابل للحياة، ونعتقد ضرورة التزام كل الأطراف في السلطة والمعارضة بسقف المصلحة الوطنية التي توفرها المساواة والمواطنة والعدالة وان يعطى كل مواطن كامل حقوق المواطنة السياسية والاقتصادية والخدماتية وان يبنى النظام السياسي على أساس الحقوق المتساوية والدولة المدنية وان يفصل الدستور والقانون وفق ذلك.
ثانيا: المطالب السياسية
أن البحرين تمر بأزمة دستورية منذ تجميد دستور ١٩٧٣ وكرسها وعقدها صدور دستور ٢٠٠٢ بإرادة منفردة، ولكن الحراك الشعبي الذي انطلق في ١٤ فبراير ٢٠١١ بعد انطلاق الربيع العربي الذي عبر عددا من البلاد العربية ووصل إلى البحرين كان كبيرا جداً وقد كان هبة شعبية حملت مطالب شاملة مشروعة وعادلة وطبيعية وهي تنسجم مع المطالبات الوطنية المشروعة التي عبرت عنها سلسلة من الانتفاضات والتحركات الجماهيرية على مدار عقود من الزمن وتقع ضمن ما تقره المقررات والمواثيق الدولية، في المطالبة ببناء الدولة وفق اسس العدل للجميع والكرامة للجميع والديمقراطية الحقيقية، لان الواقع البحريني يعاني من تراكم المشكلات الدستورية والقانونية والتهميش الكبير للإرادة الشعبية وبروز ملفات مقلقة جداً للمواطن البحريني تتعلق بهويته وكرامته ولقمة عيشه بدءًا من غياب الإرادة الشعبية والتمييز الفاحش والتجنيس والفساد المالي والإداري والأخلاقي وتدني المستوى المعيشي وغياب الحياة الكريمة وسرقة المال العام والأراضي والسواحل والبحار وأملاك الدولة والمخططات التدميرية الكبرى كتقرير البندر والتجهيل والشللية.
ورغم حملات التشويه والتضليل التي ساهمت فيها السلطة وجهات خارجية داعمة لها، بقى واضحا وجليا أمام كل المنصفين في العالم أن شعب البحرين يعاني بشكل فاحش من التسلط والاستبداد والغياب المطلق لإرادته وهو محروم حتى من المطالبة بحقوقه ويتعرض لأبشع الانتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان عندما يرفع صوته ليعبر عن مطالبه وظلاماته.
وقد استندت مطالب شعب البحرين على اهم وثيقة دولية هي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي وقعت عليه البحرين والذي ذكر في المادة ٢١ منه بند ١ لكل فرد الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده أما مباشرة وأما بواسطة ممثلين يختارون اختياراً حراً وبند ٢ لكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تقلد الوظائف العامة في البلاد وبند ٣ ان إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة ويعبر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة ، وكذلك ما أشارت له المادة ٢٥ من العهدين الدوليين الذي وقعت عليه البحرين كذلك.
ثالثاً : الحل لجميع البحرينيين
ان الحل والمخرج للازمة السياسية الذي تطرحه كل القوى المعارضة والمجاميع والتيارات والشخصيات من مختلف المكونات هو حل لجميع البحرينيين بلا استثناء وليس فيه غلبة لأي طرف ولا يمكن ان يكون إلا من اجل كل مواطن وينصف كل مواطن ويكون فيه كل البحرينيين سواسية وحقوقهم متساوية ولا حل إلا عبر ما يتوافق مع المقررات والمواثيق الدولية ووفق صيغة دستورية وإجراءات قانونية عادلة تقدم حلا حقيقيا لكل البحرينيين من شأنه تكريس الوحدة الوطنية والعيش بتآلف ومحبة بين كافة أبناء الوطن الواحد.
وقد قدمت المعارضة مشروعها للحل السياسي في وثيقة المنامة التي أكدت فيها على رؤيتها للحل والمتمثل في: حكومة منتخبة تمثل الارادة الشعبية، وسلطة تشريعية منتخبة كاملة الصلاحيات التشريعية والرقابية، ودوائر انتخابية عادلة يترجمها نظام انتخابي عادل يعطي صوت لكل مواطن، وقضاء مستقل ونزيه وغير مسيس، وأمن للجميع.
