نعم سأعتذر!
هاني الفردان
نعم سأعتذر، وباختصار، بعد أن غُدر بكم فجراً وأنتم نيامٌ في الدوار.
نعم سأعتذر، لسفك دماء الصغار والكبار.
نعم سأعتذر لأني شاهدت ذلك المقطع الذي قتل فيها الشهيد بوحميد، ولم أفهم.
نعم سأعتذر لأني رأيت رأس الشهيد فرحان وعبدالحسن منفجرين، ولم أتعظ.
نعم سأعتذر، لتعذيبكم، وقتلكم في السجون.
نعم سأعتذر، فقد سقط منكم الكثير من الشهداء.
نعم سأعتذر، فقد غضضت البصر عن قتل النساء، وسجنها، وهتك أعراضها، ولم أتحرك.
نعم سأعتذر، لأن مساجدَ هدمت، وبالجرافات سويت، ولم أستنكر.
نعم سأعتذر، لأن السجون مُلئت منكم.
نعم سأعتذر، لتلفيق القضايا، وكثرة الأحكام.
نعم سأعتذر، لأن القانون لا يطبق على الجميع.
نعم سأعتذر، لأنكم تحكمون بعشرات السنين، ومعذبينكم مكرمين.
نعم سأعتذر، لتعليق المشانق في كل مكان.
نعم سأعتذر، لحرمانكم أيضاً من التوظيف.
نعم سأعتذر، لفصلكم من أعمالكم وقطع أرزاقكم ومنع قوت أبنائكم.
نعم سأعتذر، لملاحقة كوادركم من مسئولين، وأطباء، ومعلمين، ورياضيين ومحامين وغيرهم.
نعم سأعتذر، لمداهمة منازلكم، وسرقة أموالكم.
نعم سأعتذر، لشتمكم وسبكم علناً في وسائل الإعلام.
نعم سأعتذر، لوصفكم بالخونة والصفويين والمارقين والأنجاس والكفرة.
نعم سأعتذر، لإغراقكم في كل يوم بالغازات والسموم.
نعم سأعتذر، لحرمانكم من البعثات.
نعم سأعتذر، لملاحقتكم حتى في المستشفيات.
نعم سأعتذر، لفصل حتى الأطفال من المدارس والروضات.
نعم سأعتذر، لكثرة نقاط التفتيش في شوارعكم ومداخل قراكم.
نعم سأعتذر، لسحب جنسيات أخوتكم.
نعم سأعتذر، عن تحويل بلدكم إلى أقفاص مسيجة.
نعم سأعتذر، فلكل واحدٍ منك قصة، يجب أن أعتذر له فيها، ولكل منكم رواية لم أسمعها، ولكل منكم مأساة لم أفهمها، ولكل منكم ذكرى لن ينساها، ولكل منكم حقٌ لن يتخلى عنه.
نعم سأعتذر، لا لأحد إلا لك يا شعبي العظيم، يا من سُفكت دماؤه، وهتكت أعراضه، واستبيحت حرماته، وهدمت مساجده، واعتقل أبناؤه، نعم أنت وحدك من يستحق الاعتذار، أنت وحدك من يستحق التحية والإكرام.