رابعا : الحل السياسي وليس الخيار الأمني
استمر النظام ولمدة تصل إلى ثلاثين شهراً في استخدام الخيار الأمني المتشدد عبر أدوات القمع والترهيب منذ بدايات الحراك في فبراير 2011 ، ووظف كل إمكانيات الدولة ومؤسساتها في خدمة الملف الأمني في التعامل مع المطالبين بالحقوق وفقد المواطنون الثقة في كل المؤسسات الرسمية ولم تعد هناك أدنى ثقة في أي من هذه المؤسسات وعلى رأسها القضاء والمؤسسات الأمنية والعسكريةوالإعلام وتبعتها كل المؤسسات التعليمية والصحية والخدمية التي تحولت إلى أدوات في خدمة الحل الأمني. وقد وثق تقرير اللجنة البحرينية لتقصي الحقائقعشرات الآلاف من الانتهاكات خلال ٣ اشهر فقط وهي الذي وثقت فقط وما وثق كبير وما حدث بعد التقرير المذكور أكبر، حيث استمرت الانتهاكات على مدى ٣٠ شهراً وهي مستمرة حتى الآن.
ان الخروج بالبحرين من الواقع المأزوم يتطلب وقف الخيارات الأمنية والعمل على تبني الحل السياسي القائم على الشراكة وليس الاستفراد في الحل.
خامساً : نحتاج لأعلام تصالحي وليس لإعلام تحريضي
عملت الدولة بكل مؤسساتها الإعلامية الرسمية والممولة من النظام واستحدثت مزيداً من الأذرع الإعلامية والصحافية، لترويج الكذب والعمل على اختلاق الفتن المذهبية دون توقف وفي ظل انعدام تام للمهنية والقيم والأخلاقيات الإعلامية وممارسة كل الأدوار الهابطة أخلاقيا واجتماعيا مع غطاء كامل من النظام، وهو ما خلق معادلة العداء للشعب وبنى حواجز كبيرة من فقدان أي بصيص امل من الثقة في السلطة القائمة.
سادسا : السلمية في الاحتجاج والتظاهر
الحراك الجماهيري الشعبي الكبير في البحرين حمل شعار السلمية منذ اليوم الأول وتبنى هذا الشعار في كل حراكه واحتجاجاته، وقد تم مواجهة هذه السلميةبالقمع والعقاب الجماعي والقتل بالرصاص والدهس وتحت التعذيب والاختطافات والاعتداء على النساء وهدم المساجد وهتك حرمات البيوت، ومع ذلك بقى الحراك الشعبي سلميا كما بدأ، وحدثت ردات فعل أخذت طابع العنف في الشارع ولكن ليس على مستويات جماهيرية، وقد عبرت المعارضة عن رفضها وأدانتها لهذه الأشكال وهي متمسكة بمواقفها في رفض العنف من أي طرف والتأكيد على الخيار السلمي الذي لازال هو السمة البارزة للتجمعات والتظاهرات الجماهيرية الحاشدة التي لم تتوقف منذ ٣٠ شهراً من الحراك الشعبي.
سابعا : الجهوزية لأي مشروع سياسي حقيقي
أعلنت قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية تجاوبها مع كل دعوات الحل السياسي منذ بداية الحراك وأولها مبادرة ولي العهد في ١٣ مارس التي تضمنت البنود السبعة، وشجعت كل الأفكار والمقترحات الصادرة من الداخل أو الخارج لحل الأزمة عبر حل سياسي ديمقراطي حقيقي، وتجاوبت مع حوار التوافق الوطني الأول رغم غياب كل مقومات النجاح في حدها الادنى، كونه لم يكن جادا وليسحواراً أصلا، ثم تجاوبت مع دعوة الحوار الثاني الذي افتقد لمقومات النجاحالحقيقية، وقد تعاملت مع لجنة تقصي الحقائق بمنتهى المهنية وقدمت لها كل ما تستطيع من خدمات، وتجاوبت مع دعوة التفاهمات التي دعا لها وزير العدل وكل ذلك يكشف عن حرص وإصرار قوى المعارضة على الحل السياسي الذي ينقل البحرين إلى واقع جديد يوفر نظاما سياسيا حقيقيا نابع من إرادة الشعب، وبذلك تبقى الاستجابة متوفرة لأي مشروع حل سياسي حقيقي يوفر العدالة والديمقراطية للبحرينيين وأي حل خلاف ذلك لن تذهب فيه قوى المعارضة ولن يكون له أي اثر إيجابي بل سيزيد من الاحتقان والسخط على النظام وسياساته.
ثامناً : رسائل متفرقة
إلى شركاء الوطن: لم يطالب أي من القوى الوطنية المعارضة على مدار عقود طويلة من النضال بحق خاص أو بمطالب فئوية، فمطالب التسعينات السياسية جاءت بحلول ليس فيها إقصاء لأحد كونها تمثل مطالب سياسية عادلة ومطالب شعب البحرين اليوم هي مطالب لتحقيق العدل والديمقراطية والكرامة وهي مطالب سياسية وطنية جامعة وليست فئوية، كما أنها ليس بمقاس فئة معينة من الناسوإنما بمقاس كل بلد يتوق للديمقراطية والعدالة والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولا تمس حق أحد ولا تسلب حق من حقوق احد وإنما تعطي لكل مواطن حقوقه الكاملة وهي تمثل المستقبل الطبيعي لكل بلد يعاني من التخلف والرجعية والاستبداد والتوزيع غير العادل للثروة، لان هذا هو المخرج الطبيعي لنداءات الناس ومطالباتهم بالتغيير. أن القوى الوطنية المعارضة تؤكد على تمسكها بحلول سياسية وطنية جامعة تكرس وحدة الشعب الوطنية على أسس من العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات.
إلى اشقائنا في دول الخليج : البحرين دولة عربية مسلمة ونحن جزء من منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعايشنا بكل حب ومودة كأبناء إقليم واحد تربطنا علاقات تاريخية وثيقة وقائمة على الدين واللغة والتاريخ والثقافات المشتركة والعادات والتقاليد المتداخلة. وحيث ان لكل شعب من دول المنطقة مطالبه وهمومه المختلفة، فأن ما يجري في البحرين يعد حاجة ملحة لشعب البحرين وهي حقوق طبيعية عادلة تتعلق بحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية والديمقراطية الحقة.
إلى البلاد العربية والإسلامية: البحرين جزء من الوطن العربي الكبير، وهي تنتمي الى عالمنا الاسلامي ونشكل جزء منه، وهذه رسالة إلى كل مكونات عالمنا العربي والإسلامي من أنظمة وأحزاب ومنظمات وشعوب، نحن في هذا الوطن شعب يناضل من أجل مطالب عادلة ومشروعة تقرها كل المواثيق الدولية وتتمثل فيالعدل والكرامة والديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، وليس لنامطالب خاصة لجهة أو فئة أو جماعة، بل ان كل ما نطالب به هو العيش بحرية وكرامة وإنسانية وعدالة وان يكون الشعب هو مصدر السلطات بعيدا عن الاستبداد والتسلط وغياب الدولة الحقيقية. ونحن ندعو الشعوب العربية والإسلامية والقوى السياسية فيها لدعم مطالبنا وفقا لهذه الرؤية,
إلى الدول الكبرى: ان شعب البحرين يطالب بالديمقراطية التي تعيشون تحت مظلتها في بلادكم وهو يتعرض لكل أنواع القسوة والبطش بسبب مطالبته بها،ونحن لا نقبل أن نستعدي أحد للتدخل في شئون بلدنا، ولكنكم تتحملون مسئوليةادبية وأخلاقية عن ما يجري من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في البحرين كما تستوجب تلك المسئولية دعم المطالب المشروعة لشعب البحرين، والتي تشكل جزءً من قيمكم في التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان، وهو مطلب شعب البحرين الذي يدفع ثمناً باهظا على مرأى ومسمع منكم.
جمعية الوفاق الوطني الاسلامية
جمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد"
جمعية التجمع القومي الديمقراطي
جمعية التجمع الوطني الديمقراطي الوحدوي
جمعية الاخاء الوطني
25/7/2013